
حذّرت مصر، الخميس، من "خطوط حمراء" بشأن السودان، لا يمكن أن تسمح بتجاوزها أو التهاون بشأنها باعتبار أن ذلك يمس مباشرة الأمن القومي للبلاد، الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالأمن القومي السوداني، مؤكدة حقها في اتخاذ كافة التدابير التي تكفلها اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط.
وقالت الرئاسة المصرية في بيان، إن القاهرة تجدد تأكيد دعمها الكامل لرؤية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الخاصة بتحقيق الأمن والاستقرار والسلام في السودان، وذلك في إطار ما وصفته بتوجه الإدارة الأميركية لإحلال السلام وتجنب التصعيد وتسوية المنازعات في مختلف أنحاء العالم.
وذكر البيان الذي أصدرته الرئاسة بمناسبة زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان للبلاد، أن مصر "تتابع بقلق بالغ استمرار حالة التصعيد والتوتر الشديد الحالية في السودان، وما نجم عن هذه الحالة من مذابح مروعة وانتهاكات سافرة لأبسط قواعد حقوق الإنسان في حق المدنيين السودانيين، خاصة في الفاشر".
وشددت القاهرة على أن الحفاظ على وحدة السودان وسلامة أراضيه وعدم العبث بمقدراته ومقدرات الشعب السوداني هي أحد أهم هذه "الخطوط الحمراء"، مؤكدة "عدم السماح بانفصال أي جزء من أراضي السودان".
وجددت في السياق ذاته رفضها القاطع لإنشاء أي كيانات موازية أو الاعتراف بها باعتبار أن ذلك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه.
كما شددت مصر على أن الحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية ومنع المساس بهذه المؤسسات هو خط أحمر آخر لها، مؤكدة "حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي، واتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها".
وفي ختام موقفها، جددت مصر حرصها الكامل على استمرار العمل في إطار الرباعية الدولية، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطلاق النار، يتضمن إنشاء ملاذات وممرات إنسانية آمنة لتوفير الأمن والحماية للمدنيين السودانيين، وذلك بالتنسيق الكامل مع مؤسسات الدولة السودانية.
وصرّح المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية بأن مراسم الاستقبال الرسمية شملت استعراض حرس الشرف وعزف السلامين الوطنيين، أعقبها التقاط صورة تذكارية، ثم عقدت جلسة مباحثات موسّعة بمشاركة وفدي البلدين، تناولت سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يجسّد تطلعات الشعبين الشقيقين نحو تحقيق التكامل والتنمية المتبادلة، واختُتمت المراسم بمأدبة غداء.
وأشار السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، إلى أن المباحثات تطرقت كذلك إلى مستجدات الأوضاع الميدانية في السودان، ونقل تأكيد دعم مصر الكامل للشعب السوداني في مساعيه لتجاوز المرحلة الدقيقة الراهنة، كما تم استعراض الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لاستعادة السلام والاستقرار.
وأوضح أن السيسي شدد على ثوابت الموقف المصري الداعم لوحدة السودان وسيادته وأمنه واستقراره، مؤكداً استعداد مصر لبذل كل جهد ممكن في هذا السياق، كما اتفق الجانبان على أهمية تكثيف المساعي الرامية إلى تقديم الدعم والمساندة للشعب السوداني في ظل الظروف الإنسانية القاسية التي يواجهها جراء النزاع الدائر، مع التشديد على ضرورة وقف الجرائم التي ترتكب بحق الشعب السوداني الشقيق ومحاسبة المسؤولين عنها.
الأوضاع الإقليمية في منطقة حوض النيل
ومن جانبه، أعرب رئيس مجلس السيادة الانتقالي عن تقديره لمساندة مصر المتواصلة للسودان ولمساعيه لإنهاء الأزمة الراهنة، مؤكداً أن ذلك يعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين.
وذكر المتحدث الرسمي أن اللقاء تناول أيضاً الأوضاع الإقليمية في منطقة حوض النيل وفي منطقة القرن الإفريقي، إذ تم التأكيد على تطابق رؤى البلدين بشأن الأولويات المرتبطة بالأمن القومي، وحرصهما على مواصلة التنسيق والعمل المشترك لحماية الأمن المائي، ورفض الإجراءات الأحادية في حوض النيل الأزرق، مع التشديد على ضرورة احترام قواعد القانون الدولي بما يحقق المصالح المشتركة لدول الحوض كافة.
وأفادت وكالة الأنباء السودانية (سونا)، بأن الرئيس المصري أقام "مراسم استقبال رسمية بقصر الاتحادية على شرف زيارة رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني لمصر".
وأشارت إلى أن اللقاء شهد "حفاوة وأجواء احتفالية تؤكد عمق الروابط الأخوية والوشائج التاريخية التي تربط بين الشعبين الشقيقين".
وذكرت الوكالة أن مسيرة العلاقات الثنائية بين السودان ومصر تشهد "تطوراً ملحوظاً بفضل الرعاية الكريمة لقيادتي البلدين لملفات التعاون الثنائي، فضلاً عن التنسيق البنّاء فيما يتعلق بمواقف البلدين حيال القضايا الإقليمية والدولية".
وكانت المتحدثة الإقليمية باسم وزارة الخارجية الأميركية، كاريسا جونزاليز، قالت في مقابلة مع "الشرق"إن الولايات المتحدة تضع ملف السودان في مقدمة أولوياتها.
وأضافت جونزاليز أن الولايات المتحدة تسعى إلى هدنة إنسانية في السودان "دون شروط مسبقة، لأن الشعب السوداني يعاني على مدار سنوات"، مؤكدةً رغبة الرئيس الأميركي بوقف الحرب في السودان.
وأشارت إلى أن مبادرة الرباعية الدولية (الولايات المتحدة، والسعودية، ومصر، والإمارات) لإعادة إحياء المسار السياسي في السودان وفتح مرحلة انتقالية تضع البلاد على طريق حكم مدني، منوّهة إلى أن واشنطن اتخذت بعض الخطوات بفرض عقوبات على أشخاص وكيانات تدعم قوات "الدعم السريع" في السودان.
وفي نوفمبر الماضي، قال ترمب إنه سيعمل على إنهاء الحرب في السودان بعد أن طلب منه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التدخل لحل الصراع.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" في أبريل 2023 قبيل انتقال مخطط له إلى الحكم المدني، ما أدّى إلى أكبر أزمة نزوح في العالم.









