وساطة أميركية لعقد لقاء بين السيسي ونتنياهو.. ما شروط القاهرة؟

خبراء لـ"الشرق": أبرز المطالب المصرية إنهاء أي طرح يتعلق بتهجير الفلسطينيين

time reading iconدقائق القراءة - 11
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قمة قادة العالم لإنهاء حرب غزة بمؤتمر شرم الشيخ في مصر. 13 أكتوبر 2025 - REUTERS
الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يستقبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قمة قادة العالم لإنهاء حرب غزة بمؤتمر شرم الشيخ في مصر. 13 أكتوبر 2025 - REUTERS
القاهرة - هشام العطيفيالشرق

حدد خبراء تحدثوا لـ"الشرق" أبرز الملفات، التي ترغب القاهرة في حسمها قبل الاستجابة لوساطة أميركية تستهدف عقد قمة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقال الخبراء إن تلك الملفات تشمل إنهاء أي طرح يتعلق بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وضمان الانسحاب الإسرائيلي من غزة، وإعادة تفعيل المسار السياسي لحل الدولتين، وأموراً أخرى.

واستهل أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة طارق فهمي حديثه لـ"الشرق" بالتأكيد على أهمية ملف الغاز بالنسبة لمصر؛ خاصة بعد رفْض وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين في وقت سابق المصادقة على تعديل اتفاق تصدير الغاز الذي أبرمته القاهرة وتل أبيب مؤخراً.

ووقّعت مصر في عام 2020 اتفاقاً مع إسرائيل لاستيراد الغاز الطبيعي، قبل أن يجري تعزيز الصفقة في أغسطس الماضي، إذ كشفت شركة "نيو ميد إنرجي" (NewMed Energy)، الشريك في حقل "ليفياثان" الإسرائيلي، عن توقيع تعديل جوهري على الاتفاق يضيف نحو 4.6 تريليون قدم مكعب (نحو 130 مليار متر مكعب)، في صفقة قد تحقق إيرادات تصل إلى 35 مليار دولار، وتمتد حتى 2040.

وأشار فهمي إلى حدوث انفراجة خلال الساعات الأخيرة في ملف الغاز، وسط ضغوط أميركية مباشرة على الحكومة الإسرائيلية لتمرير الصفقة والمضي قدماً في تنفيذ الاتفاق مع القاهرة.

وتمتلك شركة "شيفرون" الأميركية حصة تشغيلية كبيرة في حقل "ليفياثان" الإسرائيلي، تبلغ 40% تقريباً، وهي الشركة المشغلة للحقل، بالشراكة مع شركات أخرى مثل نيو ميد (NewMed Energy) وريشيو إنرجيز (Ratio Energies)، ويُعد هذا الحقل المورد الرئيسي للغاز الإسرائيلي إلى مصر.

واتفق الخبير في شؤون الأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد مع ما طرحه فهمي بشأن أهمية ملف الغاز الإسرائيلي بالنسبة لمصر، واصفاً إياه بأنه "صفقة رابحة" للقاهرة، نظراً لانخفاض كلفته، مقارنة بالشحنات المستوردة من الغاز الطبيعي المُسال.

في المقابل، رأى رئيس المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية السابق وخبير الشؤون الاستراتيجية والأمن الإقليمي خالد عكاشة أن الجوانب الاقتصادية أو العسكرية، بما في ذلك حصول القاهرة على صفقات أو تسهيلات خاصة لاقتناء أسلحة معينة من الولايات المتحدة، ليست مطروحة حالياً على الطاولة.

إنهاء فكرة تهجير الفلسطينيين

وأكد فهمي أن إنهاء أي طرح يتعلق بتهجير الفلسطينيين نحو الأراضي المصرية يمثّل مطلباً رئيسياً للقاهرة، لافتاً إلى أن واشنطن تضغط على تل أبيب للتراجع عن هذه الخطط.

وأضاف أن إسرائيل تبرّر موقفها باعتبار أن خروج الفلسطينيين من غزة "شأن داخلي"، وأن ما يعني القاهرة، من وجهة نظرها، يقتصر على معبر رفح فقط.

ويأتي معبر رفح وآلية تشغيله كثالث أولويات القاهرة، بحسب فهمي، الذي أشار إلى رغبة مصر في إعادة تشغيل المعبر في الاتجاهين، مع استئناف عمل بعثة المراقبة الأوروبية وعدد من الموظفين الفلسطينيين في إدارة المعبر من الجانب الفلسطيني، وإنهاء الوجود الإسرائيلي داخله.

