
أظهرت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة قدرة على الصمود أمام الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال 6 أشهر من حرب تجارية متقبلة.
وأفاد تقرير لـ"بلومبرغ"، أن السلع الصينية التي تعبر يومياً إلى الولايات المتحدة تقدر قيمتها بنحو 1 مليار دولار، مع ارتفاع الكميات في سبتمبر مقارنة بأغسطس الماضي.
ورغم تراجع قيمة التجارة الإجمالية بين البلدين خلال الأشهر الستة الماضية، شهدت بعض المنتجات مؤخراً زيادة في الصادرات، مقارنة بعام 2024، في تحد للتوترات التجارية بين بكين وواشنطن.
وقالت "بلومبرغ" إن هذه التطورات تظهر أن الرسوم الأميركية تبدو "محدودة التأثير" في تقييد ما تستورده الشركات الأميركية، إذ يجعل نفوذ الصين في قطاعات مهمة، مثل المعادن النادرة والإلكترونيات، من الصعب استبدالها، على الأقل في المدى القصير.
وأضافت أن هذا الوضع قد يتغير بمرور الوقت، ولا سيما إذا مضى ترمب في تنفيذ تهديداته المتكررة بفرض رسوم إضافية، علماً أنها تبلغ حالياً نسبة 54%.
وكتب الخبيران الاقتصاديان في "بلومبرغ"، تشانج شو وديفيد كو، أن "مكانة الصين القوية في سلاسل الإمداد العالمية يمنحها قدراً من النفوذ في المفاوضات مع المستوردين الأميركيين في المدى القريب".
وحذر الخبيران من أن الدول الأخرى لا تستطيع أن تحل محل الصين كمورد للولايات المتحدة بسرعة، وأضافا أن "إعادة توجيه الإنتاج ستستغرق وقتاً".
ويمنح هذا الواقع الرئيس الصيني شي جين بينج مزيداً من النفوذ التفاوضي، مع استعداد فريقه التجاري لخوض محادثات تهدف إلى تمديد هدنة الرسوم الجمركية البالغة 90 يوماً، والمقرر انتهاؤها في نوفمبر المقبل.
وخلال الربع الثالث من العام، وصلت إلى الولايات المتحدة بضائع صينية تزيد قيمتها على 100 مليار دولار، ما ساعد بكين على الحفاظ على وتيرة نموها الاقتصادي وفق أهدافها السنوية، ودفع فائضها التجاري الثنائي إلى الارتفاع ليبلغ 67 مليار دولار.
طلب قوي على السلع الصينية
وتوقع ترمب، الثلاثاء، أن يسفر لقاؤه المرتقب مع نظيره الصيني عن "اتفاق جيد" بشأن التجارة، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن الاجتماع المزمع عقده في كوريا الجنوبية، الأسبوع المقبل، قد ينهار.
وحدد الرئيس الأميركي المعادن النادرة و"الفنتانيل" وفول الصويا، كأبرز القضايا التجارية التي يعتزم بحثها مع الجانب الصيني.
ورغم تراجع معظم الصادرات الصينية الـ10 الرئيسية إلى الولايات المتحدة خلال الربع الماضي، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ارتفعت شحنات السجائر الإلكترونية، وفقاً لتحليل أجرته "بلومبرغ" لبيانات الجمارك الصينية.
كما شهدت الدراجات الكهربائية طلباً قوياً من السوق الأميركية، إذ صدّرت الشركات الصينية ما قيمته أكثر من 500 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، بزيادة طفيفة عن العام الماضي. في حين ارتفعت صادرات الكابلات الكهربائية بنسبة 87% لتصل إلى 405 ملايين دولار.
وخلال الربع الممتد من يوليو إلى سبتمبر، شحنت الشركات الصينية ما قيمته نحو 8 مليارات دولار من الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب المحمولة والأجهزة اللوحية ومكونات الكمبيوتر إلى الولايات المتحدة.
ورغم أن هذا الرقم يقل عن نصف ما تم بيعه في الفترة نفسها من العام الماضي، فإنه يُعد حجماً كبيراً بالنظر إلى مستويات الرسوم الجمركية المرتفعة.
ورغم إلغاء قاعدة "الحد الأدنى" (de minimis) التي كانت تسمح بدخول الطرود الصغيرة إلى الولايات المتحدة من دون رسوم جمركية، واصل المستهلكون الأميركيون شراء بضائع بقيمة مليارات الدولارات من منصات التجارة الإلكترونية مثل "شين" (Shein) و"تيمو" (Temu).
ورغم خضوعها لرسوم جمركية بنسبة 54%، أظهرت البيانات الصينية أن ما قيمته نحو 5.4 مليار دولار من هذه الطرود الصغيرة أُرسل إلى الولايات المتحدة منذ أن أغلقت إدارة ترمب تلك الثغرة في مايو.
ورغم ذلك، يبدو أن الصين والولايات المتحدة تتجهان نحو علاقة تجارية أكثر تواضعاً، في ظل سعي ترمب إلى إحياء قطاع التصنيع داخل الولايات المتحدة، وجعل إعادة توطين الصناعات الحيوية أولوية لسياساته الاقتصادية.
328 مليار دولار صادرات
وبلغت الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة منذ بداية العام نحو 328 مليار دولار، وهو مستوى يقارب ما كان عليه عام 2017 قبل اندلاع الحرب التجارية الأولى في عهد ترمب.
وشهدت صادرات أجهزة ألعاب الفيديو انهياراً، بعدما فضّلت شركات مثل "نينتندو" و"مايكروسوفت"، شحن منتجاتها من فيتنام ودول أخرى بدلاً من دفع الرسوم المرتفعة المفروضة على الشحن من الصين.
كما يبدو أن المستهلكين الأميركيين باتوا يشترون أجهزة التلفزيون من مصادر أخرى، إذ تراجعت قيمة صادرات شاشات (LCD) من الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 73% خلال الربع الأخير.
ورغم هذا الصمود، فإن الضرر الذي لحق بالتجارة بين الولايات المتحدة والصين هذا العام يفوق ما حدث خلال الولاية الأولى لترمب، بحسب صندوق النقد الدولي.
وقال الصندوق في تقريره هذا الشهر إن "فصل العلاقات التجارية الثنائية بين الولايات المتحدة والصين يبدو أنه يحدث بوتيرة أسرع مقارنة بصدمة الرسوم الجمركية التي حدثت في الفترة بين عامي 2018 و2019".