
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، إن روسيا سترد بسرعة إذا ما استفزّت أوروبا موسكو، وسط ما وصفه بحالة "تسليح هستيرية" للقارة، لكنه أكد في الوقت ذاته أنه لا يعتزم مهاجمة حلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي تقوده الولايات المتحدة.
وأضاف بوتين خلال كلمة في الجلسة العامة لنادي "فالداي"، أن بلاده أظهرت أعلى درجات الصمود في مقاومة العقوبات، وأن محاولة الغرب السيطرة على كل شيء وعلى الجميع تسبب ضغوطاً مفرطة وتقوض الاستقرار الداخلي للدول.
وأفاد بأن الوقت قد حان للغرب أن يهدأ ويراجع نفسه ويفهم الواقع ويبني العلاقات بطريقة مختلفة تماماً، مشيراً إلى أن محاولات الدول الغربية لعزل روسيا باءت بالفشل.
وأشار إلى أنه لا أحد في العالم مستعد للالتزام بالقواعد الموضوعة في مكان ما "وراء المحيطات"، لافتاً إلى أن الوضع الراهن الذي يمر به العالم يتطلب استعداداً لكل شيء لأن "المخاطر عالية جداً".
وتابع: "الغرب أثبت عدم استعداده للتخلي عن هيمنته ولم يتمكن من مقاومة إغراء القوة المطلقة".
واعتبر الرئيس الروسي أن جميع المحاولات التي تهدف لإملاء ما يجب على الدول الأخرى فعله باءت بالفشل، وأنه لا توجد ولن توجد أي قوة في العالم يمكن أن تملي على الجميع ما يجب فعله.
وفي رده على ما وصفها بمحاولات الهيمنة الغربية استخدم بوتين المثل الشعبي: "لا يفل الحديد إلا الحديد".
روسيا والانضمام إلى الناتو
وأضاف بوتين أن الاتحاد السوفيتي ثم روسيا أعلنا مرتين استعدادهما للانضمام إلى الناتو، لكن طلبهما قوبل بـ"الرفض القاطع".
وفيما يتعلق بالعلاقة مع أوروبا، وصف بوتين "شعارات" السياسيين الأوروبيين بشأن احتمال نشوب حرب مع روسيا بأنها "هراء"، مؤكداً أن هؤلاء السياسيين "يحاولون تجميل الخلل في البنية الأوروبية من خلال إظهار روسيا كعدو"، كما وصف التصريحات التي تتحدث عن أن روسيا قد تهاجم الناتو بالهراء أيضاً.
التوازن العالمي
وأشار الرئيس الروسي إلى أن روسيا مهمة للمجتمع الدولي باعتبارها جزءاً أساسياً من التوازن العالمي، مؤكداً أن بلاده "تراقب عن كثب العسكرة المتزايدة في أوروبا"، وشدد على أنه "لا أحد يشك في أن الإجراءات الجوابية الروسية على عسكرة أوروبا لن تتأخر".
وفي ما يتعلق بالأمن الدولي شدد بوتين على أن "أمن البشرية يعتمد على قدرتها على مواجهة التحديات"، معتبراً أن "الأمن العالمي اليوم أكثر تعقيداً من ذي قبل".
وأضاف: "من المهم أن نفهم أن الأمن قضية مشتركة، ولا يمكن العثور على الإجابة إلا من خلال البحث الجماعي".
وأوضح أن روسيا كانت مستعدة للعمل مع الشركاء الغربيين، لكنهم "لم يكونوا مستعدين للتخلي عن الصور النمطية"، مشيراً إلى أن "النخبة الحاكمة في أوروبا تواصل الادعاء بشكل هستيري بأن الحرب مع الروس تلوح في الأفق".
وهاجم الرئيس الروسي الموقف الغربي أيضاً تجاه أوكرانيا قائلاً إن "الغرب لا يشعر بالأسف على الشعب الأوكراني، فهو شعب قابل للتضحية به".
وأكد الرئيس الروسي أن "المأساة الأوكرانية هي ألم لنا جميعاً"، مضيفاً: "لو لم يقترب الناتو من حدود روسيا، لكان من الممكن تجنب الصراع في أوكرانيا".
وأوضح أن "رغبة جميع الدول في ضمان أمنها مشروعة، وهذا ينطبق على كل من أوكرانيا وروسيا"، مشيراً إلى أن "القرار النهائي في بناء الأنظمة الإقليمية يعود إلى دول المنطقة".
وتابع: "الوضع في أوكرانيا بالنسبة للدول الأخرى هو وسيلة لتوسيع نطاق سيطرتها وكسب بعض المال"، محملاً أوروبا "المسؤولية الأولى في عدم وقف إطلاق النار في أوكرانيا حتى الآن".
ورأى بوتين أن "التغييرات في الوعي العام بأوكرانيا تحدث، بغض النظر عن مدى غسل السلطات لأدمغة الأوكرانيين"، لافتاً إلى أن "الدور الرئيسي في النصر على النازية يعود للشعب السوفييتي"، وقال: "انظروا فقط إلى حصيلة الضحايا".
وأكد أنه "لو لم تتحول أوكرانيا إلى أداة تدمير في أيدي الآخرين، لكان من الممكن تجنب الصراع".
العلاقات مع الولايات المتحدة
وفيما يتعلق بالعلاقات الروسية الأميركية، شدد بوتين على أن "استعادة العلاقات مع الولايات المتحدة تصب في المصلحة الوطنية الروسية"، مؤكداً أن روسيا "تسعى جاهدة لاستعادة العلاقات مع الولايات المتحدة على نطاق واسع".
وفي ختام تصريحاته، أكد بوتين أن "روسيا لم تتبن قط موقفاً عنصرياً تجاه الدول الأخرى"، مشدداً على أن "وجود تناقضات في العلاقات بين الدول أمر طبيعي".
وأوضح أن روسيا "شهدت العديد من الاضطرابات، لكن بفضل خلفيتها التاريخية فهي مستعدة بشكل أفضل لمواجهة وضع عالمي صعب".