
أعلنت قوات "الدعم السريع" في السودان، الخميس، موافقتها على الدخول في الهدنة الإنسانية المطروحة من دول "الآلية الرباعية"، الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، تمتد من 3 إلى 9 أشهر.
وذكرت قوات الدعم السريع في بيان، أنها تتطلع إلى "الشروع مباشرة في مناقشة ترتيبات وقف العدائيات والمبادئ الأساسية الحاكمة للمسار السياسي في السودان بما يفضي إلى معالجة الأسباب الجذرية للحروب".
كان مجلس الأمن والدفاع السوداني، برئاسة البرهان، رحَّب، الثلاثاء، بجهود ومبادرات "بعض الدول والأصدقاء"، بما في ذلك الحكومة الأميركية، لوقف الحرب الدائرة في البلاد.
جاء ذلك، بينما أفادت "بلومبرغ" بأن الجيش السوداني يدرس مقترحاً أميركياً بهدنة مدتها ثلاثة أشهر في صراعه ضد قوات "الدعم السريع".
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني و"الدعم السريع" في أبريل 2023؛ بسبب صراع على السلطة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للتحول نحو حكم مدني.
جهود أميركية للدفع نحو تسوية الأزمة
وتكثف الولايات المتحدة جهودها الدبلوماسية لإقرار "الهدنة الإنسانية" في السودان، بهدف تهيئة الظروف لإنهاء القتال الذي دخل عامه الثالث.
بدأ الأمر بلقاء أحيط بسرية بالغة بين رئيس مجلس السيادة السوداني قائد الجيش، عبد الفتاح البرهان، وكبير مستشاري الرئيس الأميركي للشؤون العربية والإفريقية، مسعد بولس، في زيورخ بسويسرا في أغسطس الماضي، وكان بمثابة محاولة لـ"إذابة الجليد" بين الجانبين، السوداني والأميركي، أملاً في الدفع قدماً بتسوية تقودها "الرباعية الدولية".
البرهان، الذي اصطحب معه مسؤولين رفيعي المستوى من "أجهزة أمنية حساسة"، بحث مع بولس هذا المسار، والعقبات الكبيرة التي تعترضه، إضافة إلى ملفات تتعلق بمستقبل الحكم في السودان، والعلاقات الثنائية، وخاصة أمن البحر الأحمر، والاستثمارات، وعلاقة السودان بعواصم تنظر إليها واشنطن بريبة، ووضع "الإسلاميين" في البلاد، ومستقبلهم السياسي.
وعمل الجانبان خلال تلك المحادثات، حسبما أشارت مصادر مطلعة في تصريحات لـ"الشرق"، على تعبيد الطريق أمام تسوية محتملة، في ظل مخاطر كبيرة تحيط بهذه الجهود. فمن ناحية، توجَّب على الأميركيين استضافة وفدين من الحكومة السودانية وقوات الدعم السريع، والبحث بشكل منفصل في شأن التسوية.
كما عمل الأميركيون، على تقريب وجهات النظر بين بعض أطراف "الرباعية" من جانب، والحكومة السودانية من جانب آخر، وهو الأمر الذي نجحوا فيه، إلا أن الاختراق المطلوب لم يكن كافياً لعقد لقاءات على مستويات أرفع، وإن بقي الباب موارباً لمثل هذا اللقاء، الذي كان مقترحاً في مصر، بحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ"الشرق".
ويسعى البرهان، لإقناع شركائه بهذا المسار الجديد، وخاصة الحركات المسلحة التي يقودها حاكم دارفور، مني أركو مناوي، ووزير المالية، جبريل إبراهيم، ونائب حاكم دارفور، مصطفى تمبور، خاصة في ظل حصار طويل على مدينة الفاشر بشمال دارفور، انتهى بسيطرة الدعم قوات الدعم السريع عليها، ما جرّد هذه الحركات من ورقة مهمة كانت بحوزة قادتها، ما يزيد من تعقيدات المشهد السوداني.
علاوة على ما سبق، رأى محللون أن "الحركة الإسلامية" في السودان، باتت "محشورة" في الزاوية، بعد أن وضعت "كل البيض في سلة القضاء على قوات الدعم السريع"، ومن ثم رسم خريطة سياسية جديدة، إلا أن قادتها يؤكدون زهدهم في العودة للسلطة في الوقت الحالي، ويشددون أن ما يصفونه بـ"الجرائم الكبرى" للدعم السريع لا يمكن تجاوزها لصالح تسوية "قد تعيد قيادة هذه القوات" وحلفاءها إلى سدة الحكم، في إشارة لتحالفي "تأسيس" و"صمود".
والثلاثاء، خرج اجتماع مجلس الأمن والدفاع السوداني، برئاسة البرهان، "بالصمت عن لا أو نعم" بشأن رد الحكومة على الورقة الأميركية، مكتفياً، في بيان، تلاه وزير الدفاع، حسن كبرون، بالقول، إن المجلس "يرحب بأي جهود تدعو لإنهاء معاناة السودانيين"، موجهاً الشكر للحكومة الأميركية على مساعيها.
وخلّف البيان المقتضب "فراغات" بشأن رؤية الحكومة السودانية للتعاطي مع رغبة إدارة الرئيس الأميركي ترمب في التوصل إلى هدنة، غير أن مراقبين أشاروا إلى أن الجانب السوداني ربما يرغب في تحاشي سخط بعض القطاعات السياسية والشعبية، ولجأ إلى سياسة "تجرع الدواء المر" على دفعات، خشية ألا يكون المسرح مهيئاً كلياً لمشهد جديد، ربما مؤداه الإطاحة بقوى وصعود أخرى.









