
يشهد الحزب الديمقراطي الأميركي حالة من الغضب والانقسام بعد أن تحالف ثمانية من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين مع الجمهوريين للتوصل إلى اتفاق لإعادة فتح الحكومة دون تمديد إعانات قانون الرعاية الصحية الميسرة، وهو المطلب الأساسي الذي أدى إلى إغلاقها.
وأثار الاتفاق، الذي مرره المجلس مساء الاثنين، بأغلبية 60 صوتاً (52 جمهورياً و8 ديمقراطيين) مقابل 40 (39 ديمقراطياً، وجمهوري واحد)، انتقادات شديدة من المرشحين للكونجرس، والنشطاء التقدميين، والمشرّعين الديمقراطيين، بمن فيهم بعض من يملكون طموحات رئاسية، والذين قالوا إن هذا يظهر أن قيادة الحزب "غير قادرة على تشكيل معارضة فعّالة للرئيس دونالد ترمب".
وقال النائب رو خانا، الديمقراطي من كاليفورنيا، الذي يدرس الترشح للرئاسة، لشبكة NBC News: "هذه لحظة حاسمة للحزب. نحن بحاجة إلى وجوه جديدة بأفكار جريئة. الشعب الأميركي سئم من الوضع الراهن الفاشل".
ورغم أن زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ تشاك شومر (ديمقراطي من نيويورك) انتقد الاتفاق وصوّت ضده، إلا أن بعض المجموعات الليبرالية والمرشحين الديمقراطيين المناهضين للمؤسسة ألقوا اللوم عليه لفشله في الحفاظ على وحدة الكتلة الديمقراطية ضد صفقة لم تشمل تمويل قانون الرعاية الصحية.
وإذا انتهت صلاحية الدعم في نهاية عام 2025 كما هو مقرر، فقد يواجه أكثر من 20 مليون أميركي زيادة في أقساط التأمين الصحي.
دعوات التغيير
ودعا النائب الديمقراطي خانا إلى استبدال شومر. كما طالب مرشحون ديمقراطيون لمجلس الشيوخ مثل مالوري ماكمورو (ميشيجان)، وزاك والاس (آيوا)، وجراهام بلاتنر (مين)، بإجراء تغيير في قيادة مجلس الشيوخ.
وقال بلاتنر في مقطع فيديو نشره على إكس: "هنا في شرق ولاين ماين، مضاعفة أقساط التأمين الصحي تدمر العائلات. نحن بحاجة إلى انتخاب قادة يريدون القتال".
وتصاعدت الانتقادات الليبرالية لشومر في مارس، بعد أن وافق على مشروع قانون جمهوري لتمويل الحكومة لمدة ستة أشهر. ورغم أنه عارض الاتفاق الحالي، دافع الأعضاء الديمقراطيون الذين وقّعوا عليه عن موقفهم.
وقال السيناتور أنجوس كينج (مستقل من ماين) الأحد، إن الصفقة تمثل "انتصاراً" لأنها تمنح الديمقراطيين "فرصة" لتمديد الإعفاءات الضريبية لقانون الرعاية الصحية، بعد أن تعهد قادة الجمهوريين في مجلس الشيوخ بإجراء تصويت على هذه المسألة في ديسمبر، لكن مجلس النواب لم يقدم أي التزام مماثل، كما أنه لا توجد ضمانة لتمرير المشروع في مجلس الشيوخ نفسه.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، أجرى التحالف التقدمي "Indivisible" استطلاعاً لأعضائه بشأن ما إذا كان يجب قبول صفقة التمويل أو الاستمرار في معركة دعم قانون الرعاية الصحية، وصوّت %98.67 لصالح الاستمرار في الإغلاق حتى تمديد الدعم، بحسب المؤسس المشارك للمجموعة إزرا ليفين.
وقال ليفين عبر رسالة نصية: "كنا نأمل أن يتمكن الحزب الديمقراطي من القتال ضد النظام. حاولنا بأكبر الاحتجاجات في التاريخ وأفضل نتائج انتخابية منذ سنوات. كانت استطلاعات الرأي إلى جانبنا. الجمهوريون كانوا منقسمين. ترمب كان قلقاً. كنا نكسب في كل مكان عدا داخل الكتلة الديمقراطية. أنا مقتنع أن وقت الدعوة انتهى، وما سيغير الحزب هو موسم أولي تطهيري".
وذكرت المجموعة أنها دعت شومر إلى الاستقالة منذ مارس، والآن ستطالب جميع مرشحي مجلس الشيوخ الديمقراطيين بالانضمام إلى الدعوات لعزله من القيادة. وأضاف ليفين: "نطلق اليوم برنامجنا للانتخابات التمهيدية، ولن ندعم أي مرشح يرفض الدعوة إلى تنحي شومر عن القيادة".
استقالة شومر
وأطلقت حركة "ثورتنا" (Our Revolution)، التي نشأت من حملة بيرني ساندرز للرئاسة عام 2016، عريضة الاثنين تطالب باستقالة شومر فوراً.
كما دعا آدم جرين، المؤسس المشارك للجنة الحملة التقدمية للتغيير (PCCC)، إلى تنحي شومر قائلاً في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "تشاك شومر يجب أن يتنحى عن زعامة الديمقراطيين في مجلس الشيوخ. إرث شومر هو التراجع، لا الانتصار".
أما شومر نفسه، فقال إن الديمقراطيين منحوا الجمهوريين "فرصة لإصلاح" أزمة ارتفاع تكاليف الرعاية الصحية، لكن الحزب الجمهوري "أضاعها"، مضيفاً أن الحزب الديمقراطي سينقل المعركة إلى صناديق الاقتراع.
وقال في مجلس الشيوخ الاثنين: "سيتذكر الأميركيون عناد الجمهوريين في كل مرة يدفعون فيها أقساط تأمين صحي مرتفعة".
وعبّر بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن غضبهم، إذ قال السيناتور كريس ميرفي: "كان الشعب إلى جانبنا. كنا نكسب الزخم لإنقاذ ديمقراطيتنا. كان بإمكاننا الفوز، إشعارات زيادة أقساط (التأمين الصحي) بدأت للتو. والتنازل الآن سيشجع ترمب. الأمور ستزداد سوءاً".
وقال بيرني ساندرز (مستقل من فيرمونت): "التخلي عن مطالبنا بشأن الرعاية الصحية يجعل الوضع المروع أسوأ".
وأضافت إليزابيث وارن (ديمقراطية من ماساتشوستس): "أعتقد أن هذا خطأ فادح".
أما زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز وهو ديمقراطي من نيويورك، فأشاد بشومر ومعظم الديمقراطيين في مجلس الشيوخ على "نضالهم الشجاع"، قائلاً إنه لم يتحدث إلى الأعضاء الثمانية الذين دعموا الاتفاق.
وقال: "لن أشرح ما قرر عدد قليل من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ القيام به. يتعين عليهن تفسير هذا الأمر للشعب الأميركي. ما سنواصل فعله نحن الديمقراطيين في مجلس النواب، بالتعاون مع حلفائنا في جميع أنحاء أميركا، هو مواصلة القتال، والبقاء في الساحة، وتحقيق الانتصارات نيابة عن الشعب الأميركي، رغم أي خيبات أمل قد تنشأ".











