بنك BNP Paribas يواجه ماضيه بسبب خرق العقوبات الأميركية على السودان

time reading iconدقائق القراءة - 6
أحد أفرع المصرف الفرنسي "بي إن بي باريبا" في باريس - REUTERS
أحد أفرع المصرف الفرنسي "بي إن بي باريبا" في باريس - REUTERS
دبي-الشرق

حكمت هيئة محلفين في نيويورك على المجموعة البنكية "بي إن بي باريبا" BNP Paribas SA بدفع 20.5 مليون دولار لـ3 مدعين سودانيين، بينهم انتصار كاشف، بعد أن ثبت أن البنك ساعد نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير على إجراء معاملات مالية بمليارات الدولارات، في انتهاك للعقوبات الأميركية.

وروت كاشف أمام هيئة المحلفين الشهر الماضي، كيف اختبأت تحت سريرها في منزلها بالسودان، بينما كان رجال يرتدون زياً عسكرياً يطلقون النار على أفراد أسرتها. ثم تابعت شهادتها لاحقاً قائلة إنها اعتُقلت وتعرضت للضرب والاغتصاب، وفق "فاينانشيال تايمز".

وقال محامو كاشف، البالغة من العمر 41 عاماً، و2 من المدعين السودانيين الآخرين، إن ما عانوه مرتبط بعمل بنك "بي إن بي باريبا"، أحد أكبر المصارف الأوروبية، إذ مكن النظام الذي كان يقوده الرئيس السوداني الأسبق عمر البشير من تنفيذ معاملات مالية بمليارات الدولارات خلال العقد الأول من الألفية، في خرق جنائي للعقوبات الأميركية التي فُرضت لعرقلة نظامه.

وأدى الحكم المفاجئ إلى تراجع القيمة السوقية للمصرف بمليارات الدولارات في يوم واحد، وعزز موقف محامي المدعين الذين قالوا إن البنك قد يواجه مطالبات بتعويضات تصل إلى عشرات المليارات. 

ويُعد المدعون الـ3 جزءاً من نحو 23 ألف شخص اعترف بهم قاضٍ أميركي كـ"فئة" معتمدة من اللاجئين وطالبي اللجوء الذين غادروا السودان وقد يكون لهم الحق في رفع دعاوى ضد البنك.

إقرار بالذنب 

وخلال الأيام التي تلت الحكم، بدأ "بي إن بي باريبا" بالرد. وأكد أن خرق العقوبات، وهو انتهاك أقر به قبل أكثر من عقد، لا يعني أنه تسبب في الأذى الذي لحق بكاشف وآخرين. 
 
وقال البنك إنه "لا يتعرض لأي ضغط" للتسوية، وسيسعى إلى إلغاء القرار الذي وصفه بأنه "خاطئ بوضوح". وشملت استجابة البنك الدخول في سجالات علنية مع محامي المدعين، وإصدار تصريحات أثارت البلبلة حول القضية.

وتعكس هذه الردود حجم المخاطر في معركة تتعلق بمسؤولية الشركات عن انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الأنظمة التي تتعامل معها، حتى عندما لا تمارس تلك الشركات الأذى بشكل مباشر.

وقالت بيث ستيفنز، أستاذة القانون في جامعة روتجرز لـ"فايننشال تايمز": "هذه القضية ستدفع الشركات التي تتعامل مع حكومات أجنبية إلى إعادة تقييم أنشطتها ومخاطرها القانونية المحتملة".

"لحظات صعبة"

تُعيد القضية فتح واحدة من أحلك الفترات في تاريخ "بي إن بي باريبا" الحديث. ففي عام 2014، توصل البنك إلى اتفاق مع وزارة العدل الأميركية، وافق بموجبه على دفع غرامة قدرها 9 مليارات دولار.

وأقر البنك بأنه حول 6.4 مليار دولار عبر النظام المالي الأميركي لصالح جهات سودانية، مع إخفاء هوية الكيانات الخاضعة للعقوبات باستخدام شبكة من "البنوك التابعة" وإجراء تحويلات مالية "معقدة للغاية، ومن دون غرض تجاري مشروع".

وكان موظفو الامتثال في البنك أثاروا في ذلك الوقت مخاوف داخلية بشأن تعاملاته المرتبطة بالسودان.

وقالت وزارة العدل الأميركية حينها إن البنك "لم يقدم لسنوات مواد ذات قيمة للحكومة"، وإن هذا التأخير "أثر بشكل كبير في قدرة السلطات على توجيه اتهامات للأفراد المسؤولين والكيانات السودانية الخاضعة للعقوبات والبنوك التابعة".

ودفعت الفضيحة المدير التنفيذي للبنك جان-لوران بونافيه إلى التعبير عن أسفه، واستقالة رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي للعمليات، بالإضافة إلى تنحي 13 مديراً آخر بناءً على طلب الجهات التنظيمية الأميركية.

وكانت الأفعال نفسها، المتمثلة في تسهيل معاملات بالدولار الأميركي لصالح نظام البشير، محور القضية المدنية المرفوعة في نيويورك من كاشف وآخرين، والتي صُممت لتكون ما يُعرف بـ"القضية التجريبية"، أي اختباراً لرد هيئة المحلفين على الأدلة استناداً إلى عينة صغيرة من المدعين. 
 
ولا يزال من غير الواضح ما الذي سيعنيه الحكم بالنسبة لبقية الفئة، إذ لا يضمن لهم تلقائياً أي تعويضات، بحسب الصحيفة.

وتُستخدم مثل هذه القضايا عادة كوسيلة لدفع الأطراف إلى التفاوض على تسوية، وقال القاضي إن القضية مناسبة لذلك. لكن في حال رفض البنك، الذي أكد أنه لم يرصد أي مخصصات مالية لتغطية تكاليف القضية في نتائج الربع الثالث، الدخول في تسوية، فقد تصبح الخطوات المقبلة أكثر تعقيداً.

البنك يستأنف الحكم

إلى جانب ذلك، أعلن البنك أنه سيستأنف الحكم، مقدماً قائمة طويلة من الاعتراضات، منها أن القاضي استخدم معياراً للأدلة جعل من السهل على هيئة المحلفين الانحياز إلى المدعين. 
 
وقال البنك إن على المدعين أن يثبتوا أنه قدم "مساعدة متعمدة، وكان على علم بالأفعال غير المشروعة المحددة التي ارتُكبت ضد كل مدعٍ على حدة". 
 
كما تساءل البنك عما إذا كان القاضي الأميركي ألفين هيلرستين قد فسر القانون السويسري، الذي استندت إليه المحاكمة، تفسيراً صحيحاً، مشيراً إلى أنه مُنع من تقديم "أدلة مهمة" لهيئة المحلفين تُظهر أن معاملاته كانت متوافقة مع القوانين الأوروبية والسويسرية. 

تصنيفات

قصص قد تهمك