بايدن يطالب بتحقيق في أسعار البنزين لمواجهة انتقادات الجمهوريين

time reading iconدقائق القراءة - 8
الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض - REUTERS
الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض - REUTERS
دبي-الشرق

دعا البيت الأبيض الأربعاء، إلى إجراء تحقيق في أسعار البنزين، مشيراً إلى "الاختلافات" بين أسعار النفط وما يدفعه المواطنون في محطات البنزين، وذلك بعد انتقادات متكررة من الجمهوريين لارتفاع أسعار الطاقة، وسياسات الرئيس جو بايدن في ذلك المجال. 

وذكر موقع "ذا هيل" الأميركي، أن الدعوة جاءت في رسالة وجهها مدير المجلس الاقتصادي الوطني بريان ديس، إلى رئيس لجنة التجارة الفيدرالية (FTC) لينا خان، يطلب منها النظر في أي سلوك غير قانوني محتمل أو ممارسات مناهضة للمنافسة حدثت.

وقال ديس في رسالته إنه خلال الصيف الجاري ظهرت اختلافات بين أسعار النفط وتكلفة البنزين في المضخات.

وأضاف: "في حين أن العديد من العوامل يمكن أن تؤثر في أسعار الغاز، فإن الرئيس (جو بايدن) يريد التأكد من أن المستهلكين لا يدفعون المزيد مقابل الغاز بسبب الممارسات المناهضة للمنافسة أو غيرها من الممارسات غير القانونية".

وطلب مدير المجلس الاقتصادي الوطني من لجنة التجارة الفيدرالية النظر في ما وصفه بـ"ظاهرة غير متكافئة"، ترتفع فيها أسعار البنزين بسبب أسعار النفط، بسرعة أكبر من انخفاضها حين تنخفض الأسعار.

ارتفاع الأسعار

تأتي الرسالة في وقت شهد ارتفاعاً بأسعار النفط والبنزين خلال الأشهر الأخيرة، مع تخفيف القيود المفروضة بسبب جائحة فيروس كورونا، وبدأ الناس في السفر أكثر.

وأصدرت وزارة العمل الأميركية الأربعاء بيانات جديدة، أظهرت أن أسعار البنزين ارتفعت خلال العام الماضي أكثر من أسعار الطاقة بشكل عام، مع ارتفاع البنزين بنحو 42% بينما ارتفعت أسعار الطاقة 24%.

وبلغ متوسط سعر البنزين في الولايات المتحدة 3.185 دولار للجالون، وهو في مستويات هي الأعلى منذ أواخر أكتوبر 2014، بحسب بيانات جمعية السيارات الأميركية. بينما تبلغ أسعار النفط الخام الأميركي نحو 68 دولاراً للبرميل.

وتأتي الرسالة بينما وجه قادة الحزب الجمهوري انتقاداً لسياسات الحزب الديمقراطي مراراً، بشأن ارتفاع أسعار المحروقات والتضخم بشكل عام، في محاولة لانتقاد أجندات الرئيس بايدن في الاقتصاد والطاقة، بينما جادل الديمقراطيون بأن هذا جزء من النمو الاقتصادي، وأشاروا إلى زيادة الأجور وتوافر الوظائف.

دعوة "أوبك +" لزيادة الإنتاج

وفي سياق متصل، دعا مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان، منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها، أو ما يعرف باسم تحالف "أوبك+"، إلى زيادة إنتاج النفط، في مسعى لكبح ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة.

وقال سوليفان، في بيان، إن "تكلفة البنزين المرتفعة، إذا تُركت بلا مراقبة، تخاطر بإلحاق الضرر بالانتعاش العالمي المتواصل"، لافتاً إلى أن "سعر النفط الخام أعلى مما كان عليه في نهاية عام 2019، قبل ظهور الوباء"، وأن "الرئيس بايدن أوضح أنه يريد أن يحصل الأميركيون على طاقة موثوقة وميسورة التكلفة، بما في ذلك في المضخات".

وفي إعلان صريح عن عدم الرضا عن زيادات إنتاج الخام الأخيرة التي اتفق عليها التحالف، قال سوليفان إن "هذه الزيادات لن تعوض تماماً تخفيضات الإنتاج السابقة، التي فرضتها (أوبك+) خلال وباء كورونا حتى عام 2022. في لحظة حرجة من التعافي العالمي، هذا ببساطة لا يكفي".

ويبدو أن تحرك البيت الأبيض للجم جماح أسعار الوقود، محاولة للرد على انتقادات الجمهوريين المتكررة في الأشهر الأخيرة، التي يحاولون بها زيادة حظوظهم في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر 2022.

هجوم جمهوري

وطالما ربط الجمهوريون الأسعار المرتفعة للوقود بسياسات الديمقراطيين، ويروجون لحدوث أزمة تضخم متصاعدة، تتزامن مع بدء الاقتصاد الأميركي في الانتعاش بعد الانخفاض الذي صاحب جائحة كورونا.

ذكر تقرير لموقع "ذا هيل" الشهر الماضي، أن اللجنة الوطنية للكونجرس الجمهوري (تضم أعضاء الكونجرس المنتمين للحزب الجمهوري)، أطلقت خلال عطلة عيد الاستقلال الموافق الرابع من يوليو، مجموعة من الإعلانات الرقمية التي تستهدف إضعاف موقف الأعضاء الديمقراطيين.

