
اجتمع قادة دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ في كوريا الجنوبية، الجمعة، لبحث العلاقات الاقتصادية والسياسية، فيما استحوذ الرئيس الصيني شي جين بينج على الاهتمام، وسط تحركات مكثفة، بينما دافعت واشنطن عن غياب الرئيس الأميركي دونالد ترمب، عن قمة منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ "أبيك" APEC.
وغادر الرئيس الأميركي كوريا الجنوبية، الخميس، بعد وقت قصير من قمته مع نظيره الصيني، والتي أسفرت عن إبرام هدنة تجارية لمدة عام بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبعد قرار ترمب عدم حضور "قمة أبيك"، التي تضم دولاً تمثل أكثر من نصف حركة التجارة العالمية، تقدم شي إلى الواجهة، سواء عبر الكلمة التي ألقاها أمام القادة، أو من خلال سلسلة اجتماعات رفيعة المستوى عقدها على هامش القمة، شملت رئيسة الوزراء اليابانية الجديدة ساناي تاكايتشي، ورئيس الوزراء الكندي مارك كارني.
ورغم غياب ترمب، فإن سياساته التجارية والرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها، ظلت تسيطر على أجواء الحدث، الذي يستمر يومين في مدينة جيونجو.
ويتولى وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، تمثيل ترمب خلال المناقشات.
واشنطن تدافع عن غياب ترمب
قال كايسي ميس، كبير المسؤولين الأميركيين لدى "أبيك"، الجمعة، إن مشاركة الولايات المتحدة في اجتماعات المنتدى هذا الأسبوع في كوريا الجنوبية كانت "قوية ومتينة للغاية"، وفق ما أوردت وكالة "رويترز".
جاء ذلك خلال إحاطة صحافية على هامش القمة، رداً على سؤال حول سبب مغادرة الرئيس الأميركي كوريا الجنوبية قبل بدء قمة القادة.
ومن المتوقع أن يبقى الرئيس الصيني شي جين بينج حتى ختام القمة، السبت.
وأضاف المسؤول الأميركي، أن "البرامج لا تتطابق دائماً، ولم تسمح للرئيس ترمب بالبقاء لحضور جميع الفعاليات".
وبعد ساعات من عودته من جولته الآسيوية، استضاف ترمب حفلة هالوين في البيت الأبيض، إلى جانب السيدة الأولى ميلانيا ترمب.
وخلال تمثيله ترمب في القمة، قال وزير الخزانة الأميركي بيسنت، للقادة المجتمعين، إن واشنطن تعمل على "إعادة موازنة علاقاتها التجارية لبناء أساس أقوى للنمو العالمي".
لقاء شي ورئيسة وزراء اليابان
وعلى هامش قمة "أبيك"، الجمعة، اجتمع الرئيس الصيني مع رئيسة الوزراء اليابانية، في أول لقاء بينهما.
وفي تصريحات مقتضبة عند بداية اللقاء، أكد الجانبان سعيهما لتعزيز العلاقات. وأعربت تاكايتشي للرئيس الصيني، عن رغبة بلادها في "علاقات بناءة ومستقرة" مع بكين.
ورغم أن العلاقات بين بكين وطوكيو، الذين تجمعهما تاريخياً، خلافات عميقة، كانت أكثر استقراراً مؤخراً، إلا أن صعود تاكايتشي المفاجئ كأول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في اليابان، قد يضع العلاقات تحت ضغط، نظراً لمواقفها القومية وسياساتها الأمنية المتشددة.
وأعلنت رئيسة وزراء اليابان، في أولى خطواتها بعد تولي المنصب، الأسبوع الماضي، خطة لتسريع تعزيز القدرات العسكرية لليابان، التي تستضيف أكبر عدد للقوات الأميركية خارج الولايات المتحدة، أمام الطموحات الإقليمية للصين في شرق آسيا.
الصين وكندا
عقد رئيس الوزراء الكندي مارك كارني أيضاً محادثات مع الرئيس الصيني شي، بهدف إعادة الانخراط مع الصين بعد سنوات من العلاقات المتوترة.
وفي خضم نزاع تجاري مع الولايات المتحدة، أكبر شريك تجاري لكندا، قال كارني خلال لقاء مع قادة أعمال على هامش القمة، الجمعة، إن أوتاوا تهدف إلى مضاعفة صادراتها غير المتجهة إلى الولايات المتحدة خلال السنوات العشر المقبلة.
