
قال مصدران مطلعان إن مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب يجرون مناقشات في مرحلة متقدمة بشأن فرض عقوبات متعلقة بالإرهاب على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، مما يثير مخاوف قانونية وإنسانية بالغة بشأن تمويل الوكالة وجهود الإغاثة.
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت المناقشات الأميركية الحالية تركز على فرض عقوبات على الوكالة بأكملها، أم فقط على مسؤولين محددين في "الأونروا" أو أجزاء من عملياتها، ولا يبدو أن المسؤولين الأميركيين استقروا على النوع المحدد من العقوبات التي قد يفرضونها على الوكالة الأممية.
وذكر المصدران إن من بين الاحتمالات التي ناقشها مسؤولو وزارة الخارجية الأميركية إعلان الأونروا "منظمة إرهابية أجنبية"، إلا أنه ليس من الواضح ما إذا كان هذا الخيار - الذي من شأنه أن يسبب عزلة مالية شديدة للأونروا - لا يزال محل بحث جاد.
"خيبة أمل"
وقال مدير مكتب "الأونروا" في واشنطن، وليام ديري، إن الوكالة "ستشعر بخيبة أمل" إذا كان المسؤولون الأميركيون يناقشون بالفعل تصنيفها منظمة إرهابية أجنبية. وأضاف أن هذه الخطوة ستكون "غير مسبوقة وغير مبررة".
وتابع: "منذ يناير 2024، تحقق 4 جهات مستقلة في حيادية الأونروا، من بينها مجلس الاستخبارات الوطنية الأميركي. وتوصلت جميعها إلى نفس النتيجة، وإن كان ذلك قد حدث في أوقات مختلفة، ومن وجهات نظر مختلفة، وهي أن الأونروا جهة إنسانية محايدة لا غنى عنها".
ورداً على طلب للتعليق، وصف مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية الأونروا بأنها "منظمة فاسدة لها سجل حافل مثبت في مساعدة وتحريض الإرهابيين"، بحسب تعبيره.
وقال المسؤول: "كل شيء مطروح على الطاولة. ولم تُتخذ أي قرارات نهائية بعد".
ولم يرد البيت الأبيض على طلبات للتعليق. وتملك وزارة الخارجية الأميركية ووزارات أخرى خيارات متعددة للعقوبات تتيح لها بوجه عام تجميد أصول وفرض حظر سفر يستهدف أفراداً وكيانات بعينها.
تمويل الأونروا
فرض عقوبات على الأونروا لأسباب تتعلق بالإرهاب سيكون أمراً صادماً وغير اعتيادي، إذ إن الولايات المتحدة دولة عضو والبلد المضيف للأمم المتحدة، التي أنشأت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في عام 1949.
ويُعد تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية" من بين أشد الأدوات المتاحة لواشنطن، وعادة ما يخصص هذا التنصيف لمجموعات تقتل مدنيين، مثل فروع "داعش" والقاعدة.
ويساهم عشرات من أكبر حلفاء الولايات المتحدة في تمويل الأونروا، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ما إذا كان مسؤولون أجانب ربما يواجهون عقوبات بسبب دعمهم للوكالة إذا قررت واشنطن فرض عقوبات عليها أو على أحد مسؤوليها على أساس مزاعم مرتبطة بالإرهاب.
ويعتبر الفلسطينيون وجود الأونروا مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالحفاظ على حقوقهم كلاجئين، ولا سيما أملهم في العودة إلى بيوتهم التي فروا منها، أو طُردوا هم أو أسلافهم منها خلال الحرب التي تزامنت مع إعلان قيام إسرائيل في 1948.
إرباك جهود الإغاثة
وقد يؤدي أي تحرك شامل ضد المنظمة بأكملها إلى إرباك جهود إغاثة اللاجئين وشل "الأونروا" التي تواجه بالفعل أزمة تمويل.
وتعمل "الأونروا" في غزة والضفة الغربية ولبنان والأردن وسوريا، حيث تقدم مساعدات وخدمات تتعلق بالتعليم والرعاية الصحية والاجتماعية إلى جانب توفير المأوى لملايين الفلسطينيين.
ويصف مسؤولون كبار في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي "الأونروا" بأنها العمود الفقري للاستجابة الإنسانية وتقديم المساعدات في غزة، حيث تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة في كارثة إنسانية.
ومع ذلك، تتهم إدارة ترمب الوكالة بالارتباط بحركة "حماس"، وهي اتهامات دحضتها "الأونروا" بشدة.
ولطالما كانت واشنطن أكبر مانح لوكالة "الأونروا"، لكنها أوقفت تمويلها في يناير 2024 بعد أن اتهمت إسرائيل نحو 12 من موظفي الوكالة بالمشاركة في هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل. ثم اتهم وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الوكالة، أكتوبر الماضي، بأنها أصبحت تابعة لـ"حماس"، التي صنفتها الولايات المتحدة منظمة إرهابية في عام 1997.
وندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش بشدة، الاثنين، بمداهمة إسرائيل لمقر "الأونروا" في القدس الشرقية.
وقال جوتيريش، في بيان، "ما زال هذا المقر تابعاً للأمم المتحدة، وهو مصون ولا يجوز انتهاكه أو التعرض له بأي شكل من أشكال التدخل".
وأضاف "أحث إسرائيل على اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة فوراً لاستعادة حرمة مقرات الأونروا والحفاظ عليها ودعمها، والامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أخرى تتعلق بها".








