اصطف عشرات الناس في وقت مبكر، الثلاثاء، على شاطئ بوندي في سيدني، لتأبين الضحايا الخمسة عشرة، ومؤازرة المصابين في حادث إطلاق النار الذي استهدف احتفال بعيد الأنوار (حانوكا) اليهودي، الأحد، فيما قالت الشرطة الأسترالية، إن المسلحين الاثنين اللذين نفذا الهجوم استلهما فكر تنظيم "داعش" على ما يبدو.
ويُعدّ الهجوم أسوأ حادث إطلاق نار جماعي تشهده أستراليا منذ نحو 30 عاماً، ويجري التحقيق فيه باعتباره "عملاً إرهابياً" استهدف الجالية اليهودية. وبلغ عدد الضحايا 16 شخصاً بمن فيهم أحد المسلحين، فيما قال مسؤولون إن هناك حالياً 25 ناجياً يتلقون الرعاية في عدة مستشفيات في سيدني.
وقالت شرطة نيو ساوث ويلز في وقت متأخر، الاثنين، إن اثنين من ضباط الشرطة، لا يزالان بالمستشفى في حالة حرجة لكن مستقرة.
ونفذ الهجوم رجل وابنه، وعرفت الشرطة الأب بأنه يدعى ساجد أكرم (50 عاماً) وقد أردته بالرصاص، كما يرقد ابنه نافيد (24 عاماً)، في حالة حرجة بالمستشفى بعد إصابته أيضاً بالرصاص.
وأطلق الرجل وابنه النار على مئات الأشخاص خلال الاحتفال الديني، الذي كان يقام على شاطئ بوندي، ما أجبر الناس على الفرار والاحتماء.
ولا يزال أحمد الأحمد، الأب المسلم البالغ من العمر 43 عاماً، الذي هاجم أحد المسلحين، واستولى على بندقيته، يتلقى العلاج بأحد مستشفيات سيدني جراء إصابته بطلقات نارية. وقد أشاد به العالم أجمع، بما في ذلك الرئيس الأميركي دونالد ترمب، واصفا إياه بـ"البطل".
فكر "داعش"
وقالت الشرطة الأسترالية، الثلاثاء، إن المهاجمين سافرا إلى الفلبين الشهر الماضي، وإن الغرض من الرحلة قيد التحقيق، فيما أعلنت الشرطة الفلبينية، أنها تُجري تحقيقاً في الأمر.
وتنشط بالفلبين شبكات مرتبطة بتنظيم "داعش" خاصة في الجنوب، لكن نفوذها تراجع خلال السنوات الأخيرة إلى خلايا ضعيفة في جزيرة مينداناو الجنوبية.
وقالت مفوضة الشرطة الأسترالية، كريسي باريت، خلال مؤتمر صحافي: "تشير الدلائل الأولية إلى هجوم إرهابي مستوحى من تنظيم داعش".
وذكرت الشرطة أن السيارة المسجلة باسم الشاب كانت تحتوي على عبوات ناسفة يدوية الصنع وعلمين محليي الصنع مرتبطين بتنظيم "داعش".
وأفادت شبكة ABC News التابعة لهيئة البث الأسترالية، الاثنين، بأن وكالة الاستخبارات الأمنية الأسترالية ASIO، استجوبت أحد مسلحي شاطئ بوندي قبل 6 سنوات؛ بسبب صلته الوثيقة بخلية إرهابية تابعة لتنظيم "داعش" في سيدني.
وعلمت ABC، أن المحققين من الفريق المشترك لمكافحة الإرهاب JCTT، وهي وحدة تتألف من وكالات على مستوى الولاية، وعلى المستوى الفيدرالي، يعتقدون أن المسلحين بايعوا تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأكد رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، الاثنين، أن نافيد أكرم قد لفت انتباه الوكالة الأسترالية للاستخبارات الداخلية لأول مرة في أكتوبر 2019، وكان قيد التحقيق لمدة 6 أشهر، ولكن كان هناك تقييم بأنه لا يشكل أي تهديد مستمر.
نصب تذكاري من الزهور
في بوندي، كان الشاطئ مفتوحاً، الثلاثاء، لكنه كان شبه خال تحت سماء ملبدة بالغيوم، حيث أُقيم نصب تذكاري من الزهور على بُعد أمتار من موقع إطلاق النار.
ويعد شاطئ بوندي، أشهر شواطئ سيدني، ويقع على بُعد نحوي 8.2 كيلومتر من مركز المدينة، ويستقطب مئات الآلاف من السياح الأجانب سنوياً.
وقالت كارولين، 67 عاماً، وهي امرأة يهودية رفضت ذكر اسم عائلتها: "هذا مجتمعي. هذا تاريخي، وأنا أتابع ما حدث، ووجودي هنا هو بمثابة تكريم واحترام".
وأضافت: "لا مكان لمعاداة السامية هنا. لكن ما أراه هنا هو الأمل. أرى أناساً من معظم المجتمعات هنا يفعلون ذلك. إنهم يُظهرون احترامهم، وهذا أمر في غاية الأهمية".
وزارت أوليفيا روبرتسون، 25 عاماً، النصب التذكاري قبل ذهابها إلى العمل، وقالت: "هذا هو البلد الذي لجأ إليه أجدادنا لنشعر بالأمان، ونجد فيه الفرص". وأضافت "والآن حدث هذا هنا في منطقتنا. إنه لأمر صادم حقاً".
تشديد قوانين حيازة الأسلحة
تُجري الحكومة الأسترالية حالياً مراجعة لقوانين حيازة الأسلحة، التي تعتبر من بين الأشد صرامة في العالم، وذلك بعد أن صرحت الشرطة بأن ساجد أكرم كان يمتلك ستة أسلحة مرخّصة، وكان يحمل رخصة سلاح منذ عام 2015.
وقال وزير الداخلية توني بيرك، الثلاثاء، إن قوانين الأسلحة التي أدخلتها الحكومة الائتلافية الليبرالية القومية السابقة في عام 1996 في أعقاب مذبحة "بورت آرثر" تحتاج إلى إعادة نظر.
وكان من بين الضحايا الخمسة عشرة حاخام وهو أب لخمسة أطفال، وناجٍ من المحرقة، وطفلة 10 أعوام وفقاً لمقابلات ومسؤولين وتقارير وسائل إعلام محلية.
وتحدثت عمة ماتيلدا البالغة من العمر 10 سنوات علناً عن حسرة عائلتها، قائلة إنهم في صدمة، ويكافحون من أجل التأقلم مع المأساة.
وأوضحت لينا تشيرنيخ، أن ماتيلدا كانت مع شقيقتها سمر البالغة من العمر 6 سنوات وقت الهجوم، مضيفة: "آمل أن تتخطى هذه المحنة... وأن نتخطى جميعاً هذه المحنة".