وجاء في الإعلان "البرجر، الكعك، البروبان، الغاز، وغيرها من السلع هذا العام، خلال عطلة الرابع من يوليو هي الأكثر تكلفة، لأن السياسات الاقتصادية الضارة للديمقراطيين تجعل السلع اليومية أكثر تكلفة"، في استهداف لنحو 12 نائباً ديمقراطياً في مناطق متأرجحة. ونشر الجمهوريون الأسبوع الماضي إعلاناً جديداً يحمل نفس الرسالة، حسبما أشارت شبكة "فوكس نيوز" الأميركية.

ألقى النائب الجمهوري توم إيمر، وهو رئيس اللجنة الوطنية للكونجرس الجمهوري، باللوم على الإنفاق الحكومي في الأشهر الأخيرة في زيادة تكلفة السلع والخدمات، وقال إيمر في بيان "الأميركيون مجبرون على دفع المزيد للاحتفال بالرابع من يوليو هذا العام، لأن إنفاق الديمقراطيين المهدر أدى إلى ارتفاع التضخم بشكل كبير".

مسؤولية سياسية

وكشفت دراسة أجريت عام 2016 حول معدلات على الموافقة، أو تأييد الرؤساء الأميركيين من جيرالد فورد إلى جورج دبليو بوش، أنَّ كل زيادة بنسبة 10% في أسعار البنزين قلَّلت من الموافقة على تأييد الرئيس بمقدار 0.6 نقطة مئوية، بعد التحكُّم في عوامل أخرى.

إلى جانب أسعار البنزين، يعيش الأميركيون في أكبر موجة ارتفاع لأسعار السلع منذ 13 عاماً، حيث أظهر تقرير نشرته وزارة العمل الأميركية يوليو الماضي، ونقلته وكالة أسوشيتد برس، أسعار المستهلكين في يونيو ارتفعت بنسبة 0.9% عن مايو و 5.4% خلال العام الماضي، وهو أكبر ارتفاع في نسبة التضخم في 12 شهراً منذ أغسطس 2008. وباستثناء أسعار النفط والغاز المتقلبة، ارتفع ما يسمى بالتضخم الأساسي 4.5% في العام الماضي، وهي أكبر زيادة منذ نوفمبر 1991.

لكن الشعور بتأثير ارتفاع النفط قد يختلف بين الديمقراطيين والجمهوريين، بسبب الموقع الجغرافي وأنماط الاستخدام، وبرغم أنَّ سعر البنزين غالباً ما يكون أرخص في الولايات ذات الميول الجمهورية الواقعة في الجنوب، بالمقارنة مع معاقل الديمقراطيين، مثل: كاليفورنيا، ونيوجيرسي، ونيويورك؛ فإنَّ الأسر بالمناطق الريفية يتنقلون لمسافات أطول، مقارنةً بالأسر في المناطق الحضرية والضواحي.

وقال زعيم الأقلية الجمهورية في مجلس النواب كيفين مكارثي الشهر الماضي:"في حين نتوجه إلى عطلة نهاية الأسبوع، بعد ستة أشهر فقط من تولي إدارة بايدن، لدينا أعلى أسعار للجازولين منذ سبع سنوات، إذ أراد الكثيرون أن يسافروا.. أعتقد أنَّ الشعب الأميركي يريد المزيد. يريدون السيطرة على التضخم، ويريدون أن يكون سعر الجازولين في متناول أيديهم أيضاً".

ووصف النائب الجمهوري عن غرب آيوا، راندي فينسترا، في كلمة أمام مجلس النواب يوليو الماضي سياسات بايدن بأنها بمثابة "هجوم على الريف الأميركي، وريف آيوا".

بحسب تقرير سابق لشبكة "بلومبرغ"، يرى ديفيد وينستون، خبير استطلاعات الرأي والاستراتيجي الجمهوري والمتخصص في مسائل الرأي العام، أنَّه لكي تكون الأسعار "مسؤولية بايدن"، يجب على الجمهوريين القيام بعمل أفضل في ربطها بسياساته، ويقول متسائلاً: "إنَّها أكثر من مجرد تكلفة البنزين الخام، هل قام بأشياء من منظور السياسة أدت إلى ارتفاع التكلفة، ليس بسبب مد وجزر أسعار البنزين؟.. إذا قرر الناس وجود صلة، فهذه هي المشكلة".

وأضاف ونستون: "لكن إذا ظلَّت أسعار البنزين مرتفعة حتى الخريف، فقد يبدأ الناخبون في تحميل بايدن المسؤولية، هذه نقطة بداية، إذ يقوم الناس بتقييم ما يحدث مع أسعار البنزين.. لا أعرف أنَّ هناك رقماً سحرياً في حدِّ ذاته، ولكن ربما يكون أقرب إلى 4 دولارات للجالون".

وكان ملف أسعار النفط يشغل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، حيث طالب أكثر من مرة منظمة "أوبك" بخفض الأسعار، وقال في تغريدة نشرها على موقع "تويتر"، في الـ20 من سبتمبر عام 2018، متوجهاً إلى دول المنظمة: "تذكروا يجب أن تخفضوا أسعار النفط الآن".