
وافقت الدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية، لأول مرة، على تمويل برنامج مُصمم خصيصاً لتلبية الاحتياجات العسكرية والمدنية، كما قامت الوكالة برفع ميزانيتها بشكل قياسي للسنوات الثلاث المقبلة، حسبما أوردت صحيفة "فاينانشيال تايمز".
وحصل مشروع "المرونة الأوروبية من الفضاء" ERS الذي اقترحته الوكالة على معظم التمويل الذي تحتاجه. ويهدف المشروع إلى إنشاء "نظام عسكري" يجمع الأصول الفضائية الوطنية، لتوفير قدرات مراقبة واتصالات وملاحة آمنة، بالإضافة إلى مراقبة الأرض لأغراض المناخ.
وصرح جوزيف أشباخر، المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية، بأن الوكالة، التي تنص اتفاقيتها التي وُضعت في سبعينيات القرن الماضي على ضرورة تطوير التكنولوجيا لـ"الأغراض السلمية"، قد تلقت "تفويضاً دفاعياً وأمنياً واضحاً من الدول الأعضاء".
ومع أن هذا التفويض لا يمثل سوى حوالي 5% من ميزانية وكالة الفضاء الأوروبية، إلا أن هذه الخطوة "ربما تكون بداية لمزيد من التفويضات القادمة"، على حد قوله.
ويأتي هذا التحول في ظل تزايد المخاوف بشأن الأنشطة الفضائية من جانب كل من الصين وروسيا، في حين أبرزت الحرب الروسية الأوكرانية، الأهمية الحاسمة لقدرات الاتصالات والملاحة والمراقبة من الفضاء للأمن القومي.
أول مشروع عسكري
وحصل مشروع ERS على حوالي 1.2 مليار يورو من أصل 1.35 مليار يورو كانت الوكالة تسعى إليها، ومن المتوقع أن تحصل على دفعة إضافية تبلغ حوالي 250 مليون يورو من وزارات الدفاع الأوروبية في فبراير المقبل.
وقال أشباخر، إن هذا هو أول مشروع عسكري تُطوره وكالة الفضاء الأوروبية، وقد جرى تطويره بالتعاون الوثيق مع المفوضية الأوروبية.
وبعد عامين من المناقشات ويومين من المفاوضات المحمومة، اتفقت الدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية في بريمن، على زيادة الميزانية الإجمالية للوكالة إلى 22.1 مليار يورو، أي أقل بـ 200 مليون يورو فقط من المبلغ الذي طلبته. ومثل ذلك زيادة قدرها 32%، أو 17% بعد تعديل التضخم.
وألمانيا، التي تعهدت بشكل منفصل باستثمار 35 مليار يورو في القدرات الفضائية العسكرية بحلول عام 2030، عززت صدارتها كأكبر ممول لوكالة الفضاء الأوروبية، وحصلت في المقابل على تعهد بأن يكون رائد فضاء ألماني أول أوروبي يسافر مع بعثات "أرتميس" القمرية التابعة لـ"ناسا". واحتفظت فرنسا بالمركز الثاني، تليها إيطاليا بفارق ضئيل، بينما تجاوزت إسبانيا بريطانيا لتصبح رابع أكبر داعم للوكالة.
وصرح أشباخر، بأن دعم الدول الأعضاء الـ 23، والتي تشمل أيضاً دولًا غير تابعة للاتحاد الأوروبي مثل بريطانيا، لما يقرب من 100% من طلب ميزانية وكالة الفضاء الأوروبية، كان غير مسبوق.
وتلقت الوكالة دعماً قوياً للبعثات العلمية، مثل البحث عن حياة خارج كوكب الأرض، ولتطوير خدمات الصواريخ التجارية والشحن إلى الفضاء.
منظومة أوروبية جديدة
وقال ماكسيم بوتو، مدير شركة "نوفاسبيس" للاستشارات الفضائية، إن الوكالة "تكسب الوقت لتأمين التمويل المتبقي" من خلال ترشيد جمع التبرعات للمشروع ذي الطابع العسكري. وأضاف أنه في حين أن المبالغ التي جُمعت في القمة ستضمن بدء المشروع العام المقبل، إلا أنه "لا يزال هشاً سياسياً".
وأضاف: "سيكون العام المقبل حاسماً في قدرة أوروبا على بناء منظومة أقمار اصطناعية سيادية، واستجابة سريعة للمراقبة والاستطلاع".
كما سارعت الدول الأعضاء في وكالة الفضاء الأوروبية إلى تمويل "تحدي الإطلاق الأوروبي"، المصمم لتطوير صواريخ صغيرة قابلة لإعادة الاستخدام، قادرة على التطور في نهاية المطاف لتحل محل صاروخ "أريان 6" الأوروبي الثقيل.
وتعهدت الدول الأعضاء، بأكثر من ضعف المبالغ المطلوبة، كجزء من ميزانية إجمالية للنقل تبلغ 4.39 مليار يورو، أي ما يعادل 20% من الإجمالي.
كما حظيت جهود أشباخر لتعزيز تطوير شركات الفضاء التجارية التنافسية بدفعة قوية، حيث وافقت الدول الأعضاء على توفير حوالي 3.6 مليار يورو لبرامج يمكن تمويلها بالاشتراك مع القطاع الصناعي.
كما أصبحت مهمة "روزاليند فرانكلين" لإرسال مركبة فضائية إلى المريخ، جاهزة للإطلاق في عام 2028، بعد أن أكدت "ناسا" هذا الأسبوع أنها ستفي بالتزامها بتوفير خدمات الإطلاق والمكونات الأساسية.
وأعلنت وكالة الفضاء الأوروبيةـ أنها ستبدأ أيضاً دراسات حول مهمة إلى "إنسيلادوس"، القمر الجليدي الذي يدور حول زحل، والذي يعتقد علماء الفلك أنه المكان الأكثر احتمالاً للعثور على أدلة على وجود حياة خارج الأرض.








