رويترز: دعم شعبي للرئيس التونسي وتساؤلات بشأن إصلاحاته الاقتصادية

time reading iconدقائق القراءة - 5
الرئيس التونسي قيس سعيّد يحي مناصريه خلال زيارة إلى مطار تونس قرطاج الدولي - الاثنين 16 أوت 2021 - facebook@Presidence.tn
الرئيس التونسي قيس سعيّد يحي مناصريه خلال زيارة إلى مطار تونس قرطاج الدولي - الاثنين 16 أوت 2021 - facebook@Presidence.tn
تونس- رويترز

أبدى تونسيون في حديثهم إلى وكالة "رويترز"، ارتياحهم لجهود الرئيس التونسي قيس سعيّد في مكافحة الفساد، والدفاع عن القدرة الشرائية، منذ القرارات التي اتخذها في يوليو الماضي، في خطوة وصفها خصومه في حركة "النهضة" بأنها "انقلاب".

وانتقد الرئيس قيس سعيّد السياسة الاقتصادية للبلاد طيلة عقد من الزمن، وحضّ التجار على خفض أسعار الغذاء والدواء، واتهم رجال أعمال لم يكشف عن هوياتهم، بسرقة مليارات الدولارات، بينما تحقق الشرطة في شبهات فساد في صناعة الفوسفات الحيوية.

وفي سوق سيدي البحري العاصمة التونسية، قالت عزة بالواعر، 36 عاماً، وتعمل في مجال بيع المعدات الطبية، إن "المواطن يشعر بالاطمئنان، وانخفضت أسعار كل شيء.. نشعر أن الرئيس يشتغل ويستهدف التجار المحتكرين".

خطط الرئيس

بعد ثلاثة أسابيع من عزل سعيّد لرئيس الوزراء هشام المشيشي، وتجميد البرلمان ضمن إجراءات استثنائية، لم يعين الرئيس بعد حكومة جديدة، أو يوضح السياسة الاقتصادية العامة، أو يحدد كيف ينوي تمويل العجز العام وسداد الديون.

ويتساءل اقتصاديون وسياسيون أيضاً عن خطط الرئيس لإعداد ميزانية العام المقبل، ورؤيته لوقف نزيف الاقتصاد العليل.

وأدت قرارات سعيد إلى توقف المحادثات التي تأخرت كثيراً مع صندوق النقد الدولي، بشأن برنامج قرض كان من المتوقع أن يفسح المجال للمزيد من المساعدات الاقتصادية، ويجنب تونس أزمة في المالية العامة.

وسدّدت تونس أكثر من مليار دولار من الديون هذا الصيف، من احتياطيات العملات الأجنبية، لكن يتعيّن عليها أن تدبر حوالي خمسة مليارات دولار أخرى، لتمويل عجز ميزانيتها المتوقع، وسداد المزيد من الديون المستحقة، وكذلك أجور الموظفين في القطاع العام.

وانكمش الاقتصاد التونسي بنسبة 8.2% في عام 2020، بينما دفع عجز يبلغ 11.5% الدين العام ليشكل 87% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

ولا يرى اتحاد الشغل التونسي، النقابة الرئيسية في البلاد، والمقرضون الأجانب، خيارات متعددة أمام تونس سوى استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي.

الخيارات محدودة

وقال محمد علي البوغديري، الأمين العام المساعد في اتحاد الشغل لـ"رويترز": "ندعم المفاوضات مع صندوق النقد.. للأسف ليست لدينا خيارات كثيرة".

وقال دبلوماسي غربي للوكالة: "الساعة تدق في مواجهة التحدي الاقتصادي"، مضيفاً أن "الإصلاحات اللازمة لتأمين قرض من صندوق النقد الدولي، ستكون مهمة في الحصول على مزيد من المساعدة للاقتصاد المنهار".

ومثل تلك الإصلاحات، بما في ذلك إعادة توجيه الدعم، وتقليص أحد أثقل أعباء رواتب القطاع العام في العالم كنسبة من الناتج المحلي، لا يبدو أنها تحظى بشعبية، وستأتي في وقت يكون فيه المزاج العام شديد التقلب.

وساعد الغضب المتنامي من تفشي الفساد وسوء الإدارة والركود الاقتصادي، الذي تفاقم بسبب جائحة كورونا، في خلق دعم شعبي واسع النطاق، لتدخل الرئيس سعيد في 25 يوليو الماضي.

وأخفقت الحكومات المتعاقبة في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وساءت الخدمات العامة بشكل غير مسبوق، خصوصاً النقل والصحة التعليم.

وأضحت الحكومات بين مطرقة المقرضين الدوليين، الذين يطالبون بإصلاحات لا تحظى بالقبول العام، وسندان اتحاد الشغل، الذي يطالب بتحسين وضع الموظفين.

ارتفاع شعبيته

ويحصد سعيّد شعبية بعد أن تمكن من جلب ملايين الجرعات من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وتسريع نسق التطعيم بشكل كبير. وفي أسبوع واحد، تلقى ما يزيد عن 1.5 مليون شخص اللقاح.

وقبل أيام، قال سعيد خلال تواجده في مركز تبريد للخضروات، إنه لن يتسامح مع من يحتكرون السلع، ويتسببون في غلاء أسعارها. وبسرعة تحركت وزارة التجارة وأطلقت منظومة رقمية، تسمح بمراقبة هذه المنتجات عن بعد.

وأياً كان ما يفعله، فسيكون سعيد الآن مسؤولاً عن حل المشاكل الاقتصادية المزمنة في تونس، ومن بينها عجز المالية العمومية.

وقال دبلوماسي لـ"رويترز": "ضمن الصورة الكبيرة، أطلقت هذه الأحداث والتحولات السياسية العنان لتوقعات هائلة، وحالة من الترقب بعد سنوات اقتصادية عجاف. لن يكون من السهل عليه أن يفي بها.. سيحتاج إلى مساعدة أصدقاء تونس ونهج واضح وشامل".