
يبدو أن رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا في طريقه للفوز بولاية رابعة خلال الانتخابات التي ستجرى السبت، وهي منافسة وصفها خصومه الرئيسيون بـ"المهزلة" بعد أن مُنعوا من الترشح بحسب "بلومبرغ".
ورغم أن دستور الدولة الواقعة في غرب إفريقيا يحدد فترتين رئاسيتين فقط، فقد أيدت المحاكم حجة الرئيس بأن تعديل الدستور عام 2016 أعاد ضبط العداد بالنسبة لمدد حكمه السابقة.
ورُفض ترشح تيدجان تيام، الرئيس التنفيذي السابق لبنك "كريدي سويس"، بسبب حمله الجنسية الفرنسية وقت تسجيله للترشح، كما رُفض ترشح الرئيس الأسبق لوران جباجبو؛ بسبب إدانةٍ جنائية سابقة.
ومنذ ذلك الحين، تحالف تيام وجباجبو، ونظّما سلسلة احتجاجات للطعن في استبعادهما، ما أدى إلى اعتقال المئات. غير أن المظاهرات خمدت بعد أن حظرت الحكومة جميع المسيرات المرتبطة بالانتخابات.
ولم يكن تيام (63 عاماً) وجباجبو (80 عاماً) وحدهما من استُبعد من الانتخابات، إذ قررت المحاكم أيضاً عدم أهلية رئيس الوزراء الأسبق جيوم سورو ووزير الشباب السابق شارل بلي جوديه للترشح.
ولا يمتلك أي من المرشحين الأربعة المتبقين في السباق، ومن بينهم جان-لويس بيلون (وزير التجارة الأسبق ورجل الأعمال) وسيمون جباجبو (السيدة الأولى السابقة)، فرصة واقعية للفوز.
ووعد واتارا، في حال فوزه، بمواصلة حملته للاستثمار في البنية التحتية بهدف إدخال كوت ديفوار إلى مصاف الدول متوسطة الدخل العليا بحلول عام 2030. كما يعتزم زيادة إنتاج الكهرباء وتنشيط قطاعي الصناعة والتعدين.
ولا توجد مؤشرات تُذكر على أن واتارا يواجه خطر الإطاحة به وهو المصير الذي لقيه مؤخراً زعيما مدغشقر ونيبال.
ويُعزى جزء من قدرة واتارا، البالغ من العمر 83 عاماً، على البقاء في السلطة إلى إدارته للاقتصاد، الذي يُعدّ من الأسرع نمواً في إفريقيا منذ توليه المنصب قبل 14 عاماً. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي يقارب 6%، مدفوعاً باستثمارات ضخمة في البنية التحتية واكتشافات نفطية جديدة وفقاً لـ"بلومبرغ".
وقالت تيفاني وُغناي، وهي مواطنة إيفوارية ومستشارة أولى في الاستراتيجية والمخاطر بشركة J.S. Held Ltd في نيويورك لـ"بلومبرغ": "الناس يريدون رؤية كوت ديفوار تزدهر، وإذا كان ذلك يعني قبول ولاية رابعة لواتارا، فقد يكونون مستعدين لتقبّلها".
وأضافت أن الاحتجاجات الأخيرة، رغم صداها، إلا أن المعارضة من قبل منظمات المجتمع المدني والحركات السياسية الشعبية ليست قوية بما يكفي لتشكيل تهديدٍ جدي للرئيس الحالي.
اضطرابات سياسية
وتُعدّ كوت ديفوار أكبر منتج للكاكاو في العالم، لكنها شهدت في الماضي فتراتٍ من الاضطرابات السياسية. فقد انزلقت البلاد إلى حربٍ أهلية عندما رفض جباجبو الاعتراف بالهزيمة في انتخابات عام 2010، واستمر القتال 5 أشهر، ما أسفر عن سقوط أو اختفاء ما لا يقل عن 3 آلاف شخص، قبل أن تتقدم القوات الموالية لواتارا نحو العاصمة التجارية أبيدجان، وتستولي على القصر الرئاسي.
أما الانتخابات السابقة قبل 5 سنوات، والتي قاطعتها المعارضة، وأسفرت عن فوز واتارا بولايةٍ ثالثة، فقد تحولت أيضاً إلى أعمال عنف قالت منظمة العفو الدولية إنها أودت بحياة العشرات.
ويرى محللون أن التطورات السياسية الأخيرة في كوت ديفوار تثير قلق المستثمرين، خصوصاً أولئك الذين يعملون في القطاعات التي تتطلب استثمارات طويلة الأجل واستقلالاً مؤسسياً ومصداقية واستقراراً في القواعد.
وقال مشاهد دورماز، كبير محللي المخاطر في شركة "فيريسك مابل كروفت"، إن قبضة واتارا على السلطة ربما تبقى قوية في المدى القصير، لكن "التراجع الديمقراطي، الذي يتجلى في إضعاف مبدأ الفصل بين السلطات، وتسييس المؤسسات، وتآكل سيادة القانون، قد يقوّض مناخ الاستثمار، ويُضعف ثقة المستثمرين الأجانب"
وتراجع العائد على السندات الدولارية الإيفوارية المستحقة في عام 2036 بأكثر من 70 نقطة أساس ليصل إلى 7.6% منذ إعلان واتارا ترشحه في 29 يوليو.
وقال سمير جاديو، رئيس استراتيجية إفريقيا في "ستاندرد تشارترد"، إن أوراق كوت ديفوار المالية قد تشهد مكاسب إضافية إذا سارت الانتخابات بسلاسة وفاز واتارا بولاية جديدة.
وأضاف: "العامل السياسي الرئيسي سيكون على الأرجح هو اختيار الرئيس واتارا لمنصب نائب الرئيس، إذ قد يعكس ذلك خططه المستقبلية للخلافة".
وأشار جاديو إلى أن البلاد قد تحصل أيضاً على ترقية في تصنيفها الائتماني خلال السنوات المقبلة، وربما يبدأ المستثمرون في تسعير احتمال حصولها على تصنيف استثماري خلال العقد القادم.
ويُصنّف دين كوت ديفوار حالياً بدرجة Ba2 لدى وكالة "موديز"، أي درجتين دون مستوى الاستثمار على قدم المساواة مع جنوب إفريقيا.








