
حذرت تقييمات حكومية أميركية "سرية للغاية"، من أن الصين ستلحق هزيمة بالجيش الأميركي، في حال اندلاع حرب حول تايوان، وفق صحيفة "التليجراف" البريطانية.
وجاء في الوثيقة، المصنفة "شديدة السرية" وتحمل عنوان "التفوق العسكري"، أن اعتماد الولايات المتحدة على أسلحة باهظة الثمن ومتطورة يجعلها غير محمية أمام قدرة الصين على تصنيع أنظمة أقل تكلفة وبأعداد هائلة.
وقالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن مسؤولاً في الأمن القومي خلال إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن اطلع على الوثيقة "شحب وجهه" حين أدرك أن بكين تمتلك "بدائل لا حصر لها"، لكل "حيلة تحتفظ بها (الولايات المتحدة) في جعبتها".
ويمثل فقدان تايوان، بوصفها الحصن الرئيسي للولايات المتحدة، أمام القوة الصينية في غرب المحيط الهادئ، ضربة "استراتيجية ورمزية" قاسية لواشنطن، وفق "التليجراف".
وتشير الوثيقة، إلى أن أحدث حاملة طائرات أميركية، "يو إس إس جيرالد آر فورد"، التي أُرسلت مؤخراً إلى منطقة الكاريبي ضمن حملة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد تجارة المخدرات، كثيراً ما تُدمر في "سيناريوهات المحاكاة العسكرية" الواردة في التقييم.
وتوضح أن هذه الحاملة، التي بلغت تكلفتها 13 مليار دولار، ودخلت الخدمة في عام 2022 بعد سنوات من التأخير، تظل عرضة لهجمات الغواصات التي تعمل بوقود الديزل والكهرباء، وكذلك لترسانة الصين التي تضم نحو 600 صاروخ فرط صوتي قادر على التحليق بسرعة تعادل خمسة أضعاف سرعة الصوت.
كما عرضت بكين في عرض عسكري أقيم في سبتمبر الماضي، صواريخها المدمرة للسفن من طراز YJ-17، والتي تُقدر سرعتها بثمانية أضعاف سرعة الصوت.
استعدادات أميركية
ورغم ذلك، يخطط البنتاجون، لبناء تسع حاملات إضافية من فئة "فورد"، فيما لم تنجح الولايات المتحدة بعد، في نشر صاروخ فرط صوتي واحد.
وقال إريك جوميز، الباحث في مرصد أمن تايوان، إنه شارك في محاكاة لحرب محتملة بشأن تايوان، موضحاً أن نتائجها لم تكن حاسمة، لكنه أكد أن القوات الأميركية تكبدت خسائر فادحة.
وأضاف للصحيفة: "تفقد الولايات المتحدة عدداً كبيراً من السفن خلال العملية، كما تُستنزف مقاتلات F-35 وطائرات تكتيكية أخرى في المنطقة بسرعة كبيرة".
وأشار إلى أن "التكلفة الهائلة لتلك الخسائر كانت صادمة للغاية خلال جلسات التقييم، إذ قيل لنا: لقد خسرتم أكثر من 100 طائرة من الجيل الخامس، وعدة مدمرات، وغواصتين، وحاملتي طائرات". وأضاف: "كان الأمر صادماً للغاية".
وفي العام الماضي، قال وزير الحرب الأميركي، بيت هيجسيث، إن الولايات المتحدة "تخسر في كل مرة" خلال عمليات محاكاة الحرب التي يجريها البنتاجون ضد الصين، متوقعاً أن تتمكن الصواريخ الصينية فرط الصوتية من تدمير حاملات الطائرات خلال دقائق.
وقد وسعت بكين بشكل كبير ترسانتها من الصواريخ القصيرة ومتوسطة المدى، بما يتيح لها تدمير معظم الأسلحة الأميركية المتقدمة قبل وصولها إلى تايوان.
وفي المقابل، تواصل الشركات الخمس الكبرى في مجال الدفاع، بعد أن كان عددها في تسعينيات القرن الماضي، أكبر بعشر مرات، بيع نسخ أكثر تكلفة من السفن والطائرات والصواريخ نفسها إلى الحكومة الأميركية.