وخلال الأيام الماضية، أثارت تل أبيب حالة من الجدل، بعد إعلان أنها ستعيد فتح معبر رفح جنوب غزة، لكن فقط لمغادرة سكان القطاع دون العودة، في حين نفت مصر وجود أي تنسيق لفتح هذا المعبر الحيوي على هذا النحو.

ولاحقاً، أدانت دول عربية وإسلامية، من بينها مصر والسعودية وتركيا، في بيان مشترك، أي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه.

وأكد البيان ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بما يشمل فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، ومنع إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة.

وختم فهمي بالقول إن المطلب الرابع للقاهرة يتمثل في تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة، وأن يتزامن هذا مع بدء انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع الفلسطيني، وضمان عدم تعنت تل أبيب في تنفيذ بنود المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

مقترح أميركي بديل

وأفاد مصدر مطلع لـ"الشرق" بأن القاهرة ليست لديها مشكلة في عقد لقاء بين السيسي ونتنياهو، مشيراً إلى أنه سبق الحديث عن اجتماع بوساطة أميركية على هامش قمة شرم الشيخ للسلام، والتي شهدت توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بحضور الرئيس الأميركي وعدد من قادة العالم.

لكن الرئاسة المصرية ذكرت في بيان آنذاك أن نتنياهو لن يشارك في قمة شرم الشيخ، بسبب الأعياد الدينية، موضحة أن ترمب كان اقترح مشاركة رئيس الوزراء الإسرائيلي في هذه القمة خلال اتصال هاتفي مع السيسي.

وتحدَّث المصدر عن مقترح أميركي بديل لعقد لقاء بين السيسي ونتنياهو، من خلال دعوة إدارة ترمب لعقد قمة "أميركية-عربية-إسلامية" في واشنطن، على أن يلتقي الطرفان على هامشها، بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ومنذ تشكيل حكومة نتنياهو أواخر 2022، تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية توتراً متصاعداً، بلغ ذروته بعد اندلاع الحرب على غزة، إذ عبّرت حكومة تل أبيب أكثر من مرة عن رغبتها في تهجير فلسطينيي القطاع إلى شبه جزيرة سيناء.

كما ازداد التوتر بين القاهرة وتل أبيب على خلفية اجتياح الجيش الإسرائيلي مدينة رفح في جنوب القطاع، واحتلال محور فيلادلفيا الحدودي، بما يتعارض مع اتفاق السلام بين البلدين.

الانسحاب الإسرائيلي من غزة

ونبّه خالد عكاشة إلى أن الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة والعودة إلى حدود ما قبل 7 أكتوبر 2023 "شرط أساسي" بالنسبة للقاهرة قبل الحديث عن عقد قمة بين السيسي ونتنياهو، معتبراً أن هذا سيسرّع الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

ومضى عكاشة قائلاً إن بنود المرحلة الأولى من الاتفاق لم تُنفَّذ بالكامل بعد، وسط استمرار الخروقات الإسرائيلية والمماطلة في بدء عملية الانسحاب من قطاع غزة، لافتاً إلى أن هذا الوضع يشكّل "قلقاً بالغاً" للقاهرة، وهو ما أكده وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي على هامش "منتدى الدوحة 2025".

وقال عبد العاطي إن إسرائيل تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يومياً، وتزعم أن الجانب الآخر هو الذي ينتهك الاتفاق، مؤكداً ضرورة الانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام.

حل الدولتين

وتابع عكاشة بالقول إن "مصر أعلنت نفسها صانعة سلام وتسعى لإحلاله في المنطقة"، مؤكداً أن القاهرة تطالب بإعادة فتح المسار السياسي لمبدأ حل الدولتين كخيار وحيد لإرساء السلام المستدام، وهو الموقف الذي تتبناه الدول العربية المعنية بالقضية الفلسطينية، لا سيما السعودية والأردن.

وبيّن أن "هذا المطلب يأتي في مقدمة شروط القاهرة، بالتوازي مع تحركات الأشقاء العرب، باعتباره الحل الأمثل لنزع فتيل التهديدات وتحقيق السلام العادل والاستقرار المستدام في المنطقة".