وتعد الصين ثاني أكبر شريك تجاري لكندا.
وخلال فترة رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو، اعتُقل كنديون في الصين، كما خلصت السلطات الأمنية الكندية إلى أن بكين "تدخلت في انتخابات فيدرالية مرتين". كما انتقد شي ترودو علناً متهماً إيّاه بتسريب تفاصيل نقاشاتهما للصحافة.
وفي أغسطس، أعلنت الصين فرض رسوم مؤقتة على واردات الكانولا الكندية، وذلك بعد عام من إعلان كندا فرض تعريفة جمركية بنسبة 100% على واردات السيارات الكهربائية الصينية.
وعقد كبار المسؤولين في البلدين اجتماعاً لبحث هذه القضايا في مطلع الشهر الجاري، دون أي مؤشر على اختراق قريب.
كما التقى شي مع رئيس الوزراء التايلندي، أنوتين شارنويراكول، بينما سيبحث مع الرئيس الكوري الجنوبي، لي جاي ميونج، ملف "نزع السلاح النووي في كوريا الشمالية"، خلال لقاء مرتقب السبت، وفق سول.
مقترح صيني
وخلال كلمته أمام "قمة أبيك"، قال شي لقادة التكتل الاقتصادي المؤلف من 21 دولة، إن "التغيرات التي لم نشهدها منذ قرن تتسارع في العالم"، وطرح مقترحاً من 5 نقاط لـ"دعم اقتصاد عالمي مفتوح".
ودعا شي إلى "بذل جهود مشتركة للحفاظ على نظام التجارة متعدد الأطراف، وبناء بيئة اقتصادية إقليمية مفتوحة، والحفاظ على استقرار وسلاسة سلاسل الصناعة والإمداد، وتعزيز الرقمنة واعتماد تجارة مستدامة وصديقة للبيئة، فضلاً عن دفع التنمية الشاملة والمفيدة للجميع"، مشيراً إلى أن مقترحه يهدف إلى "تعزيز عولمة اقتصادية شاملة، وبناء مجتمع لمنطقة آسيا-المحيط الهادئ"، وفق ما أوردت وكالة "شينخوا" الصينية الرسمية.
وقال شي خلال خطابه: "ينبغي لشركاء التجارة أن يسعوا بنشاط إلى إيجاد المزيد من نقاط التقاء المصالح، ودعم انفتاح وتطوير سلاسل التوريد"، حسبما أوردت "بلومبرغ".
وأضاف الرئيس الصيني: "يجب علينا الالتزام بمبدأ تضافر الجهود بدلاً من التخلي عنها، والتوسع بدلاً من تفكيك سلاسل التوريد"، داعياً الحضور إلى ممارسة "تعددية حقيقية".
شكوك بشأن إعلان مشترك في "قمة أبيك"
وقال وزير الخارجية الكوري الجنوبي، تشو هيون، الخميس، إنه يأمل أن يصدر قادة "أبيك" بياناً مشتركاً عند اختتام القمة، السبت.
إلا أن دبلوماسيَّين من دول أعضاء في "أبيك" أعربا لوكالة "رويترز"، عن شكوكهما في أن يكون البيان جوهرياً، نظراً للانقسامات السياسية العالمية.
وكانت "أبيك"، التي تمتد من روسيا إلى تشيلي وتُمثل 50% من التجارة العالمية، فشلت في إصدار بيان مشترك في عامي 2018 و2019 خلال الولاية الأولى لترمب.
وشهدت القمة أيضاً توقيع اتفاقات أعمال، إذ اتفقت شركة تصنيع الرقاقات الأميركية "إنفيديا" مع مجموعة "هيونداي" الكورية على مشروع مشترك بقيمة 3 مليارات دولار في مجال الذكاء الاصطناعي.
وشهد الرئيس التنفيذي لشركة "إنفيديا"، جنسن هوانج، أسبوعاً صاخباً، بعدما أصبحت "إنفيديا" أول شركة تتجاوز قيمتها السوقية 5 تريليونات دولار.
وقال هوانج، الجمعة، إنه يأمل أن يتم السماح ببيع الرقاقات في الصين، لكنه شدد على أن القرار يعود في النهاية إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب.









