اتهامات للولايات المتحدة بـ"تهديد" دبلوماسيين أوروبيين بشكل شخصي خلال مفاوضات الكربون

مسؤول أوروبي: تم استدعاء أشخاص للسفارة الأميركية في لندن وترهيبهم بالتأشيرات

time reading iconدقائق القراءة - 6
سفينة شحن محملة بالحاويات تُرى في ميناء أوكلاند، كاليفورنيا، الولايات المتحدة، بتاريخ 4 أغسطس 2025 - REUTERS
سفينة شحن محملة بالحاويات تُرى في ميناء أوكلاند، كاليفورنيا، الولايات المتحدة، بتاريخ 4 أغسطس 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

اتهم مسؤولون في المفوضية الأوروبية الولايات المتحدة بـ"تهديد مفاوضين أوروبيين بشكل شخصي" خلال مفاوضات "شرسة" بشأن قواعد الشحن الأخضر، في خطوة وُصفت بأنها "مناورة غير مألوفة تماماً" تركت الدبلوماسيين في حالة صدمة بعد الاجتماع، وفق مجلة "بوليتيكو".

وأوضحت "بوليتيكو" أن هذه التهديدات وُجهت الشهر الماضي، بينما كانت واشنطن تناور لمنع مبادرة لفرض ضريبة على الانبعاثات خلال اجتماع المنظمة البحرية الدولية في لندن.

وأكد ثمانية دبلوماسيين ومسؤولين ومراقبين من المجتمع المدني في أوروبا، منحتهم المجلة حق عدم كشف هوياتهم لوصف المناقشات المغلقة وحماية علاقاتهم مع الأطراف المعنية، أن بعض ممثلي الدول أبلغوا عن تعرضهم لتهديدات بـ"عواقب شخصية" إذا خالفوا الموقف الأميركي.

وقال مسؤول أوروبي تحدث مع المفاوضين: "مفاوضونا لم يشهدوا شيئاً كهذا من قبل في أي مفاوضات دولية. يتم استدعاء أشخاص إلى السفارة الأميركية في لندن، ترهيب، تهديد بوقف الأعمال، وتهديد بفقدان أفراد من العائلة لتأشيراتهم".

وأضاف مسؤول آخر في المفوضية الأوروبية أن الدبلوماسيين عادوا إلى بلدانهم وهم في حالة اضطراب بعد الاجتماعات. وقال: "تلقينا ردوداً من عدد من المشاركين في المفاوضات بشأن حجم الضغط الذي تعرضوا له".

إدارة ترمب تعارض سياسة المناخ العالمية

ومنذ عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، سعت الإدارة إلى تقويض سياسة المناخ العالمية وتعزيز مصالح الوقود الأحفوري الأميركية. ووصف الرئيس الجهود الرامية لمكافحة الاحتباس الحراري بأنها "خدعة".

وكان الرئيس الأميركي غاضباً بشكل خاص من خطة الحد من انبعاثات الشحن البحري، قائلاً إنها ستفرض ضرائب غير مبررة على شركات الشحن الأميركية.

وتُعد المنظمة البحرية الدولية وكالة تابعة للأمم المتحدة تنظم صناعة الشحن العالمية، وتُطبق إجراءاتها عبر 176 دولة عضو، أي كل دولة تقريباً لها سواحل بحرية.

ولا يُعد الاتحاد الأوروبي عضواً في المنظمة، غير أن المفوضية الأوروبية، وغالبية دول الاتحاد كانت من أوائل داعمي مقترح ضريبة الكربون.

وكشفت الولايات المتحدة استراتيجيتها علناً قبل الاجتماع، عبر بيان صحافي وقعه وزراء الخارجية والنقل والطاقة الأميركيون. وإلى جانب التهديد بفرض رسوم جمركية ورسوم موانئ وقيود على تأشيرات أطقم السفن، قالت واشنطن إنها ستنظر أيضاً في فرض "عقوبات على المسؤولين الذين يرعون سياسات مناخية يروج لها نشطاء".

اليونان تغير تصويتها

وتبنت قبرص واليونان، وهما دولتان بحريتان رئيسيتان، موقفاً مخالفاً لموقف باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي، فيما أكدت اليونان أن قرارها لا علاقة له بالضغط الأميركي.

