
تستعد اليابان لمرحلة سياسية جديدة مع صعود ساناي تاكايشي، المحافظة المؤيدة لسياسات التحفيز الاقتصادي، والتي تتهيأ لتصبح أول رئيسة وزراء في تاريخ البلاد.
وتُعرف تاكايشي بنزعتها القومية وبإعجابها بسياسات "المرأة الحديدية" مارجريت تاتشر وبفرقتها المفضلة "آيرون ميدن" (Iron Maiden) لموسيقى الـ"هيفي ميتال".
وباختيارها زعيمة للحزب الليبرالي الديمقراطي، يراهن الحزب فعلياً على التحول إلى اليمين مجدداً لاستعادة تأييد الناخبين الشباب الذين انجذبوا في السنوات الأخيرة إلى أحزاب شعبوية أصغر، من بينها حزب "سانسيتو" المحافظ المتشدد.
لكن هذه المقامرة قد تنقلب على الحزب إذا بدا وكأنه يعود ببساطة إلى سياسات الإنفاق السهل والدبلوماسية المتشددة التي ميزت عهد مرشدها، رئيس الوزراء السابق شينزو آبي، من دون طرح أفكار جديدة، وفق "بلومبرغ".
ويُتوقع أن تتولى تاكايشي رئاسة الوزراء في وقت لاحق من الشهر الجاري من خلال تصويت البرلمان، بعدما تجاوزت عقبات تمييزية في بلد لم يشهد من قبل قيادة حزبية حاكمة لامرأة.
وذكرت "بلومبرغ" أن صعود تاكايشي إلى قمة السلطة السياسية سيحدث صدى في مجتمع ذكوري يحتل مراتب متدنية في مؤشرات المساواة بين الجنسين على مستوى العالم. لكنها، على غرار تاتشر التي تستلهم منها كثيراً، تحمل رؤى محافظة تبتعد كثيراً عن مواقف التيارات النسوية التقدمية.
وأضافت أن قدرة تاكايشي على ترك إرث سياسي مستدام كرئيسة للوزراء تعتمد بدرجة أقل على تعزيز مكانة النساء، وبدرجة أكبر على قدرتها على استعادة نفوذ الحزب الحاكم الذي يعاني اضطراباً بعد عقود من الهيمنة في مرحلة ما بعد الحرب.
آلة سياسية متقلبة
وقالت مييكو ناكابايشي، أستاذة العلوم السياسية في جامعة واسيدا، لـ"بلومبرغ: "من وجهة نظر المرأة العادية، يمكن وصفها بأنها شخصية محبوبة لدى الرجال الكبار في السن، فهي تعبر عن آراء كبار السن بصوت امرأة، وهذا يسعدهم".
وستعتمد قدرتها على البقاء في قيادة "آلة سياسية متقلبة" تشتهر بالإطاحة السريعة برؤسائها، على مدى سرعتها في توحيد الحزب واستعادة التأييد الشعبي والتواصل مع الناخبين الشباب.
وأوضح توبياس هاريس، مؤسس مؤسسة "جاپان فورسايت" (Japan Foresight)، في مذكرة بحثية، الأحد، إن فوز تاكايشي استند إلى دعم شعبي واسع، بعدما حققت انتصارات في 36 من بين 47 فرعاً محلياً للحزب، وهو ما قد يكون أقنع نواب الحزب الليبرالي الديمقراطي بأنها تملك مفتاح توحيد صفوفه.
وستحتاج تاكايشي إلى توسيع دائرة نفوذها خارج الحزب، إذ لا يملك الحزب الليبرالي الديمقراطي أغلبية برلمانية، ما سيجبرها على بناء توافق مع أحزاب المعارضة لتمرير التشريعات.
العلاقات مع ترمب
وإذا تولت رئاسة الوزراء كما هو متوقع، فستكون من بين أولى مهام تاكايشي بناء علاقات مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ظل تقارير عن زيارة محتملة له إلى اليابان أواخر أكتوبر خلال جولة آسيوية.
وخلال سباق القيادة، كانت تاكايشي الأكثر صراحة بين المرشحين الخمسة بشأن احتمال إعادة التفاوض على بعض بنود اتفاق التجارة مع الولايات المتحدة، لكنها التزمت الخط الرسمي بعد فوزها، السبت، وأكدت أن إعادة التفاوض فوراً ليست مطروحة حالياً، مع التعهد بأن تعبر طوكيو عن موقفها عبر القنوات المناسبة إذا لم يخدم الاتفاق مصالحها.
وأشارت إلى أن أي مراجعة محتملة ستأتي فقط إذا ظهرت مشكلات في تطبيق الاتفاق الحالي، في إشارة إلى دعمها له في الوقت الراهن.
وفي قضايا مثل زيادة الإنفاق الدفاعي الياباني وتعزيز قدراته العسكرية، واحتواء النفوذ الصيني المتصاعد، وبناء سلاسل إمداد تتماشى مع المصالح الأميركية، يُرجح أن تتوافق مواقف تاكايشي بشكل كبير مع توجهات ترمب.