واعتبر ذلك خطوة أولى للالتزام بالجداول الزمنية لمراحل اتفاق السلام، وتنفيذ بنوده دون مماطلة إسرائيلية، تمهيداً للحديث عن فتح المسار السياسي لمنح الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة. مشيراً في الوقت ذاته إلى أن "الحديث عن الانسحاب الإسرائيلي من محور فيلادلفيا والترتيبات الأمنية على الحدود ستخضع لتفاهمات في الغرف المغلقة".

ترتيبات أمنية

الخبير في شؤون الأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد، أوضح أن المسعى الأميركي لعقد لقاء بين السيسي ونتنياهو "لا يتناول الخلافات الأمنية مثل احتلال إسرائيل لمحور فيلادلفيا أو تأمين الحدود المشتركة، بل يهدف إلى تحريك المياه الراكدة في العلاقات بين الطرفين منذ بداية الحرب على غزة وربطها بمصالح اقتصادية، على غرار صفقة الغاز الإسرائيلي لمصر".

واستدرك قائلاً إن إسرائيل ترفض مناقشة القضايا الأمنية والانسحاب من محور فيلادلفيا في الوقت الحالي، متذرعة بمزاعم تهريب الأسلحة إلى غزة عبر مسيّرات قادمة من مصر، مشدداً على أن هذه النقطة (الانسحاب من محور فيلادلفيا) ستكون مطلباً مصرياً رئيسياً بالتأكيد.

وتوقّع عبد الواحد عقد لقاء بين السيسي ونتنياهو "ولو تأخر قليلاً"، مشيراً إلى إمكانية التوصل لتفاهمات في حال عقد اللقاء لإحلال القوات الدولية المقرر دخولها إلى غزة، بدلاً من القوات الإسرائيلية على طول محور فيلادلفيا الحدودي.

ورغم ذلك، أكد وجود اتصالات وتنسيق مشترك بين القاهرة وتل أبيب، مستنداً إلى زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد الأخيرة إلى تل أبيب ولقائه نتنياهو، بالإضافة إلى الوفود الإسرائيلية المتواصلة إلى القاهرة، وكان آخرها نهاية الأسبوع الماضي بعد إعلان إسرائيل عن فتح معبر رفح لخروج الفلسطينيين فقط، فيما شددت مصر على رفضها التام للمزاعم الإسرائيلية والتمسك بتشغيل المعبر بشكل طبيعي في كلا الاتجاهين وفق اتفاق شرم الشيخ.

اقرأ أيضاً

رئيس المخابرات المصرية يزور إسرائيل ويبحث مع نتنياهو "خطة ترمب"

التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية حسن رشاد، وفق ما أورد مكتب نتنياهو في بيان.

وكان موقع "أكسيوس" نقل عن مسؤول أميركي وآخر إسرائيلي القول إن البيت الأبيض يسعى للتوسط من أجل عقد قمة بين السيسي ونتنياهو.

كما نقل الموقع عن مسؤولين أميركيين قولهم إن على نتنياهو الموافقة أولاً على صفقة غاز استراتيجية بين مصر وإسرائيل، وأن يتخذ خطوات أخرى تشجع الرئيس المصري على القبول بعقد لقاء بينهما.

واعتبر مسؤول أميركي أن "هذه فرصة كبيرة لإسرائيل.. من خلال بيع الغاز لمصر سيخلق حالة من الاعتماد المتبادل، ويقرّب البلدين أكثر، ويؤسس لسلام أكثر دفئاً ويمنع الحرب".

وأشار "أكسيوس" إلى أن الولايات المتحدة تدرس مبادرات مماثلة تركز على تقديم حوافز اقتصادية لدول عربية، من بينها لبنان وسوريا، في مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة كي يمكن إقامة علاقات مع إسرائيل.

وأوضح مسؤول أميركي للموقع أن جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي، أبلغ نتنياهو بأن إسرائيل بحاجة إلى "دبلوماسية اقتصادية وإشراك القطاع الخاص في عملية السلام".

ويأمل المسؤولون الأميركيون تحقيق ذلك بالتوازي مع جهودهم الرامية إلى تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة والمضي في مسار السلام بالمنطقة، وفق تطلعات الرئيس الأميركي.

وترتبط مصر وإسرائيل بمعاهدة سلام منذ عام 1979، إذ كانت أول دولة عربية توقع اتفاقاً للسلام مع إسرائيل، ومرت العلاقات الثنائية بين الجانبين بعدها بمحطات من الهدوء والتوتر، عقب أربع مواجهات عسكرية في 1948 و1956 و1967 و1973.

تصنيفات

قصص قد تهمك