
كشفت شبكة "بلومبرغ" أن وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) تدرس تأسيس وحدة خاصة للصين، في خطوة ستوفر الموظفين والتمويل لتوسيع نطاق التركيز على بكين.
ونقلت الشبكة الأميركية عن مصادر مطلعة، قولها إن "سي آي إيه"، تدرس مقترحات لإنشاء "مركز مهام مستقل للصين"، في تصعيد لجهودها لاكتساب رؤية أوضح (المزيد من المعلومات المتعمقة) بشأن أكبر منافس استراتيجي للولايات المتحدة.
وأشارت المصادر إلى أن الاقتراح يأتي في إطار مراجعة أوسع نطاقاً لقدرات الوكالة بشأن الصين، يجريها مدير "سي آي إيه"، وليام بيرنز، سترفع مستوى التركيز على بكين داخل الوكالة، إذ كانت الصين تُشكل منذ فترة طويلة جزءاً من "مركز مهام لشرق آسيا والمحيط الهادئ".
"أولويات جديدة"
وأضاف ثلاثة مسؤولين حاليين وسابقين اشترطوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن "مراكز المهمات هي كيانات مستقلة تستخدم الموارد من جميع أنحاء وكالة الاستخبارات المركزية، بما يتماشى مع أولويات الوكالة".
وتابعت المصادر: "في الأجهزة الإدارية الاستخبارية، سييسر تأسيس مركز صيني منفصل تأمين عدد الموظفين، والتمويل والاهتمام رفيع المستوى للأنشطة المتعلقة بالصين"، لافتة إلى أن مراكز المهام الحالية تشمل تلك المتعلقة بمكافحة التجسس ومكافحة الإرهاب، والشرق الأدنى.
من جانبها، قالت "سي آي إيه" في بيان: "كما قال المدير بيرنز، الصين هي إحدى أولوياته، ووكالة الاستخبارات المركزية تعمل على تحديد أفضل السبل لتحسين قدرتنا كي تعكس بالقدر الكافي أهمية هذه الأولوية".
وقال ضابط سابق في وكالة الاستخبارات المركزية، طلب عدم الكشف عن هويته، إن "العديد من أفراد الوكالة رأوا منذ فترة طويلة أن ثمة حاجة إلى إنشاء مركز منفصل للصين. لكن على الأقل حتى الآن، لم يكن هناك أحد على استعداد لاتخاذ قرار حاسم لتحقيق ذلك".
وبحسب "بلومبرغ"، على الرغم من أن وكالة الاستخبارات المركزية تهدف إلى تقديم تقييمات استخباراتية مستقلة للرؤساء، فإن الوكالة تتكيف لتعكس الأولويات المحددة في كل إدارة.
في عام 2017، في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترمب، أنشأت وكالة الاستخبارات المركزية مركزاً جديداً لمهام كوريا الشمالية يهدف إلى مواجهة تهديد بيونج يونج المسلحة نووياً. وآنذاك، قالت الوكالة إن المركز سيساعدها على "دمج وتوجيه جهود وكالة الاستخبارات المركزية على نحو أكثر فاعلية".
"مراجعة شاملة"
والخطوة إزاء الصين تعكس الأولوية التي حددها بيرنز خلال جلسة تعيينه في مجلس الشيوخ في فبراير. ووصف الدبلوماسي المخضرم "القيادة العدائية والمفترسة" للصين بأنها أكبر تهديد للولايات المتحدة، قائلاً إن هدف بكين هو "أن تحل محل الولايات المتحدة كأقوى دولة في العالم وأكثرها نفوذاً".
وأضاف بيرنز في حديثه للجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ: "بالنسبة لوكالة الاستخبارات المركزية، سيعني ذلك تركيزاً وإلحاحاً بشكل مكثف، والاستمرار في تعزيز كوادرها المثيرة للإعجاب بالفعل من خبراء شؤون الصين، وتوسيع مهاراتها اللغوية، وتكييف الموظفين وتخصيص الموارد على المدى الطويل".
وقال بيرنز في مقابلة مع "الإذاعة الوطنية العامة" الأميركية (إن بي آر) الشهر الماضي، إن مراجعة الوكالة الأوسع نطاقاً بشأن الصين تدرس أيضاً ما إذا كان سيتم نشر خبراء في الشأن الصيني في مواقع حول العالم، على غرار ما اتبع لمواجهة النفوذ السوفييتي إبان الحرب الباردة.
"طموح" بكين
تأتي المراجعة بعد أن عبر كبار المسؤولين عن مخاوف بشأن "حجم وطموح التجسس الصيني" في الولايات المتحدة.
والعام الماضي قال كريستوفر راي، مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، إن التكتيكات الصينية، بداية من التجسس الإلكتروني إلى التهديدات ضد المواطنين الصينيين الذين يعيشون في الولايات المتحدة، خلقت وضعاً أصبح "فيه الأميركيون يجدون أنفسهم محاصرين من قبل الحزب الشيوعي الصيني".
كما واجهت وكالة الاستخبارات المركزية، ووكالات استخبارات أميركية أخرى تساؤلات بشأن قدراتها على جمع المعلومات في الصين. وفي عام 2017، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أن "الحكومة الصينية أوقفت بشكل ممنهج عمليات تجسس تقوم بها وكالة الاستخبارات المركزية داخل الصين بدءاً من عام 2010".
ومنذ الأسابيع الأخيرة من عام 2010 وحتى نهاية عام 2012، "قتل الصينيون ما لا يقل عن 12 مصدراً تابعين لوكالة الاستخبارات المركزية"، حسبما ذكرت الصحيفة.
كما خلص تقرير صادر عن لجنة الاستخبارات بمجلس النواب في سبتمبر 2020 إلى أن وكالات التجسس الأميركية كانت "تفشل في مواجهة التحديات متعددة الأوجه التي تفرضها الصين، وكانت تركز بشكل مفرط على الأهداف التقليدية مثل الإرهاب أو التهديدات العسكرية التقليدية".
في المقابل، رفض مسؤول في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب التعليق على إمكانية إنشاء مركز المهام، لكنه قال إن اللجنة مسرورة؛ لأن بيرنز بدأ مراجعة لكيفية توجه وكالة الاستخبارات المركزية نحو الصين، وتتطلع إلى النتائج.
اقرأ أيضاً: