ولي العهد السعودي إلى أميركا.. الأمن والتنمية وتحديات الشرق الأوسط أبرز الملفات

خبراء: توقعات بطرح صفقات F-35 والدفاع المشترك والطاقة النووية على طاولة المحادثات

time reading iconدقائق القراءة - 11
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الديوان الملكي بقصر اليمامة، الرياض، السعودية. 13 مايو 2025 - واس
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الديوان الملكي بقصر اليمامة، الرياض، السعودية. 13 مايو 2025 - واس
دبي-محمد آل سلطان

يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في البيت الأبيض، ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في زيارة تبعث برسالة مفادها أن البلدين يعملان بشكل متقارب ضمن ملفات استراتيجية.

ويشمل ذلك ملفات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا والاستثمار، إضافة إلى الدور السعودي في استقرار المنطقة عبر الاتفاقيات الأمنية وتحديث القدرات العسكرية، ومنها السعي للحصول على طائرات مقاتلة ذات تقنيات متقدمة.

العلاقات السعودية الأميركية 

وتمتد العلاقات السعودية الأميركية تاريخياً إلى اللقاء الذي أسس للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين في قمة جمعت الملك عبد العزيز والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، ومنذ ذلك الحين واصلت تطورها، إلا أن هذه العلاقة شهدت فتوراً نسبياً خلال العقدين الأخيرين.

وتزامن الفتور مع تراجع اعتماد الولايات المتحدة على استيراد النفط من المملكة والمنطقة، بعد أن اتجهت واشنطن إلى زيادة الإنتاج المحلي خاصة من النفط الصخري.

ويوضح الدكتور عبد الله اللحيدان، الأستاذ المشارك في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، في حديث مع "الشرق"، أن ذلك الفتور بدأ عندما قررت واشنطن إعادة توجيه اهتمامها نحو شرق آسيا باعتباره مركز الثقل الصناعي والاقتصادي العالمي القادم، ما انعكس على مستوى التزامها التقليدي تجاه الشرق الأوسط.

ودفع هذا الفتور السعودية، بحسب اللحيدان، إلى استثمار شبكة علاقاتها الدولية المتعددة. كما اتجهت إلى قيادة تحول داخلي بقيادة الأمير محمد بن سلمان ليضعها في موقع يتسق مع طموحاتها.

واعتبر اللحيدان أن هذا ما حدث فعلاً بعد إقرار رؤية 2030، لتؤكد التحول عبر تعزيز قدرات المملكة في المجالات العسكرية والاقتصادية، وتنويع قاعدة الاقتصاد السعودي بدلاً من الاعتماد على النفط وحده، نحو بناء "اقتصاد متنوع".

اقرأ أيضاً

ولي العهد السعودي: سنرفع الاستثمارات السعودية في أميركا إلى تريليون دولار

أعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، اعتزامه رفع الاستثمارات السعودية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية إلى تريليون دولار، من 600 مليار دولار.

وأعلن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اعتزامه رفع الاستثمارات السعودية الجديدة في الولايات المتحدة الأميركية إلى تريليون دولار، من 600 مليار دولار.

ويرى الدكتور أحمد الشهري، الباحث في العلاقات الدولية رئيس منتدى الخبرة السعودية، أن "السعودية بطبيعتها تحرص على تنويع علاقاتها الدولية، غير أن علاقتها بالولايات المتحدة ذات خصوصية، فرغم تعاقب الإدارات الأميركية بين الديمقراطيين والجمهوريين، إلا أن الرياض نجحت في تأسيس علاقة مرنة مع كل إدارة ورئيس، بما يضمن استمرار الشراكة بطابعها الاستراتيجي".

ويلفت الشهري إلى أنه عندما تتباطأ واشنطن في تلبية المتطلبات الدفاعية للسعودية، كما حدث فيما بعد أحداث "الربيع العربي"، تتجه الرياض سريعاً إلى خيارات أخرى، مثل منظومة "S-400" الروسية حين تأخر تسليم منظومة "ثاد" الأميركية.

ورغم التوتر الذي طبع علاقة الإدارة الأميركية خلال عهد جو بايدن مع السعودية، عبر قرارات منها سحب منظومة "باتريوت" ورفع الحوثيين من قائمة الإرهاب، استمر التعاون المؤسسي بين البلدين، ما دل على عمق المصالح المشتركة، بحسب الشهري.

العلاقة مع إدارة ترمب

وخلال الولاية الثانية لترمب، اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب العاصمة السعودية لتكون أولى محطاته الخارجية، في إشارة إلى مركزية المملكة في الاستراتيجية الأميركية. 

وبعد أن غادرها أكد، من العاصمة القطرية الدوحة، متانة العلاقات بين البلدين، قائلاً: "علاقة الولايات المتحدة بالسعودية قوية جداً، ولا أحد سيعكر صفو هذه العلاقة، لا أحد قادر على زعزعتها، بفضل علاقتي مع ولي العهد والعائلة المالكة.. العلاقة متينة بالفعل، ولدي علاقات قوية مع الملك سلمان، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان".

وتجسدت هذه التصريحات بشكل عملي في التعاطي الأميركي مع الملف السوري بعد سقوط نظام الأسد، والعمل على تسريع عودة سوريا إلى المجتمع الدولي.

وفي حديثه خلال "مبادرة مستقبل الاستثمار" في الرياض، أكد الرئيس السوري أحمد الشرع أن الرياض لعبت دوراً محورياً في الملفات المتعلقة بعودة سوريا إلى المجتمع الدولي، قائلاً: "أدركنا فور وصولنا إلى السعودية أين يوجد مفتاح الحل".

ويتوقع الشهري أن تحدث زيارة ولي العهد السعودي إلى واشنطن نقلة نوعية في العلاقات السعودية الأميركية من خلال منظومة من الصفقات الدفاعية والأمنية والاستراتيجية.

وأوضح أن نوعية هذه الصفقات، التي تشمل الطائرات العسكرية والمدنية والمنظومات الدفاعية البرية والبحرية والجوية، تمتد لعقود قادمة، ما يعكس الاستمرارية في العلاقة.

اتفاقية دفاعية

وكانت شبكة CBS الأميركية نقلت عن مصادر مطلعة، في أكتوبر، أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى توقيع اتفاقية دفاعية مع الولايات المتحدة. 

واعتبر اللحيدان أن "الاتفاقية دفاعية بحتة،إذ تقوم الرؤية السعودية للمنطقة على أساس السلام"، مضيفاً: "المملكة لا ترغب في اللجوء إلى الخيارات العسكرية عند التعامل مع إيران فيما يخص تدخلاتها السابقة في الدول العربية".

وأشار إلى أن السعودية سعت لتكون قناة اتصال مهمة بين واشنطن وطهران، لعل الأخيرة تلتزم بمتطلبات المجتمع الدولي، وكذلك تتوقف عن زعزعة أمن الدول العربية، سواء في اليمن أو لبنان أو سوريا أو غيرها، موضحاً أن الهدف هو أن تصبح إيران جارة تتسم علاقاتها بالاحترام والتعاون المتبادل.

واعتبر الدكتور جارح بن فارس، أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود، أن "تعامل الأميركيين مع السعودية لا يقتصر على كونها حليفاً تقليدياً، بل يمتد ليعكس دور المملكة كشريك استراتيجي، قادر على لعب دور محوري في معالجة ملفات إقليمية معقدة".

وأضاف: "تمر السعودية بفترة مميزة، حيث تنظر إليها الولايات المتحدة كشريك استراتيجي قادر على لعب دور محوري في تقديم حلول عملية للقضايا الإقليمية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية".

وتسعى المملكة إلى جذب الاستثمارات من مختلف بلدان العالم، لذا تأتي التطلعات لتوقيع اتفاقية دفاعية مع واشنطن كعامل معزز لثقة المستثمر، لا سيما في ظل الصراعات، وحالة الاضطراب التي شهدتها المنطقة خلال السنوات الـ16 الماضية. 

ويقول اللحيدان: "يساهم هذا الاتفاق الدفاعي في طمأنة المستثمرين وزيادة حجم الاستثمارات الوافدة إلى المملكة، رغم أن مستوى الاستثمارات الحالي يُعتبر إنجازًا مهماً"، على حد تعبيره.

طائرات F-35

ويجري الحديث عن أن المباحثات السعودية الأميركية في واشنطن ستتطرق إلى ملف بيع مقاتلات "F-35" للسعودية، بحسب "بلومبرغ"، ما يشير إلى تحول محتمل في ميزان القوة الجوية بالشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة.

وتشير التقديرات إلى أنه في حال إتمام الصفقة، سيشكل ذلك مؤشراً جديداً على تغير موازين القوى الجوية في الشرق الأوسط خلال العقد المقبل. 

ويُدرك الجانب الإسرائيلي جيداً التأثير الكبير الذي قد تحدثه قدرات الطائرة F-35، لذلك لم يخف الجانب الإسرائيلي قلقه حيال الصفقة المحتملة بين السعودية والولايات المتحدة.

وفي هذا الشأن يقول اللحيدان: "من المعروف أن الولايات المتحدة لم تصدّر طائرات F-35 إلا إلى بريطانيا وإسرائيل، نظراً لما تتمتع به من قدرات تكنولوجية عالية جداً، ويجب الحصول على موافقة الكونجرس الأميركي قبل بيع المملكة مثل هذه الأسلحة المتقدمة".

وأضاف اللحيدان: "الكثير من صانعي القرار في الولايات المتحدة يأخذون في اعتبارهم مصالح وأمن إسرائيل، ويرون أن حصول المملكة على قدرات تخصيب اليورانيوم أو أحدث الأسلحة قد يؤثر على أمن إسرائيل".

