
حذّر وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، الصين من أن القيود الجديدة التي فرضتها على صادرات المعادن النادرة، والتي ستدخل حيز التنفيذ في ديسمبر المقبل، ستجبر الولايات المتحدة ودولاً أخرى، على "فك الارتباط" معها، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وأضاف في مؤتمر صحافي، الأربعاء، بحضور الممثل التجاري الأميركي جيميسون جرير: "إذا أرادت الصين أن تكون شريكاً غير موثوق به للعالم، فسيتعين على العالم فك الارتباط".
وتابع: "العالم لا يريد فك الارتباط. نريد تقليل المخاطر. لكن إشارات كهذه تُشير إلى فك الارتباط، وهو ما لا نعتقد أن الصين تريده".
وقال وزير الخزانة الأميركي، إنه يتوقع أن يلتقي ترمب مع الرئيس الصيني شي جين بينج في كوريا الجنوبية في 29 أكتوبر، عندما يحضر الزعيمان منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك)، مضيفاً أنه "متفائل" بإمكانية تهدئة الجانبين للوضع، لكنه أوضح هو وجرير أن إدارة ترمب "سترد بإجراءات صارمة، إذا لم تستجب الصين".
وأشار وزير الخزانة إلى أن واشنطن مستعدة لفرض رسوم جمركية على الصين بسبب مشترياتها من النفط الروسي، مطالباً بأن يكون حلفاء واشنطن الأوروبيون على استعداد للمشاركة في مثل هذا الإجراء.
وأضاف: "شراء الصين للنفط الروسي، هو الذي يغذي آلات الحرب الروسية، إذ تشتري بكين 60% من منتجات الطاقة الروسية".
وبشأن استخدام المعادن النادرة الصينية في المواد العسكرية، قال بيسنت إنه رغم أن بكين تقول إنها تريد "الحفاظ على السلام في العالم، إلا أن شرائها للنفط من موسكو، هو ما يُغذي آلة الحرب الروسية".
وقال: "سننشر قريباً صوراً، زودتنا بها الحكومة الأوكرانية، تُظهر أن الأجزاء الصينية، تُشكل كميات كبيرة من الطائرات المسيرة الروسية".
وكشفت بكين الأسبوع الماضي، عن قيود جديدة لتصدير المعادن الأرضية النادرة والمعادن الأساسية، تلزم الشركات المصدرة لمنتجات تحتوي، حتى على كميات ضئيلة منها، بالحصول على ترخيص حكومي.
وأثارت هذه الخطوة استنكاراً من الولايات المتحدة ودول أخرى، إذ تعتقد أن لها تأثيراً كبيراً على سلاسل التوريد العالمية، نظراً لهيمنة الصين على صناعة المعادن الأرضية النادرة.
انتقاد لكبير المفاوضين الصينيين
وانتقد بيسنت وجرير، لي تشنج قانج، كبير المفاوضين في الفريق التجاري الصيني بقيادة نائب رئيس مجلس الدولة هي ليفنج، وهو نظير وزير الخزانة الأميركي.
وقال بيسنت إن لي "قام بزيارة من دون دعوة إلى واشنطن في أغسطس الماضي، حيث كان غير محترم للغاية، على عكس الأعضاء الآخرين في الوفد الصيني في الجولات الأربع من المحادثات التجارية وهدد بفوضى عالمية، إذا مضت الولايات المتحدة قدماً في خطة فرض رسوم على السفن الصينية الراسية في الموانئ الأميركية، وهي سياسة دخلت حيز التنفيذ هذا الأسبوع".
وأضاف: "ربما يكون قد تمرد"، فيما قال جرير، إن ضوابط التصدير الصينية، المقرر أن تدخل حيز التنفيذ في ديسمبر المقبل، سيكون لها تأثير عالمي.
وقال في هذا الصدد: "في حين اتخذت الصين عدداً من الإجراءات التجارية الانتقامية ضد الولايات المتحدة وأوروبا وكندا وأستراليا ودولٍ أخرى في السنوات الأخيرة، فإن هذه الخطوة ليست انتقاماً متناسباً. إنها ممارسةٌ للإكراه الاقتصادي على كل دولةٍ في العالم".
وأكد جرير وبيسنت أن الولايات المتحدة "تُصرّ على عدم مُضيّ الصين في تطبيق هذه الضوابط".
بدوره، أوضح جرير أن القيود منحت الصين السيطرة على الاقتصاد العالمي بأكمله وسلسلة توريد التكنولوجيا. وأضاف: "سيؤثر هذا على أنظمة الذكاء الاصطناعي والمنتجات عالية التقنية، بل وحتى على السلع الاستهلاكية العادية مثل السيارات والهواتف الذكية، وربما حتى الأجهزة المنزلية".
رسوم أميركية بنسبة 100%
ويعتقد بعض الخبراء أن بكين تظن أن فرض برنامج مراقبة تصدير المعادن النادرة سيجبر الولايات المتحدة على النظر في تخفيف ضوابطها التصديرية على أشباه الموصلات والتكنولوجيا المتعلقة بالرقائق.
في الإطار، قالت سارة شومان، التي كانت حتى وقت قريب كبيرة المفاوضين التجاريين الأميركيين عن الصين، إن الاتفاق الذي توصل إليه الجانبان في جنيف في وقت سابق من هذا العام كان "عامل استقرار مهم للعلاقات الثنائية والاقتصاد العالمي".
وأضافت شومان، التي تقود قسم التجارة والأمن الاقتصادي في شركة "بيكون جلوبال ستراتيجيز": "الكرة الآن في ملعب الصين. هل ستعود إلى اتفاق جنيف وتلغي هذه القيود على المعادن النادرة، أم ستختار تسليح سلاسل التوريد العالمية التي تهيمن عليها؟".
وتابعت: "سيكون لإجابة الصين على هذا السؤال خلال الأسبوعين المقبلين آثار استراتيجية واسعة النطاق لسنوات قادمة".
وهدّد الرئيس دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 100% على الواردات من الصين، بالإضافة إلى تدابير مضادة أخرى، بحلول الأول من نوفمبر المقبل.
ودافعت الصين عن ضوابطها على المعادن النادرة، قائلةً إن واشنطن فرضت إجراءات عقابية على الشركات الصينية منذ أن عقد المفاوضون الأميركيون والصينيون جولة رابعة من المحادثات التجارية في مدريد الشهر الماضي. ورفضت واشنطن هذه الحجة، وقالت إن بكين على ما يبدو كانت تخطط لهذه الإجراءات منذ فترة.
ومددت كل من الولايات المتحدة والصين مواعيد نهائية متتالية للتعريفات الجمركية منذ اتفاقهما على وقف الحرب التجارية في وقت سابق من هذا العام، وتنتهي مهلة الـ90 يوماً الحالية في منتصف نوفمبر.