"ليست الصين".. تايوان تحقق في تسريب أسرار تكنولوجيا رقائق إلكترونية

time reading iconدقائق القراءة - 7
شعار شركة TSMC للرقائق وأشباه الموصلات بأحد مصانعها في تايوان. 7 يونيو 2025 - REUTERS
شعار شركة TSMC للرقائق وأشباه الموصلات بأحد مصانعها في تايوان. 7 يونيو 2025 - REUTERS
دبي -الشرق

بدأت تايوان تحقيقات في تسريب أسرار تجارية في قطاع صناعة الرقائق وأشباه الموصلات الحيوي لديها، بموجب قوانين الأمن القومي الموسّعة حديثاً، إلا أن هذه التحقيقات أثارت تساؤلات حول الجهة المستهدفة، لكونها ليست شركات صينية، بل من أقرب حلفاء الجزيرة، حسبما أفادت صحيفة "فاينانشيال تايمز".

والأسبوع الماضي، وجّه المدّعون العامّون اتهامات إلى الفرع المحلي لشركة "طوكيو إلكترون" اليابانية، المتخصصة في صناعة معدات الرقائق، بالتقصير في منع سرقة أسرار تجارية مزعومة من شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات TSMC.

وقبل ذلك بأسبوع، داهم المدّعون العامّون في تايوان، منزلين للو وي جين، المدير التنفيذي السابق في TSMC، والذي انضمّ إلى شركة "إنتل" بعد مغادرته الشركة التايوانية في يوليو الماضي، وذلك في إطار تحقيق بشأن ما إذا كان قد شارك "تكنولوجيا وطنية أساسية حيوية مع جهة عمله الجديدة".

وجاء هذا التحقيق، بعد أن رفعت TSMC دعوى قضائية ضد لو بتهمة "انتهاك اتفاقية عدم المنافسة"، مُشيرةً إلى أنه من المُرجّح جداً أنه "يستخدم أو يُسرّب أو يُفصح أو يُسلّم أو ينقل أسرار TSMC التجارية ومعلوماتها السرية إلى شركة إنتل".

ويقتصر تحقيق النيابة العامة على لو، ولم توجه إليه أي تهم، لكن المراقبين أشاروا إلى أن واشنطن قد تستخدم نفوذها السياسي في أي قضية قانونية تايوانية.

شركات أميركية ويابانية

وأعرب خبراء قانونيون وصناعيون في تايوان عن ارتياحهم لرؤية المحققين يأخذون حماية التكنولوجيا التي جعلت تايوان ركيزة أساسية للاقتصاد العالمي على محمل الجد. 

لكن، على نحو غير متوقع، لم تُوجّه أولى قضايا الأسرار التجارية بموجب قوانين الأمن القومي اتهامات لشركات صينية، التي لطالما اعتُبرت المتهم الرئيسي في سرقة التكنولوجيا وأكبر تهديد لأمن تايوان، بل شركتا "طوكيو إلكترون" وهي مورد، و"إنتل"، وهي عميل ومنافس، إذ تنتمي الشركتان إلى دول تُعتبر من أقرب شركاء تايوان.

وظهرت هذه القضايا وسط مخاوف في تايبيه بشأن مصداقية داعمها الأمني ​​الرئيسي، في ظل رغبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عقد "صفقة" مع الصين، فضلاً عن تصريحاته حول "سرقة" تايوان لقطاع الرقائق الإلكترونية الأميركي، واستغلالها المزعوم للدعم الدفاعي دون مقابل.

وشبّه مسؤول تنفيذي في شركة تايوانية لتصنيع الرقائق الإلكترونية في الولايات المتحدة التحقيقات بـ"مُعاناة مُضاعفة"، قائلاً إنها "تُناقض الرواية القائلة بأن بكين تستقطب الكفاءات التايوانية، وموقف ترمب بأن تايوان قد انتزعت الريادة التكنولوجية من الولايات المتحدة".

