
تكثف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب جهودها للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، عبر حملة واسعة يقودها وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي ماركو روبيو، من شأنها تصعيد الضغط العسكري لمحاولة إجباره على التنحي، حسبما نقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤوليين مطلعين.
وذكرت حركة معارضة التقى بعض شخصياتها بمسؤولين أميركيين إنها تتواصل مع واشنطن بشأن خطط لتفكيك "البنية الإجرامية" لنيكولاس مادورو، على حد تعبيرها.
ويقود هذا الجهد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يجادل بأن مادورو زعيم غير شرعي يشرف على تصدير المخدرات إلى الولايات المتحدة، مما يشكل "تهديداً وشيكاً".
في الأسابيع الأخيرة، شن الجيش الأميركي هجمات قاتلة على قوارب مدنية، قالت إدارة ترمب إنها كانت تهرّب المخدرات لحساب عصابات فنزويلية. لكن روبيو يصوغ استراتيجية أكثر عدوانية مستخدماً معلومات استخباراتية وفرتها وكالة الاستخبارات المركزية، بحسب ما ذكره المسؤولون.
ويدعم مدير وكالة الاستخبارات جون راتكليف، وستيفن ميلر مستشار ترمب للسياسات الداخلية، نهج روبيو، وفقاً لما نقلته "نيويورك تايمز" عن مسؤولين.
إحكام الخناق
ويخطط الجيش الأميركي لعمليات عسكرية محتملة داخل فنزويلا تستهدف مشتبهين بتهريب المخدرات كمرحلة تالية، على الرغم من أن البيت الأبيض لم يوافق بعد على مثل هذه الخطوة، بحسب ما قاله مسؤولون حاليون وسابقون.
وتهدف تلك العمليات إلى عرقلة إنتاج المخدرات وتهريبها في فنزويلا، إضافة إلى إحكام الخناق على مادورو، بحسب الصحيفة.
ويستشهد روبيو مراراً بلائحة الاتهام، التي أصدرتها وزارة العدل الأميركية عام 2020 ضد مادورو ومسؤولين فنزويليين آخرين في قضايا تهريب المخدرات. ومؤخراً وصف مادورو بأنه "فار من العدالة الأميركية" ورئيس "منظمة إرهابية وإجرامية منظمة استولت على بلد".
في الوقت نفسه، يقول شخصان بارزان في صفوف المعارضة الفنزويلية إن حركتهما كانت تخطط لما بعد سقوط مادورو وتتحدث مع إدارة ترمب بشأن تلك الاحتمالية. لكن واشنطن لم تؤكد هذه الاتصالات، كما أن البيت الأبيض لم يقدّم تعليقاً.
في يوليو، وقّع ترمب أمراً سرياً لا يزال غير معلن يوجّه الجيش الأميركي لاستخدام القوة ضد "الكارتلات" (العصابات) التي صنفتها إدارته كمنظمات إرهابية. وقد بدأ البنتاجون في بناء قوة بحرية كبيرة في الكاريبي. ثم جاءت الضربات الأميركية على القوارب المدنية. وأعلن ترمب عن ثلاث عمليات من هذا النوع في المياه الدولية منذ الثاني من سبتمبر أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 17 شخصاً، من دون تقديم أساس قانوني لهذه الهجمات.
وقال ترمب إن العمليتين الأوليين استهدفتا فنزويليين لكنه لم يذكر جنسية الضحايا في العملية الثالثة. وكانت شبكة NBC قد ذكرت سابقاً خططاً لنقل العمليات العسكرية إلى داخل فنزويلا.
في مايو الماضي، التقى روبيو بخمسة شخصيات معارضة فرّت سراً إلى الولايات المتحدة في ما وصفه بـ"عملية دقيقة". وأشاد بزعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي وصفها بلقب "السيدة الحديدية الفنزويلية" في تكريم هذا العام.
خطط لإسقاط مادورو
وقال بيدرو أوروچورتو، مستشار ماتشادو، في مقابلة إن المعارضة وضعت خطة لأول 100 ساعة بعد الإطاحة بمادورو تتضمن نقل السلطة إلى إدمنودو جونزاليس، الذي خاض الانتخابات الرئاسية ضد مادورو العام الماضي.
وذكر مراقبون مستقلون أن الانتخابات شابها تزوير، وأن جونزاليس، الذي يعيش الآن في المنفى في إسبانيا، هو الفائز الشرعي.
وأضاف أوروچورتو: "ما نتحدث عنه هو عملية لتفكيك بنية إجرامية، ويشمل ذلك سلسلة من الإجراءات والأدوات. يجب أن يتم الأمر بالقوة، لأنه من غير الممكن هزيمة نظام كهذا بغير ذلك".
وتشمل خطط المعارضة إقناع حكومات أخرى باتخاذ إجراءات دبلوماسية ومالية واستخباراتية وأمنية، بحسب قوله.
وقال قيادي آخر في المعارضة الفنزويلية المنفية، طالباً عدم ذكر اسمه لخصوصية المسألة، إنهم يتواصلون مع وكالات أميركية متعددة.
أما وزارة الخارجية الأميركية فأكدت أن الإدارة تركز على محاربة "كارتلات" المخدرات.
وقال تومي بيجوت، نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية: "مادورو ليس الزعيم الشرعي لفنزويلا؛ إنه فار من العدالة الأميركية يقوض الأمن الإقليمي ويسمم الأميركيين، ونريد أن نراه يمثل أمام العدالة".
وأضاف: "الولايات المتحدة منخرطة في عملية ضد كارتلات المخدرات، وأي ادعاء بأننا ننسق مع أي طرف في غير هذا الجهد المستهدف هو كاذب تماماً".
يُذكر أن القانون الدولي يحظر عموماً استخدام القوة في بلد آخر من دون موافقته أو إذن من مجلس الأمن الدولي. لكن حكومة الولايات المتحدة في عهد بايدن اعترفت بجونزاليس فائزاً شرعياً في انتخابات 2024.
خلال ولايته الأولى، دعم ترمب محاولة فاشلة لزعيم معارض آخر للإطاحة بمادورو وفرض عقوبات قاسية على فنزويلا. لكن الجهود الحالية تبدو أوسع بكثير، خصوصاً بسبب الضربات العسكرية الأميركية والتعزيزات.
جهود روبيو
وروبيو، هو ابن مهاجرين كوبيين، وحين كان نائباً جمهورياً عن ولاية فلوريدا، مثّل قوة دافعة وراء جهود الإدارة الأولى لترمب لعزل مادورو، إذ يجادل منذ وقت طويل بأن إزالة مدورو ستضعف الحليف المقرب لفنزويلا، الحكومة الشيوعية في كوبا.
كما أن روبيو وكثير من السياسيين الجمهوريين يدركون تماماً أهمية هذه القضية لدى الناخبين في فلوريدا من أصول كوبية وفنزويلية، الذين يعارض كثير منهم حكومات بلدانهم السابقة.
في عام 2019، دعم روبيو كلاً من جون بولتون، مستشار الأمن القومي وقتها، ومايك بومبيو، وزير الخارجية، في دعم زعيم المعارضة خوان جوايدو، الذي حاول الإطاحة بمادورو.
وبدعم عسكري محدود، حاول جوايدو إشعال انتفاضة لكنها فشلت. كما فشلت محاولة انقلاب في العام التالي خطط لها جندي أميركي سابق في القوات الخاصة.