
يقف زعيم الديمقراطيين في مجلس النواب حكيم جيفريز، ونظيره في مجلس الشيوخ تشاك شومر، أمام اختبار سياسي صعب في معركة الإغلاق الحكومي المقبلة، إذ تفرض المواجهة المرتقبة على كل منهما إثبات قدرته على قيادة حزبه في لحظة مفصلية، وفق NBC الأميركية.
وبالنسبة لجيفريز (55 عاماً)، فإنها أول معركة إغلاق فعلية منذ أن تولى رئاسة الكتلة النيابية خلفاً لنانسي بيلوسي قبل عامين ونصف.
وبينما كان يستعد لمعركة تمويلية في مارس الماضي، لم يكن شومر على الخط نفسه وساعد الجمهوريين في النهاية على إبقاء الحكومة مفتوحة.
واليوم، ينخرط جيفريز بكل ثقله في المواجهة مع الرئيس دونالد ترمب والجمهوريين، رغم انتقادات داخلية سابقة بأنه شديد الحذر ويميل إلى الخطاب المكرر.
وأبدى النواب الديمقراطيون حماساً لموقفه الصلب، ففي اجتماع مغلق، الاثنين، تلقى جيفريز وقفتين تصفيقيتين من أعضاء كتلته بعدما جدد التأكيد على أن أي اتفاق مع الجمهوريين يجب أن يتضمن تمويلاً إضافياً للرعاية الصحية، وفق ما نقل ثلاثة نواب لشبكة NBC.
وقالت النائبة الديمقراطية عن ولاية مينيسوتا أنجي كريج، المرشحة لانتخابات مجلس الشيوخ في عام 2026: "أعتقد أن حكيم جيفريز يقف بثبات كامل، وهو مصمم على أن الديمقراطيين سيخوضون المعركة باسم الشعب الأميركي.. فإشعارات التأمين الصحي بدأت تصل، والزيادات في الأقساط بدأت أيضاً، والأميركيون يتوقعون منا القتال الآن".
وأوضحت: "أما الرئيس فهو بحاجة إلى صفقة وهو بارع في عقد الصفقات، وعليه أن يأتي إلينا لإبرامها"، مضيفة: "لطالما قلت إن مجلس الشيوخ لا يمكن أن يكون صفقة رخيصة".
أما شومر (74 عاماً) الذي يقود الديمقراطيين في مجلس الشيوخ منذ 2017، فله خبرة طويلة في معارك الإنفاق، غير أن الموعد النهائي لتمويل الحكومة، الثلاثاء، يمثل له فرصة لتصحيح المسار بعد الانتقادات الشديدة التي طالته من قاعدته الحزبية حين صوّت مع الجمهوريين في أزمة الربيع الماضي، ما أثار شكوكاً بشأن مستقبله القيادي وحتى إمكانية مواجهة منافسة داخلية مستقبلاً.
اختبار صعب لقيادة الديمقراطيين
وقال السيناتور كريس ميرفي (وهو ديمقراطي من ولاية كونيتيكت)، الذي يُنظر إليه كمنافس محتمل على القيادة لاحقاً: "نحن لا نفعل ما يكفي. لا التزام علينا بتمويل تدمير ديمقراطيتنا.
وأضاف: "إذا لم تتضمن هذه الميزانية أي بنود تحد من فوضوية ترمب، فسيتساءل الناس لماذا وقع الديمقراطيون عليها".
وبحسب NBC فإن المعركة الراهنة لا تمثل اختباراً فردياً فقط، بل اختباراً لعلاقة جيفريز وشومر أيضاً، فرغم علاقتهما الجيدة، لا يزالان يتعودان على العمل معاً كقادة.
وبعد انقسام علني في مارس الماضي، يظهران الآن على وفاق أكبر فكلاهما يرفض منح الأصوات الديمقراطية لمشروع التمويل المؤقت الذي يطرحه الجمهوريون ما لم يتضمن مطالبهم الصحية مثل تمديد دعم قانون الرعاية الصحية المعروف بـ "أوباماكير".
لكن القلق ما زال قائماً من احتمال تراجع شومر، فقد اقترح خلال مكالمة مع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ خطة تمويل قصيرة المدى من 7 إلى 10 أيام كخيار طوارئ، ما أثار غضباً داخلياً جديداً قبل أن يعلن تراجعه عنها أمام الصحافة بعد لقائه ترمب.
وقال شومر: "الوقت ينفد. علينا التحرك الآن. لقد أجلنا كثيراً".
وتبقى معركة مجلس الشيوخ أصعب من مجلس النواب، إذ يواجه الديمقراطيون هناك انتخابات 2026 بعدد من المقاعد المهددة، فيما فرص انتزاع مقاعد جمهورية محدودة. وهو ما يجعل أصوات مجلس الشيوخ حاسمة لتفادي الإغلاق.
ولا يزال كثير من النواب غير راضين عن أداء شومر في أزمة مارس الماضي، فيما بدا رهانهم أكبر على جيفريز الذي يحظى بثقتهم.
وقال أحد النواب الديمقراطيين لـNBC، طالباً عدم ذكر اسمه: "لو كان عليّ أن أراهن على من قد يتنازل، فلن يكون جيفريز.. ليس رجلي".
وتاريخياً شكلت معارك الإغلاق لحظات فارقة لقادة الحزب، فقد نجحت نانسي بيلوسي في قيادة الديمقراطيين خلال أطول إغلاق حكومي بين عامي 2018 و2019 في عهد ترمب، ما عزز مكانتها داخلياً وشعبياً. لكن جيفريز لا يملك بعد خبرتها أو حضورها، ولا يُتوقع أن يواجه ترمب وجهاً لوجه كما فعلت هي.
ورغم أن جيفريز كسب إعجاب نوابه بحشدهم في واشنطن لتنشيط الحضور الإعلامي بينما أبقى الجمهوريون المجلس في عطلة، إلا أن بعض الديمقراطيين، مثل السيناتور جون فيترمان، لديهم تحفظات. إذ تساءل: "ما المعركة؟ إدخال ملايين الأميركيين في الفوضى؟ الأفضل أن نفوز بالانتخابات، أليس كذلك؟".
وبحسب NBC قد ترسم المعركة الراهنة على الإغلاق ملامح مستقبل قيادة الديمقراطيين، وتحدد مدى قدرتهم على مواجهة ترمب والجمهوريين في واحدة من أكثر اللحظات السياسية حساسية.