
رد الرئيس الأميركي دونالد ترمب والبيت الأبيض، الأحد، بفيديوهات ساخرة على ملايين المتظاهرين، الذين خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات "لا للملوك".
واحتشد متظاهرون في المدن الكبرى والبلدات الصغيرة في جميع أنحاء الولايات المتحدة، السبت، احتجاجاً على الإجراءات الرئاسية التي يرونها استبدادية.
وكانت هذه هي المرة الثانية هذا العام التي تُقام فيها مظاهرات "لا للملوك"، في جميع الولايات الخمسين وعدد من الأقاليم الأميركية، إذ شارك ما يُقدر بخمسة ملايين شخص في نحو ألفي احتجاج على مستوى البلاد، في يونيو، ركزت أيضاً على السياسات التي سنّها الرئيس ترمب، بحسب "نيويورك تايمز".
وجاءت الجولة الجديدة من الاحتجاجات مع استمرار إغلاق الحكومة الأميركية للأسبوع الثالث على التوالي، ومع تصاعد التوترات في مدن مثل شيكاجو بولاية إلينوي، وبورتلاند بولاية أوريجون، حيث أثارت حملات الإدارة الصارمة على الهجرة ردود فعل محلية غاضبة.
كما نُظمت بعض الاحتجاجات في الخارج، حيث من المقرر تنظيم أكثر من اثنتي عشرة احتجاجاً في جميع أنحاء أوروبا، ومن المتوقع تنظيم احتجاج واحد على الأقل في أستراليا.
وبحسب USATODAY رد الرئيس الأميركي دونالد ترمب والبيت الأبيض على ملايين المتظاهرين، الذين خرجوا إلى الشوارع للمشاركة في المظاهرات، بالسخرية والتهكم عبر سلسلة من مقاطع الفيديو المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي "تظهر ترمب وهو يرتدي تاجاً".
وفي مقطع فيديو نشره الرئيس الأميركي على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر فيه وهو يرتدي تاجاً، ويحلق بطائرة مقاتلة كُتب عليها "الملك ترمب"، ويلقي ما يبدو أنه سخرية على المتظاهرين.
وفي مقطع آخر، يرتدي تاجاً ورداءً ويحمل سيفاً، بينما تُعزف أغنية "تحية للملك"، وتنحني له رئيسة مجلس النواب السابقة الديمقراطية نانسي بيلوسي وآخرون، وفقاً للصحيفة.
ونشر البيت الأبيض أيضاً صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لترمب ونائب الرئيس جي دي فانس، وهما يرتديان التيجان، إلى جانب صورة لزعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وزعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر، وهما يرتديان القبعات المكسيكية.
وكتب البيت الأبيض في مشاركة الصورة: "نحن مختلفون".
وتجمع المتظاهرون في 18 أكتوبر، في ما يُقدر بنحو 2700 مظاهرة في جميع أنحاء البلاد للاحتجاج على سياسات ترمب، والاحتفال بحقوقهم الدستورية في حرية التعبير والتجمع.
وأعرب كثيرون عن استيائهم من معاملة إدارة ترمب للمهاجرين وغيرهم من الفئات المستضعفة.
مظاهرات "كراهية أميركا"
وتحدث زعماء الحزب الجمهوري قبيل الاحتجاجات التي جرت، السبت، حيث ألقوا باللوم فيها على المسؤولين عن الإغلاق الحكومي الحالي، ووصفوها بأنها مظاهرات "كراهية أميركا".
ودافع رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون عن وصفه للمظاهرات التي نظمت هذا الأسبوع تحت شعار "لا للملوك" ضد ترمب بأنها مظاهرات "كراهية لأميركا"، مشيرا إلى أنه لم يكن يشير إلى الديمقراطيين أنفسهم بل إلى رسالة المحتجين، وفقاً لما ذكرته شبكة ABCNEWS.
وقال جونسون: "لم أطلق على أحد قط وصف العدو"، لكنه زعم أن "هناك الكثير من الرسائل البغيضة" خلال احتجاجات السبت.
وأضاف:" أعني، لدينا فيديوهات وصور لخطابات عنيفة للغاية تنتقد الرئيس، وتطالب بموت الفاشيين، وما إلى ذلك،"
وتابع: "الأمر لا يتعلق بالناس، بل بالرسالة".