وقال رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، الذي تملك بلاده واحدة من أكبر الصناعات البحرية في العالم، في مقابلة مع "بوليتيكو" بعد أن غيرت أثينا تصويتها، وساندت تأجيل فرض ضريبة الانبعاثات: "كنا قد اتخذنا قرارنا قبل فترة طويلة من تدخل الولايات المتحدة في هذا الملف، وكنا قد عبرنا فعلاً عن مخاوفنا. أريد أن أكون واضحاً جداً… أنا لم أتحدث مع الرئيس ترمب بشأن هذا الموضوع".

"تهديدات شخصية في مفاوضات دولية"

وقالت "بوليتيكو" إن استخدام تهديدات شخصية في مفاوضات دولية يمثل "انحرافاً" جديداً من إدارة ترمب عن الأعراف الدبلوماسية، ويشير إلى مزيد من التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

ولم تقتصر التهديدات على الوفود الأوروبية، بحسب مسؤولين ومشاركين أحيطوا علماً بما جرى في لندن. وقال أحد مراقبي المجتمع المدني، الذي أبلغه أحد الوفود بتفاصيل الأمر: "أنا على علم مباشر بوجود تهديدات وُجهت لدول في الاتحاد الأوروبي ولدول جزر".

وامتنع مندوبون تعرضوا لحملة الترهيب عن التصريح العلني خشية أن تنفذ الولايات المتحدة إنذاراتها. وكانت صحيفة "فاينانيشال تايمز" أول من كشف التهديدات الشخصية للوفود.

تأجيل الضريبة لمدة عام

وفي تصويت جاء بفارق ضئيل، اختار الاجتماع تأجيل ضريبة الانبعاثات لمدة عام، في خطوة اعتبرها كثيرون "ضربة شبه قاتلة" للإجراء و"انتصاراً كبيراً" لترمب.

ووافقت عشرات الدول من إفريقيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وآسيا على التأجيل.

وقال مسؤولون آخرون تحدثوا مع الوفود إنهم أصيبوا بالذهول من مدى استعداد الأميركيين للضغط بهذا القدر على المندوبين.

وذكر وزير الطاقة الأميركي كريس رايت إنه هو ووزيرة الزراعة بروك رولينز أجريا اتصالات شخصية بأكثر من 20 دولة للضغط عليها.

وأكد دبلوماسي غربي رفيع أن الولايات المتحدة هددت دول الكاريبي بفرض رسوم جمركية إذا لم توافق على تأجيل القرار المتعلق بانبعاثات الشحن.

وقال المراقب إن "العملية كانت مستمرة" خلال اجتماع المنظمة البحرية الدولية الذي امتد لأسبوع. وفي حالة واحدة على الأقل، تواصل مندوبون أميركيون مع وفد آخر في قاعة الجلسة العامة، ووجهوا له مجموعة مماثلة من الإنذارات.

وأضاف: "كان هناك قدر كبير من الاستياء بين المندوبين".

وخلال استراحة قهوة أثناء الاجتماع، قال وزير المناخ في فانواتو رالف ريجينفانو لـ"بوليتيكو" إن دول جزرية أخرى تعرضت لـ"ضغط لا هوادة فيه" من الولايات المتحدة. وأضاف: "هناك هراء يجري".

"مناخ من الخوف"

ورغم أن التكتيكات الصعبة ليست جديدة في المفاوضات الدولية، فقد اعتُبر الأسلوب "الشرس" للولايات المتحدة في لندن استثنائياً.

وقال كريستيان دي بوكولير، كبير المحاضرين في سياسات المناخ والنقل البحري في جامعة ملبورن، الذي حضر المفاوضات بصفة مراقب: "الضغط الأميركي خلق مناخاً من الخوف، وهو ما أوجد بدوره حالة من الفوضى أدت في النهاية إلى تأجيل اعتماد القرار".

ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق على ما وصفه بـ"محادثات دبلوماسية خاصة". لكن وزير الخارجية ماركو روبيو دافع عن الجهود المناهضة لفرض ضريبة على الكربون في مقال رأي بصحيفة "وول ستريت جورنال".

وقال روبيو: "لقد أثمرت جهودنا لبناء التحالفات، وأثبتت أن الدبلوماسية الحقيقية القائمة على المصلحة الوطنية، مصلحتنا ومصلحتهم، تستطيع إحباط المخططات البيروقراطية غير الخاضعة للمساءلة. وإذا ظهرت هذه المبادرة أو أي مبادرة مشابهة مرة أخرى من بيروقراطية الأمم المتحدة، فسيكون تحالفنا ضدها جاهزاً، وأكبر".

تصنيفات

قصص قد تهمك