
خصّ الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في كلمة ألقاها أمام الكنيست الإسرائيلي، الاثنين، المتبرعة البارزة ميريام أديلسون بإشادة لافتة، مشيراً إلى تأثيرها الكبير في توجيه السياسة الأميركية تجاه إسرائيل، وإلى علاقتهما الطويلة التي توطدت عبر زياراتها المتكررة إلى البيت الأبيض برفقة زوجها الراحل، قطب صالات القمار شيلدون أديلسون.
وكان شيلدون، الذي توفي في عام 2021، قد أسس أكبر إمبراطورية لصالات القمار في العالم، وأصبح رئيساً لمؤسسة "لاس فيجاس ساندز"، وخصص جزءاً كبيراً من ثروته لرعاية الساسة المحافظين، ودعم السياسات في الولايات المتحدة وإسرائيل.
واشتهر شيلدون بمشاريعهما التجارية في إسرائيل، وتبرعاتهما لمناصرة القضايا اليهودية.
"قفي يا ميريام"
وتضمّنت كلمة ترمب أمام "الكنيست" إشادات علنية عبّر فيها عن شكره وتقديره لميريام التي تحمل الجنسيتين الأميركية والإسرائيلية، كما دعا الحضور إلى الوقوف احتراماً لدعمها، وتأثيرها الواضح في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل.
وقال ترمب "إنها تحب إسرائيل"، ونسب إلى الزوجين الفضل في تشكيل قرارات مثل اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل في عام 2017، ونقل السفارة الأميركية إلى المدينة في عام 2018، وتأييده للسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة في عام 2019.
وفي إشارة إلى ميريام، وهي طبيبة ومتبرعة رئيسية لحملتيه الرئاسيتين، قال ترمب: "قفي يا ميريام"، قبل أن يتحدث عن أنها وزوجها كانا يتصلان به ويزورانه بانتظام في المكتب البيضاوي.
وذكر الرئيس الأميركي، مازحاً، أن زوجها كان مثابراً جداً لدرجة أنه كان "يدخل من النافذة"، في إشارة إلى مدى وصولهما وتأثيرهما على إدارته، وأضاف بابتسامة عريضة: "لديها 60 مليار دولار في البنك"، ثم قال: "أعتقد أنها تقول: كفى"، مما أثار الضحك في القاعة.
وأثنى ترمب عليها بـ"وصفها امرأة رائعة شديدة الإخلاص، لدرجة أنها رفضت ذات مرة أن تقول أيهما تحب أكثر، إسرائيل أم الولايات المتحدة".
ولفت مسؤول أميركي رفيع المستوى في تصريحات لوكالة "رويترز"، إلى أن ميريام لعبت دوراً من وراء الكواليس في حث ترمب على مواصلة السعي لإعادة المحتجزين في غزة قبل إعادة آخر الناجين منهم، الاثنين، مشيراً إلى دعمها لأبحاث الإدمان وتأسيسها مراكز طبية مع زوجها الراحل ومساهمتها في إطلاق مؤسسة أديلسون للأبحاث الطبية.
وُلدت ميريام أديلسون في تل أبيب في خمسينيات القرن العشرين، لكن الإعلام الغربي بشكل عام بدأ يسلط الضوء عليها بشكل خاص بعد تحوّلها من طبيبة متخصصة إلى متبرعة وداعمة سياسية فاعلة.
وقبل دخولها الحلبة السياسية، مارست مهنة الطب واهتمّت بموضوعات الإدمان والعلاج، وهو ما منحها مكانة علمية في المجتمع الأميركي، إلا أن تحولها الكبير جاء بعد انخراطها في تمويل الحملات الانتخابية ودعم القضايا المحافظة.
وخلال السنوات الأخيرة، برز دورها في المشهد الأميركي كممولة رئيسية لدونالد ترمب، إذ خصصت مبالغ كبيرة لدعم حملاته الانتخابية، وكان لها وجود واسع في الكواليس السياسية.
دعم مشروط
في سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، برزت ميريام أديلسون كإحدى أبرز الممولين الرئيسيين لحملة لترمب، وذكر تقرير لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، أن أديلسون ضخت 100 مليون دولار لدعم ترمب من خلال هيكلها السياسي، عبر دفعات موزعة خلال أشهر الصيف والخريف، وهي خطوة جعلتها من كبار المانحين الفرديين في الدورة.
وأوردت صحف إسرائيلية حينها، أن ميريام أديلسون قدمت هذا التبرع مشروطاً بموقف أميركي يؤيد ضم إسرائيل للضفة الغربية، في ما وصفته تلك التقارير بأنه جزء من مسعى لتعزيز المواقف المؤيدة لإسرائيل داخل الإدارة الأميركية.
لكن متحدثاً باسم ميريام أديلسون نفى تلك المعلومات، مؤكداً أن التبرعات التي تقدمها ليست مشروطة بأي موقف سياسي رسمي، أو مرتبط بموافقة على ضم الضفة الغربية.
وتصف ميريام أديلسون نفسها، بأنها الوريثة لإمبراطورية زوجها الراحل، وتمتلك الحصة الأكبر في شركة "لاس فيجاس ساندز"، وهي شركة عملاقة تدير استثمارات ضخمة في مجال صالات القمار والعقارات السياحية حول العالم.
وإلى جانب ذلك، تمتلك عائلة أديلسون صحيفة "إسرائيل هيوم"، وهي من أكثر الصحف انتشاراً في إسرائيل، وتُعد منبراً إعلامياً بارزاً داعماً للتيار اليميني، والسياسات المؤيدة للحكومة الإسرائيلية.
وسام الحرية الرئاسي
في عام 2018، منحت إدارة ترمب ميريام أديلسون وسام الحرية الرئاسي تقديراً لعطائها في مجال البحوث الطبية والعمل الخيري، ودعمها للسياسات المحافظة، بحسب وكالة "رويترز".
ورغم مكانتها وتأثيرها المالي، تواجه ميريام أديلسون انتقادات من مناصري القضية الفلسطينية ومراقبي التمويل السياسي، الذين يرون أن تبرعاتها الضخمة تعزز نفوذ المال في عملية صنع القرار في العاصمة واشنطن، معتبرين أنها جزء من شبكة نفوذ واسعة تُعرف باسم "مال السياسات واللوبيات"، بحسب صحيفة "الجارديان" البريطانية.
كما أشارت تقارير إعلامية أميركية، إلى أن صحيفة Las Vegas Review-Journal، التي تمتلكها عائلة أديلسون، لا تتردد أحياناً في انتقاد بعض قرارات ترمب رغم الدعم المالي الكبير الذي قدمته له.
ويرى منتقدون، أن بعض تبرعاتها قد تُستخدم في التأثير على توجهات السياسة الخارجية الأميركية لصالح إسرائيل، خصوصاً في قضايا الضم وتوسعة المستوطنات، وهو ما يعتبرونه متعارضاً مع مبدأ الحياد المفترض في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وفقاً لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.