كيف قسمت معركة "الإغلاق الحكومي" الديمقراطيين ورسخت سلطة الجمهوريين؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
دبي-الشرق

دخل الديمقراطيون معركة الإغلاق الحكومي بهدف منع ارتفاع تكاليف التأمين الصحي لملايين الأميركيين، ولإظهار قدرتهم على خوض مفاوضات شرسة في مواجهة الإدارة الجمهورية للرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وبعد 40 يوماً من أطول إغلاق في تاريخ الولايات المتحدة، والذي تسبب بخسائر متزايدة للاقتصاد الأميركي، فشل الديمقراطيون في تحقيق أي من الهدفين، وفق تقرير لـ"بلومبرغ"

فقد انشق ثمانية ديمقراطيين، مساء الأحد، وصوّتوا مع الجمهوريين للمضي في مشروع قانون لإعادة فتح الحكومة، رغم معارضة زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر.

وبعد اجتماع الديمقراطيين لأكثر من ساعتين لمناقشة مقترح الجمهوريين، قال شومر، إنه لا يستطيع "بحسن نية" دعمه. وأضاف قبل التصويت: "أميركا في خضم أزمة رعاية صحية صنعها الجمهوريون"، معتبراً أن الأميركيين "سيعانون بشكل كبير"، وأن "الأزمة ستزداد سوءاً".

ولا تتضمن الخطة تمديد دعم التأمين الصحي، ضمن قانون الرعاية الصحية، بأسعار معقولة، وهو ما كان الديمقراطيون يعوّلون عليه خلال الإغلاق. 

ورغم أنهم حصلوا على تعهّد بإجراء تصويت منفصل على الإعفاءات الضريبية للرعاية الصحية خلال الأسابيع المقبلة، إلا أنه لا توجد أي ضمانات للفوز في هذا التصويت.

انقسام محتمل في الحزب الديمقراطي

من المرجح أن يتسبب هذا الاتفاق بانقسام داخل الحزب الديمقراطي، الذي كان يحتفل قبل أيام فقط بانتصارات انتخابية في الولايات والبلديات، حيث تجاوب الناخبون مع رسائل الحزب حول القدرة على تحمل تكاليف المعيشة.

وقالت عضوة مجلس الشيوخ، الديمقراطية إليزابيث وارن: "أعتقد أن هذا خطأ فادح، الشعب الأميركي يريد منا أن نقف ونقاتل من أجل الرعاية الصحية، وهذا ما يجب أن نفعله".

كما انتقد زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب حكيم جيفريز الخطة، قائلاً إن الديمقراطيين في مجلسه لن يدعموها.

ووصف السيناتور المستقل بيرني ساندرز، الذي يصوّت عادة مع الديمقراطيين، التصويت بأنه "يوم سيئ للغاية".

ورغم أن فوز الديمقراطيين الأخير في الانتخابات عزّز تصميم بعض أعضاء الحزب على مواصلة المواجهة، إلا أن التحرك السريع من أعضاء آخرين لعقد صفقة، أظهر مدى سيطرة الجمهوريين على السلطة في واشنطن، وفق "بلومبرغ".

وقالت عضوة مجلس الشيوخ، الديمقراطية جين شاهين، والتي أسهمت في التفاوض على الاتفاق، إنه "أصبح واضحاً أن الجمهوريين لن يقبلوا مناقشة إعانات الرعاية الصحية ما دامت الحكومة مغلقة"، وأن الانتظار سيؤدي فقط إلى "إطالة معاناة الأميركيين".

وترجع جذور المواجهة إلى انتقادات وُجهت لشومر في الربيع الماضي، عندما وافق على دعم مشروع إنفاق جمهوري، بينما كان إيلون ماسك يقود حملة تسريح للموظفين الفيدراليين تحت مظلة "وزارة الكفاءة الحكومية".

دافع شومر آنذاك عن قراره بالقول إن إبقاء الحكومة مفتوحة أفضل من منح ماسك فرصة لمزيد من التخفيضات. لكن قاعدة الحزب غضبت وقتها.