أما مارك تسلر، أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميشيجان ومؤلف كتاب "الإسلام والسياسة في الشرق الأوسط"، فقال لـ"الشرق": "يسعى السعوديون إلى شراء طائرات مقاتلة أميركية من طراز F-35، ورغم بعض التحفظات من المعارضة في الولايات المتحدة، لكن يبدو ترمب حريصاً على تلبية رغبات السعوديين".

التطبيع مع إسرائيل

أثناء توجهه إلى منتجعه في ولاية فلوريدا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، قال الرئيس ترمب: "آمل أن تنضم السعودية قريباً جداً إلى اتفاقيات أبراهام". 

وتؤكد السعودية موقفها الصريح بشكل مستمر، معتبرة أن المسار الضامن لدولة فلسطينية شرط أساسي لإقامة أي علاقات مع إسرائيل، وأطلقت المملكة "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" لتعزيز هذا التوجه. 

وتواصل الرياض استخدام ثقلها السياسي على المستويين العربي والإسلامي لمواجهة الطموحات الإسرائيلية في رفض دولة فلسطين والاكتفاء بدولة واحدة فقط، بينما أسفرت جهود الدبلوماسية السعودية بالشراكة مع فرنسا عما عرف بـ"إعلان نيويورك" لدعم جهود السلام في المنطقة.

ويقول تسلر: "لا يزال ترمب يأمل في انضمام السعودية إلى هذه الاتفاقيات، ولا يزال الرئيس يُغذي هذا الهدف".

ويقول الدكتور ألين فرومهيرز، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة ولاية جورجيا، لـ"الشرق": "تبقى إمكانية اعتراف السعودية مستقبلاً بإسرائيل، في حال تهيأت الظروف السياسية لذلك، عاملاً ضاغطاً يدفع تل أبيب لتقديم التنازلات المطلوبة من أجل فتح مسار فعلي للسلام، يضمن للفلسطينيين دولتهم وحقوقهم وكرامتهم".

وأَضاف فرومهيرز، مؤلف كتاب "مركز العالم.. تاريخ عالمي للخليج العربي من العصر الحجري إلى الحاضر": "من المأمول أن تتضمن المرحلة المقبلة جهداً سعودياً للتواصل المباشر مع الرأي العام الأميركي، بهدف تصحيح الصورة النمطية عن المملكة منذ عقود، وتقديم رواية أكثر دقة عن دورها وتحولاتها التي تعيشها".

التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي

ومن أبرز الملفات، التي ستتناولها المباحثات السعودية الأميركية، ملف التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ففي مقابلة مع قناة CNBC الأميركية، ذكر الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو أمين الناصر، في مطلع نوفمبر الجاري، أن السعودية ستستغل إمداداتها الوفيرة من الغاز الطبيعي الرخيص والطاقة المتجددة لتحويل المملكة إلى قائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبحسب شبكة CNN، فإن طارق أمين، الرئيس التنفيذي لشركة هيوماين، يسعى إلى جعل السعودية ثالث أكبر سوق للذكاء الاصطناعي في العالم، بعد الولايات المتحدة والصين، الأمر الذي اعتبرته الشبكة تعبيراً عن طموح جريء لشركة جديدة في هذا المجال، لكن أمين يُجادل بأن الميزة التنافسية للمملكة تكمن في مواردها الوفيرة والرخيصة من الطاقة، والتي تُلبي الطلب المتزايد على قوة الحوسبة.

ويرى اللحيدان أنه في حال تحقق ذلك، ستصبح السعودية مركزاً رئيسياً في الذكاء الاصطناعي، كما سيشكل هذا المجال مساحة جديدة لتعزيز "الصداقة السعودية الأميركية".

الطاقة النووية

ومن المنتظر أن يطرح الجانب السعودي ملف الطاقة النووية على طاولة المباحثات الأميركية أيضاً، وسط إصرار سعودي على تحقيق تقدم لافت بهذا الملف.

ففي الدورة الـ69 للوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا، أكد وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان على أن السعودية ستواصل تنفيذ مشروعها الوطني للطاقة النووية، بما في ذلك مشروع بناء أول محطة في المملكة.

وعن ذلك يقول اللحيدان: "تتطلع المملكة إلى إقامة مصادر طاقة جديدة، وعلى رأسها الطاقة النووية”، مضيفاً "المملكة تهدف إلى تطوير قدرة التخصيب لديها، نظراً لوجود اليورانيوم بين الموارد المعدنية السعودية".

وتابع: "لكن يشترط عدم تخصيب اليورانيوم محلياً، لذلك، يجب إيجاد صيغة تضمن إمكانية التخصيب داخل المملكة مع تقديم الضمانات اللازمة، بما يحقق الأهداف السلمية للطاقة النووية"، مشدداً على أن "السعودية دولة سلام وتدرك أن الحروب تدمر التنمية".

تصنيفات

قصص قد تهمك