وحذّر مسؤول تنفيذي أميركي في صندوق استثماري مُتخصص في شركات أشباه الموصلات من أن تشديد تايبيه لحماية أمنها الاقتصادي قد يُعرّض أمنها الجيوسياسي للخطر، مُثيراً غضب الولايات المتحدة.

وقال المسؤول التنفيذي: "هذا لا يُحسّن صورة تايوان في الوقت الراهن. هل يعتقدون حقاً أن بإمكانهم مُواجهة جهود الولايات المتحدة لإحياء صناعة تصنيع الرقائق الإلكترونية لديها؟"

وتحت ضغط إدارة ترمب، رفعت شركة TSMC التزامها الاستثماري في الولايات المتحدة بمقدار 100 مليار دولار ليصل إلى 165 مليار دولار في مارس الماضي، لكن واشنطن أوضحت أن هذا غير كافٍ. 

فقد صرّح مسؤولون في إدارة ترمب برغبتهم في أن يتم تصنيع 50% من الرقائق الإلكترونية محلياً، وهو ما يتجاوز بكثير قدرة TSMC المُوسّعة. وفي أغسطس الماضي، وافقت واشنطن على الاستحواذ على حصة 10% في شركة "إنتل"، بهدف إنعاش الشركة المتعثرة لتصبح رائدةً وطنيةً في صناعة أشباه الموصلات.

ولم تستهدف شركة TSMC ولا النيابة العامة شركة "إنتل" بشكل مباشر، ولم تُلمّحا إلى تورطها في سرقة التكنولوجيا المزعومة. 

تعديلات قانون الأمن القومي

وبموجب أحكام أُدخلت عام 2022، أصبح نقل "التكنولوجيا الوطنية الأساسية الحيوية" إلى كيان أجنبي دون ترخيص جريمةً تتعلق بالأمن القومي، وذلك لأول مرة، مع تركيز واضح على الصين، التي فقدت تايوان مهندسي رقائقها لسنوات.

وقد زادت تعديلات قانون الأمن القومي في تايوان من مخاطر مثل هذه التحركات، ونصّت على غرامات أعلى بكثير لتسريب الأسرار التجارية إلى الصين مقارنةً بتسريبها إلى حلفاء مثل اليابان والولايات المتحدة.

وقال جيمس تشين، الأستاذ بجامعة تامكانج في تايبيه: "خيارات تايوان محدودة للغاية لرفض الطلبات والضغوط الأميركية، لأنها تسعى إلى إبرام اتفاقية تجارية لخفض الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 20% على الصادرات التايوانية، كما تسعى تايوان إلى الحصول على دعم الولايات المتحدة لنهج الرئيس لاي تشينج تي المتشدد تجاه الصين".

وأضاف: "قد تفكر الحكومة في التدخل أو استخدام نفوذها، لكن لا يمكنها التدخل مباشرة في النظام القضائي. هذه قضية حساسة للغاية وذات طابع سياسي".

وفي إحدى أبرز القضايا المثيرة للجدل، انضم ليانج مونج سونج، المدير التنفيذي السابق للبحث والتطوير في شركة TSMC، إلى شركة SMIC، أكبر شركة لتصنيع الرقائق في الصين، عام 2017، ويشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي المشارك فيها. 

ويُنسب إليه، هو والعديد من مهندسي TSMC الذين تبعوه، الفضل في مساعدة SMIC على تضييق الفجوة التكنولوجية مع شركة تصنيع الرقائق التايوانية.

وقالت شركة "طوكيو إلكترون" إن لائحة الاتهام الموجهة إلى شركتها التابعة لم تتضمن أي ادعاءات بتوجيهها أو تشجيعها لموظفيها على الحصول على تكنولوجيا TSMC بطريقة غير مشروعة، مضيفة أنها "اتخذت تدابير لمنع مثل هذا السلوك، وأنها ستعمل على تعزيز أنظمة الامتثال لديها"، في حين أكدت "إنتل" التزامها بضوابطها الداخلية التي تحظر استخدام تقنيات جهات خارجية، وقالت إنه "لا يوجد لديها ما يدعو للاعتقاد بصحة الادعاءات المتعلقة بلو".

تصنيفات

قصص قد تهمك