حدود نفوذ الديمقراطيين في واشنطن

يُظهر اتفاق الأحد، صعوبة استخدام الديمقراطيين لما تبقى لديهم من نفوذ في واشنطن، من أجل مواجهة أجندة ترمب، بحسب "بلومبرغ".

والتصويت المستقبلي الذي وُعدوا به بشأن الإعفاءات الضريبية للرعاية الصحية كان مطروحاً من قبل زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ جون ثون قبل أسابيع.

وكرر ترمب والجمهوريون التأكيد على أنهم لن يناقشوا الملف الصحي قبل إنهاء الإغلاق.

وقال السيناتور أنجوس كينج، المستقل المتحالف مع الديمقراطيين: "الأمر لم يكن ليحدث، لقد أمضينا ما يقارب 7 أسابيع في محاولات عقيمة لإضافة الإعفاءات إلى مشروع الإنفاق".

ومع ذلك، يرى الديمقراطيون نقاطاً إيجابية، فقد أظهرت استطلاعات أن الرأي العام يحمّل الجمهوريين مسؤولية الإغلاق بشكل أكبر من الديمقراطيين. كما دفع الإغلاق إدارة ترمب للدخول في موقف سياسي حساس بسبب محاولة تعليق مساعدات غذائية لـ42 مليون أميركي من أصحاب الدخل المحدود.

والقضية التي بدأ الديمقراطيون المواجهة من أجلها، تجديد الإعفاءات الضريبية للتأمين الصحي، لا تزال تحظى بشعبية واسعة، مع تهديد 24 مليون أميركي بارتفاع أقساط التأمين بمئات الدولارات شهرياً.

قضية انتخابية

يخطط الديمقراطيون، وفق "بلومبرغ"، لاستخدام ملف الرعاية الصحية في حملتهم لانتخابات التجديد النصفي المقررة في 2026.

وإذا منع الجمهوريون تمديد الإعفاءات بشأن الرعاية الصحية في تصويت مجلس الشيوخ، أو رفضوه في مجلس النواب، سيلقي الديمقراطيون بالمسؤولية المباشرة على الجمهوريين في ارتفاع الأقساط.

ويواجه الجمهوريون الآن ضغوطاً لتقديم حلول، وهم منقسمون داخلياً بين من يريد التمديد بتغييرات بسيطة، وآخرين يريدون تغييرات جذرية في قانون الرعاية الصحية.

وتاريخياً، من النادر ما تفلح الأطراف التي تحاول استخدام الإغلاق للفوز بتنازلات سياسية، وغالباً ما تتراجع دون تحقيق مكاسب، وهذا ما حدث لترمب في إغلاقه 2018–2019 عندما فشل في الحصول على تمويل الجدار الحدودي مع المكسيك.

وبلغت فوضى الإغلاق الحكومي ذروتها، بعدما أمر وزير النقل الأميركي شون دافي شركات الطيران بإلغاء رحلات طيران بسبب نقص مراقبي الحركة الجوية الذين توقفوا عن الذهاب إلى العمل لعدم تلقي الرواتب.

وتم تأخير أو إلغاء أكثر من 10 آلاف رحلة، الأحد، مع تحذيرات من أن السفر الجوي قد يتوقف تقريباً مع اقتراب عيد الشكر، أحد أكثر مواسم السفر ازدحاماً.

ورغم إقرار التمويل المؤقت، لا يزال الإغلاق قائماً، إذ ينبغي أن يصوت مجلس الشيوخ على مشروع القانون النهائي، ثم يعود لمجلس النواب للتصويت عليه دون تغييرات، ثم يوقعه ترمب.

قد يستغرق الأمر عدة أيام قبل أن يصبح القانون نافذاً، ما يعني استمرار التأثيرات، مثل الفوضى في السفر، وتأخر المساعدات الغذائية، ورواتب الموظفين الفيدراليين التي لم تُصرف.

تصنيفات

قصص قد تهمك