
قالت جامعة كورنيل الأميركية إنها أوقفت الدكتور إريك تشايفيتس، وهو محاضر يهودي مؤيد للفلسطينيين ومعروف بمواقفه المناهضة لإسرائيل ونشاطه ضدها في الحرم الجامعي، بعدما حاول منع طالب إسرائيلي من التسجيل في مادة كان يدرّسها عن غزة.
وذكرت محامية تشايفيتس لونا دروبي، أن ما يحدث هو أحدث تطور في سلسلة تحقيقات استمرت أشهراً، أجرتها هيئات مختلفة داخل الجامعة، بشأن ما إذا كان تشايفيتس (84 عاماً) قد طرد فعلاً طالب دراسات عليا خلال الفصل الماضي من مادة كان يدرّسها عن غزة، لأنه إسرائيلي.
وينفي تشايفيتس، وهو يهودي وله ابنة وأحفاد يعيشون في إسرائيل، هذه المزاعم، بحسب صحيفة The Nation.
المادة، التي تحمل عنوان "غزة، الأصالة والمقاومة"، كانت قد أثارت انتقادات من سياسيين وناشطين وخريجين، وحتى من رئيسة جامعة كورنيل نفسها التي وصفت توصيف المقرر في رسالة مُسرّبة العام الماضي بأنه "راديكالي" و"منحاز"، بحسب الصحيفة.
أستاذ مؤيد لفلسطين
ويعد تشايفيتس، الذي يتمتع بعضوية دائمة في هيئة التدريس ويشغل كرسي "إرنست آي. وايت" المخصص للدراسات الأميركية والآداب الإنسانية، من أبرز المدافعين عن الفلسطينيين، ويدرّس في كورنيل منذ أكثر من عقدين. وقال إن الجامعة تحاول إسكات صوته في إطار حملة أوسع ضد النشاط المؤيد لفلسطين.
وأضاف تشايفيتس: "من الواضح جداً في هذه المرحلة أن الهدف هو التخلص مني ومن نوعية المواد التي أدرّسها، خصوصاً ما يتعلق بغزة".
وكتبت المتحدثة باسم الجامعة، ريبيكا فالي، في بيان: "إن خطورة الأفعال التي اعترف بها هذا الأستاذ أثناء قيامه بمسؤولياته التدريسية استوجبت إعادة تعيينه مؤقتاً، إلى أن تستكمل كورنيل الإجراء التأديبي".
وأفادت محامية تشايفيتس بأنه خلال الفصل الماضي بدأ بعض الطلاب يشتكون له من أن طالب دراسات عليا في مادة "غزة، الأصالة والمقاومة" يبدو وكأنه يسجّلهم، ربما بهدف "جمع أسمائهم وتعليقاتهم" لترهيبهم.
وتابعت: "نعتقد أن الطالب التحق بالمادة لهذا السبب الوحيد، أي مراقبة الطلاب وربما الإضرار بهم".
وأشارت إلى أن ذلك تبيّن بالفعل بعدما تقدّم عدة طلاب وأعربوا عن قلقهم للأستاذ. وقال تشايفيتس إن طالبة فلسطينية انسحبت من المادة بعدما أخبرته أنها شعرت بالانزعاج والخوف.
وبحسب تشايفيتس، فإن الطالب كثيراً ما كان يحرف النقاش عن المواضيع المقررة، التي كانت تركز حينها على تعريفات الإبادة الجماعية والقانون الدولي المتعلق بحقوق الشعوب الأصلية، ليدافع عن سلوك إسرائيل في حرب غزة ويدخل في جدال مع باقي الطلبة.
وزاد: "من الواضح أنه لم يقرأ النصوص، وكان يسبب تشويشاً".
وأوضح تشايفيتس أنه اجتمع بالطالب في أواخر يناير لمناقشة مخاوف زملائه، وخلال اللقاء طلب منه الانسحاب من المادة، وهو ما حصل بالفعل في الحصة التالية.
طالب من وحدة 8200 الإسرائيلية
وتشير صحيفة The Nation إلى أن الطالب هو أورين رينار، مرشح دكتوراه في علوم الحاسوب، وقد أكد طلاب آخرون في الصف هويته. ووفقاً لحسابه على "لينكدإن"، فقد خدم سابقاً في وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية النخبوية "8200".
وذكرت المجلة أن رينار سجّل المحادثة مع الأستاذ واستخدمها لاحقاً كدليل في شكوى تمييز ضده. ويقول تشايفيتس إنه لم يكن يعلم أنه يتم تسجيل حديثه.
ورد رينار على طلب مقابلة المجلة عبر البريد الإلكتروني قائلاً: "لأسباب تتعلق بالسلامة الشخصية، أقدّر كثيراً عدم نشر أي شيء عن الحادثة. وبعيداً عن الواقعة نفسها، فأنا قلق جداً من مخاطر كشف هويتي على الإنترنت".
وتقول محامية تشايفيتس إن أي إشارة إلى إسرائيل خلال الحوار كانت في سياق الآراء السياسية لا الهوية.
وراجع "مكتب الحقوق المدنية" التابع للكلية القضية في أبريل الماضي، ويدّعي تشايفيتس أن المكتب لم يوصِ بعقوبات، لكنه وجده "مسؤولاً" عن تهمة التمييز.
وبحسب تشايفيتس، أحال المكتب القضية إلى عميد كلية الآداب والعلوم، بيتر جون لووين، الذي أوصى بتعليق الأستاذ لفصلين دراسيين من دون راتب.
وقدّم تشايفيتس استئنافاً إلى لجنة مجلس الشيوخ الأكاديمية المعنية بحرية التدريس ووضعية أعضاء هيئة التدريس.
وفي يونيو الماضي، خلصت اللجنة المكوّنة من 6 أعضاء بالإجماع إلى أنه لا توجد أدلة كافية تدعم مزاعم رينار بشأن التمييز، وفقاً لتقرير حصلت عليه صحيفة The Nation.
وبعد مقابلة تشايفيتس ورينار ومراجعة الأدلة، بما في ذلك نص التسجيل و3 رسائل من طلاب أبدوا قلقهم بشأن رينار، كتبت اللجنة في تقريرها أن العقوبات الموصى بها من عميد الكلية "لم تعد مبررة".
أحد أعضاء اللجنة، الذي راجع نص الحوار وتحدث بشرط عدم كشف هويته لأن الإجراءات سرية، قال إن تشايفيتس تناول آراء رينار بطريقة "غامضة" و"غير مترابطة بشكل خاص".
وأضاف: "لم تكن هناك أدلة واضحة" على التمييز، لأنه لم يتضح ما إذا كان تشايفيتس يقصد التعليق على آراء رينار المؤيدة لإسرائيل أم على هويته كإسرائيلي.