واعتبر جونسون أن شعار "لا للملوك"، الذي أطلق على الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد، "كان مثيراً للسخرية".
وقدّر منظمو احتجاجات "لا للملوك" عدد المشاركين في المظاهرات بسبعة ملايين شخص.
وأفادت شرطة مدينة نيويورك أن أكثر من 100 ألف شخص شاركوا "بشكل سلمي" في احتجاجات "لا للملوك" في أكبر مدن أميركا اكتظاظاً بالسكان، مؤكدةً عدم وقوع أي اعتقالات على خلفية الاحتجاج.
وإذا صحّت تقديرات الحشود، فإنّ فعالية "لا للملوك" التي استمرت ليوم واحد، كانت أكبر احتجاج مدني في الولايات المتحدة منذ يوم الأرض الأول، قبل 55 عاماً، ولم تُسجّل أي حوادث أو اعتقالات كبيرة في التجمعات الأخرى خلال اليوم.
وسعى الجمهوريون إلى تصوير المتظاهرين على أنهم خارجون عن التيار السائد، وأنهم السبب الرئيسي وراء إغلاق الحكومة، الذي دخل يومه التامن عشر.
ووصف قادة الحزب الجمهوري الديمقراطيون بـ"الشيوعيين" و"الماركسيين"، وقالوا إن القادة بمن فيهم شومر، يدينون بالولاء للتيار اليساري المتطرف، ومستعدون لإبقاء الحكومة مغلقةً لإرضاء تلك القوى.
"منظمو الاحتجاجات"
وقال السيناتور الأميركي الديمقراطي كريس مورفي في مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس": "تُعطي التجمعات الكبيرة كهذه ثقةً لمن كانوا على الحياد، لكنهم مستعدون للتعبير عن آرائهم".
وينضمّ كبار الديمقراطيين، مثل زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والسيناتور المستقل بيرني ساندرز، إلى ما يعتبره المنظمون وقفاً لتصرفات ترمب، بدءاً من قمع الإدارة لحرية التعبير، وصولاً إلى مداهماتها العسكرية للهجرة.
وقال المنظمون إنه تم التخطيط لأكثر من 2600 تجمع، السبت، فيما كانت المظاهرة السابقة تحت شعار "ارفعوا أيديكم!" في أبريل، ضد ترمب وماسك مسجلة في 1300 موقع، بينما سجلت المسيرة الأولى "لا للملوك" في يونيو، في 2100 موقع.
وقال ساندرز، مخاطباً الحشد من على منصة في واشنطن: "نحن هنا لأننا نحب أميركا"، مضيفاً أن التجربة الأميركية "في خطر" في عهد ترمب، لكنه أصرّ على أن "نحن الشعب سنحكم".
وقال عزرا ليفين، أحد أبرز منظمي احتجاجات، السبت، إن المظاهرات جاءت رداً على ما وصفه بـ"حملة ترمب على الحقوق المكفولة بالتعديل الأول".
وأشار ليفين، المدير التنفيذي المشارك لمنظمة "إنديفايسبل" غير الربحية، إلى حملة ترمب الشاملة على الهجرة، ووعوده غير المسبوقة باستخدام السلطة الفيدرالية للتأثير على انتخابات التجديد النصفي، والقيود المفروضة على حرية الصحافة، والانتقام من المعارضين السياسيين.
وقال إن هذه الخطوات مجتمعةً، تُمثل تهديداً مباشراً للحقوق التي يحميها الدستور.
وقال ليفين إن "المنظمين سيعتبرون هذا اليوم ناجحاً إذا ما تم حثّ الناس على المشاركة السياسية بشكل أكبر ومستمر".
ونُظمت آخر احتجاجات "لا للملوك" في 14 يونيو، في آلاف المدن والبلدات في جميع أنحاء البلاد، وكان ذلك احتجاجاً في المقام الأول على عرض عسكري في واشنطن بمناسبة الذكرى الـ 250 لتأسيس الجيش، وتزامن مع عيد ميلاد ترمب.
ووصف منظمو "لا للملوك" آنذاك العرض بأنه "تتويج"، وكان رمزاً لما وصفوه بتنامي سلطوية ترمب.