وأدرك مسؤولو الدفاع الأميركيين، أن الولايات المتحدة عرضة للخطر؛ لأن هذه الأسلحة المعقدة يستحيل إنتاجها بكميات ضخمة، بعد سلسلة من الحروب الأخيرة، من بينها الحرب الروسية الأوكرانية، التي كشفت القدرات التدميرية لأسلحة منخفضة التكلفة مثل الطائرات المُسيرة.
ورصد الكونجرس الأميركي، نحو مليار دولار لإنتاج 340 ألف طائرة مُسيرة صغيرة، خلال العامين المقبلين.
وعين ترمب دان دريسكول، قائد القوات المسلحة الأميركية، مسؤولاً عن الطائرات المُسيرة، ليقود جهود تحديث التكنولوجيا العسكرية في الولايات المتحدة والتصدي لبرامج المُسيرات المعادية.
لكن الولايات المتحدة ما زالت متأخرة مقارنة بخصومها، إذ أكد خبراء لصحيفة "التليجراف"، في وقت سابق، أنها غير قادرة على المنافسة من حيث التكلفة مع دول مثل الصين، حيث العمالة أقل تكلفة والقيود التنظيمية أضعف.
وتشير التقديرات إلى أن التحول الحاسم في السياسات الأميركية، سيتطلب استثمارات ضخمة، فيما بلغ الإنفاق الدفاعي أدنى مستوياته منذ نحو 80 عاماً، عند 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي.
وحذر جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي السابق، من نفاد الذخائر الأساسية لدى الولايات المتحدة، مثل قذائف المدفعية، بسرعة كبيرة في حال نشوب حرب مع الصين.
تفوق صيني في الصواريخ البالستية
كما تظهر تقييمات داخلية للبنتاجون، أن الصين تتفوق عددياً على الولايات المتحدة في معظم أنواع الصواريخ الجوالة والبالستية، رغم احتفاظ القوتين بمخزون من 400 صاروخ باليستي عابر للقارات لكل منهما.
وتشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة استخدمت نحو ربع صواريخها لاعتراض الهجمات الصاروخية الإيرانية البالستية على إسرائيل خلال 12 يوماً في يونيو الماضي.
علاوة على ذلك، زرعت مجموعة "فولت تايفون" الصينية، المتخصصة في القرصنة والمدعومة من الدولة، برمجيات خبيثة في شبكات حيوية للتحكم في الكهرباء وأنظمة الاتصالات وإمدادات المياه التي تخدم القواعد العسكرية الأميركية.
ويمثل هذا التهديد، الذي واجه المسؤولون الأميركيون صعوبة في تعقب مصدره، خطورة كبيرة على قدرة الجيش على تحريك قواته وأسلحته في حال اندلاع حرب في المحيط الهادئ.
ويؤكد الرئيس الصيني شي جين بينج، أن السيطرة على تايوان، "حتمية تاريخية"، وقد أمر جيشه بالاستعداد للسيطرة على الجزيرة بحلول 2027.
ومع ذلك، يُعتقد أنه يمتنع عن التحرك ما لم يحقق تفوقاً عسكرياً ساحقاً يضمن له السيطرة على الجزيرة بشكل شبه مؤكد، لأن الفشل في ذلك سيشكل ضربة مهينة قد تنهي سنوات حكمه الـ13.
ولا تقيم الولايات المتحدة علاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان، ومنذ سبعينيات القرن الماضي تعتمد سياسة "الغموض الاستراتيجي" التي تتجنب الإفصاح بشكل صريح عما إذا كانت ستدافع عسكرياً عن الجزيرة.
لكن واشنطن تعتبر، منذ عهد دوايت آيزنهاور، أن الجزيرة تشكل حاجزاً مهماً أمام التوسع الصيني، كما تُلزمها القوانين الأميركية بتزويد تايوان بالأسلحة اللازمة للدفاع عن نفسها












