
أعلن الاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يحظى بتأثير قوي، عن إضراب عام وطني في 21 يناير، احتجاجاً على القيود المفروضة على الحقوق النقابية، وللمطالبة بمفاوضات لزيادة الأجور، وسط توترات اقتصادية وسياسية متفاقمة.
وقد يشل هذا الإضراب الوشيك القطاعات العامة الرئيسية، ويزيد الضغط على الحكومة ذات الموارد المالية المحدودة، مما يفاقم خطر حدوث اضطرابات اجتماعية وسط تزايد الإحباط وضعف الخدمات العامة.
وحذر الاتحاد، المدعوم بنحو مليون عضو، من أن الوضع يزداد سوءاً، مندداً بتراجع الحريات المدنية وجهود الرئيس سعيد الرامية لإسكات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، متعهداً بمقاومة هذه الانتكاسة.
وينفي سعيد تلك المزاعم، ويقول إن إجراءاته قانونية، وتهدف إلى وقف الفوضى المستشرية، مؤكداً أنه لا يتدخل في القضاء، لكن لا أحد فوق القانون.
وفي خطاب أمام مئات من أنصاره قال الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي الخميس: "لن ترهبنا تهديداتكم ولا سجونكم. لا نخاف السجن... سنواصل نضالنا".
مفاوضات لزيادة الأجور
ويطالب الاتحاد بفتح مفاوضات عاجلة بشأن زيادة الأجور وتطبيق كل الاتفاقيات المعلقة والتي ترفض السلطات تطبيقها.
وأقر قانون مالية 2026 زيادة في الأجور لكن دون أي مفاوضات مع اتحاد الشغل ودون حتى تحديد نسبتها، في خطوة ينظر إليها على نطاق واسع على أنها محاولة جديدة من سعيد لتهميش دور الاتحاد.
وهدد الاتحاد في وقت سابق من نوفمبر بتنظيم إضراب وطني "دفاعاً عن الحقوق النقابية"، وسط أزمة اقتصادية وسياسية خانقة في البلاد أدت إلى احتجاجات من قبل المعارضة والنقابات والصحفيين والبنوك والأطباء.
سعيّد يستدعي سفير الاتحاد الأوروبي
وفي الأسبوع الأخير من نوفمبر، استدعى سعيّد، سفير الاتحاد الأوروبي بتونس لإبلاغه احتجاجاً شديد اللهجة، بسبب ما قال إنه "عدم الالتزام بالضوابط الدبلوماسية"، بعد أن التقى الدبلوماسي الأوروبي بزعيم اتحاد الشغل هذا الأسبوع، وسط تصاعد الخلاف مع أكبر منظمة للمجتمع المدني في البلاد.
وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إن "سعيّد أبلغ احتجاجاً شديد اللهجة بسبب عدم الالتزام بالضوابط الدبلوماسية والتعامل خارج الأطر الرسمية المتعارف عليها".
ويأتي الإجراء في وقت تشن فيه السلطات حملة واسعة النطاق على منظمات المجتمع المدني بدعوى تلقي تمويلات أجنبية، أسفرت عن تعليق عمل العديد من المنظمات، بما في ذلك "النساء الديمقراطيات"، و"صحفيو نواة"، و"المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية".
وقالت منظمة العفو الدولية إن الحملة على منظمات المجتمع المدني بلغت مستويات حرجة جراء اعتقالات وإجراءات احتجاز تعسفية، وتجميد أصول، وقيود مصرفية، وتعليق عمل 14 منظمة غير حكومية.
والتقى سفير الاتحاد الأوروبي جوزيبي بيرّوني، بالأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي، مشيداً بدور الاتحاد البارز في الحوار الذي حصل بموجبه على جائزة نوبل للسلام في عام 2015، وشدد على استمرار التعاون مع المجتمع المدني في تونس.
وشهدت العلاقات مع الاتحاد الأوروبي، أكبر شريك تجاري لتونس وهو حليف رئيسي لعقود، جموداً لافتاً منذ أن أعلن سعيّد التدابير الاستثنائية، وأصدر مراسيم رئاسية وسّعت صلاحياته في 2021.
إضراب الأطباء
وأضرب الآلاف من الأطباء الشبان في تونس، عن العمل ونظم المئات منهم وقفة احتجاجية، في 19 نوفمبر، أمام مجلس نواب الشعب في العاصمة، بالتزامن مع عقد جلسة لمناقشة ميزانية وزارة الصحّة، للمطالبة بزيادة الأجور، وتنديداً بعدم تطبيق الاتفاق المبرم في 3 يوليو الماضي.
وحذر المحتجون من أن تدهور الأوضاع في المستشفيات العامة يهدد بانهيار النظام الصحي في البلاد، في أحدث مؤشر على تصاعد التوتر الاجتماعي والاقتصادي في تونس.








