
أعاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجمعة، تعيين سيباستيان لوكورنو رئيساً للوزراء وكلّفه بتشكيل حكومة جديدة، وذلك في محاولة للخروج من الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ أسابيع.
وجاء قرار ماكرون على أمل أن يتمكن لوكورنو من حشد دعم كافٍ في البرلمان المنقسم بشدة لإقرار ميزانية 2026.
وقال الإليزيه في بيان: "الرئيس ماكرون عيَّن لوكورنو رئيساً للوزراء، وكلّفه بتشكيل حكومة"، ولم يذكر البيان تفاصيل إضافية، لكنه جاء بعد مفاوضات طويلة ومعقدة، وفق ما أوضحت صحيفة "لوموند" الفرنسية.
وكان لوكورنو قد استقال هذا الأسبوع، بعد 14 ساعة فقط من إعلان تشكيل حكومته، لتُسجّل بذلك أقصر حكومة في تاريخ البلاد، معللاً قراره آنذاك بأن "الظروف لم تعد مناسبة" للاستمرار في مهمته في (قصر ماتينيون)، مقر رئاسة الحكومة الفرنسية.
وذكرت صادر مقربة من الرئيس الفرنسي أن ماكرون منح لوكورنو "صلاحيات كاملة" لتشكيل فريق حكومي قادر على تجاوز الأزمة، وسط حالة من الشلل البرلماني وعدم الاستقرار السياسي، خاصة في ظل صعوبة تمرير ميزانية الدولة قبل نهاية العام.
لوكورنو: أقبل بدافع الواجب
وفي أول تعليق له بعد إعادة تعيينه، كتب لوكورنو على منصة "إكس": "أقبل بدافع الواجب المهمة التي أوكلها إليّ رئيس الجمهورية لبذل كل ما في وسعي لتوفير ميزانية لفرنسا بنهاية العام، ومعالجة قضايا الحياة اليومية لمواطنينا".
وأضاف: "يجب أن نضع حداً لهذه الأزمة السياسية التي يزداد تأثيرها على الشعب الفرنسي، ولعدم الاستقرار الذي يضر بصورة فرنسا ومصالحها".
وتابع: "كما قلت، لن يتحقق ذلك إلا بشروط معينة، من خلال استخلاص الدروس اللازمة من الأسابيع الماضية: جميع الملفات التي طُرحت خلال المشاورات في الأيام الأخيرة ستُعرض للنقاش البرلماني، وسيكون على النواب وأعضاء مجلس الشيوخ تحمّل مسؤولياتهم، ويجب أن تُستكمل المناقشات حتى نهايتها".
ومضى يقول: "يبقى إصلاح أوضاعنا المالية العامة أولوية لمستقبلنا ولسيادتنا، ولا يمكن لأحد أن يتنصل من هذه الضرورة. جميع الطموحات مشروعة ومفيدة، لكن من سيشاركون في الحكومة الجديدة يجب أن يلتزموا بالابتعاد عن الطموحات الرئاسية لعام 2027".
وأكد على ضرورة أن "يجسّد الفريق الحكومي الجديد التجديد والتنوع في الكفاءات. سأبذل كل ما في وسعي لإنجاح هذه المهمة".
ماكرون يجتمع مع زعماء الأحزاب الرئيسية
وكان ماكرون قد استقبل زعماء الأحزاب السياسية الرئيسية في اجتماع على درجة بالغة من الأهمية في قصر الإليزيه قبل انتهاء مهلة حددها بنفسه عند ساعة متأخرة من مساء الجمعة لتعيين رئيس وزراء جديد.
وقال قادة الأحزاب اليسارية بعد اجتماعهم مع ماكرون إن الرئيس أبلغهم بأنه لا يعتزم تعيين رئيس وزراء من اليسار، رغم أنهم يرون أن المنصب من حقهم بعد أن أسقط النواب مرشحي ماكرون الوسطيين السابقين بسبب اعتراضهم على خطط الحكومة لخفض الإنفاق.
وعرض ماكرون تأجيل تطبيق إصلاح نظام التقاعد المثير للجدل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2027، لكن زعماء اليسار قالوا إن ذلك غير كاف.
من جانبه، أعلن الحزب الاشتراكي أنه "لن يقدم أي ضمانة بعدم التصويت بحجب الثقة" ضد الحكومة الجديدة، ما يعكس هشاشة الوضع السياسي الحالي في فرنسا، وفق "لوموند" الفرنسية.
فيما قال زعيم الحزب الاشتراكي أوليفييه فور للصحافيين بعد الاجتماع: "نحن لا نسعى إلى حلّ البرلمان، لكننا لا نخاف من ذلك".
بدوره قال رئيس حزب التجمع الوطني (يمين متطرف) جوردان بارديلا، إن "حكومة لوكورنو الثانية التي شكّلها ماكرون المنعزل أكثر من أي وقت مضى داخل قصر الإليزيه والمنفصل عن الواقع، ليست سوى مزحة سيئة، وخزي ديمقراطي، وإهانة للشعب الفرنسي".
وأضاف في منشور على منصة "إكس": "حزب التجمع الوطني سيسارع بطبيعة الحال إلى طرح حجب الثقة ضد هذه التوليفة الحكومية التي تفتقر لأي أفق، والذي يقتصر سبب وجوده على الخوف من حل البرلمان، أي الخوف من الشعب نفسه".