
قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إن طهران لا تستبعد احتمال شن هجوم جديد من قبل الولايات المتحدة أو أي عملية عسكرية أوسع ضد البلاد، مؤكداً في الوقت نفسه أن إيران "مستعدة بالكامل، بل أكثر استعداداً من ذي قبل"، وذلك في أعقاب تقارير بشأن استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعرض "خيارات عسكرية" ضد طهران على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأضاف عراقجي، في مقابلة مع شبكة "روسيا اليوم"، ونقلتها وكالة أنباء "تسنيم" الإيرانية، أن "هذا الاستعداد لا يعني الرغبة في الحرب، بل الهدف الأساسي هو منعها"، مشدداً على أن أفضل وسيلة لتحقيق ذلك هي "التحضير الجيد لأي سيناريو محتمل". وأوضح أن إيران أعادت بالفعل بناء كل ما تضرر خلال العدوان السابق، محذّراً من أن أي محاولة لتكرار التجربة لن تحقق نتائج أفضل.
وأبدى عراقجي، انفتاح إيران على التوصل إلى اتفاق نووي عادل ومتوازن، لكنها ترفض "الإملاءات الأميركية". وقال: "نحن نؤيد اتفاقاً قائماً على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وليس اتفاقاً أحادي الجانب، كما تحاول الإدارة الأميركية الحالية فرضه"، مشيراً إلى أن طهران مستعدة للتفاوض، ولكن ضمن إطار يضمن العدالة والتوازن للطرفين.
تخصيب اليوارنيوم
وقال وزير الخارجية الإيراني، إن الضربات الأميركية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية في نطنز وفوردو قبل نحو ستة أشهر تسببت بأضرار جسيمة، لكنها لم تُدمّر البرنامج النووي الإيراني، مؤكداً أن "التكنولوجيا لا يمكن قصفها"، وأن عزم إيران على مواصلة برنامجها السلمي لا يزال قائماً.
وأوضح أن إيران تعتبر التخصيب حقاً مشروعاً، مع استعدادها لتقديم ضمانات كاملة بشأن الطابع السلمي لبرنامجها النووي، كما فعلت في اتفاق 2015.
وقال إن "التخصيب هو حقّنا، ثم إنه مسألة تتعلق بالكرامة والفخر الوطنيين، لأنه ثمرة إنجازات علمائنا أنفسهم. وأعتقد أن اعتراف الولايات المتحدة بهذا الحق يمكن أن يشكل خطوة إيجابية لصالح نظام عدم الانتشار".
وفي حديثه عن المفاوضات مع الولايات المتحدة، كشف عراقجي أنه أجرى خمس جولات تفاوض مع المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وتم تحديد جولة سادسة في يونيو الماضي، إلا أن الهجوم الإسرائيلي، الذي وصفه بـ"غير القانوني"، سبقها بأيام، قبل أن تنضم إليه الولايات المتحدة لاحقاً.
واعتبر أن استهداف إيران في "منتصف المفاوضات" شكّل تجربة مريرة جديدة، تضاف إلى انسحاب واشنطن السابق من الاتفاق النووي دون مبرر مقنع.
وأكد عراقجي أن إصرار الولايات المتحدة على استئناف المفاوضات كان "مقترناً بنهج خاطئ"، مشدداً على أن إيران لا تستجيب للتهديد والضغط، بل للتفاوض القائم على الاحترام والمصالح المتبادلة.
وتابع قوله: "لدينا تجربتان: تجربة الدبلوماسية، وتجربة العمل العسكري. التجربة العسكرية لم تحقق أهدافها، بينما كانت التجربة الدبلوماسية ناجحة. أمامنا هذان الخياران، والاختيار يعود إلى الولايات المتحدة".
تفتيش المنشآت النووية المتضررة
وزير الخارجية الإيراني أكد خلال المقابلة، أثناء زيارته للعاصمة الروسية موسكو، أن طهران قدّمت أفكاراً وصفها بالجيدة خلال محادثات سابقة، بما في ذلك مفاوضات مرتبطة بـ"آلية الزناد"، إلا أن جميعها قوبلت بالرفض، ما دفع إيران إلى التريث بانتظار تغير الموقف الأميركي.
وفي ما يخص دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، انتقد عراقجي بشدة امتناع الوكالة الأممية عن إدانة الهجمات على منشآت نووية خاضعة لإشرافها، معتبراً ذلك سابقة خطيرة وانتهاكاً جسيماً للقانون الدولي. وقال إن مسألة تفتيش منشآت تعرضت لهجوم عسكري "غير مسبوقة"، ولا توجد آليات واضحة لها، ما يستدعي التفاوض مع الوكالة لوضع إطار جديد للتفتيش.
واعتبر وزير الخارجية الإيراني، أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية تحولت من مؤسسة مهنية إلى "كيان مسيس" بفعل ضغوط بعض الدول، داعياً إياها إلى العودة إلى دورها التقني والمهني. كما دعا روسيا، بصفتها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي، وفاعلًا رئيسياً في مجلس محافظي الوكالة، إلى الاضطلاع بدور منصف وحازم في مواجهة ما وصفه بـ"تسييس الملف النووي"، و"التساهل مع الإرهاب النووي".
خيارات إسرائيلية أمام ترمب
وكان موقع "أكسيوس" الأميركي، نقل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يستعد لعرض خيارات عسكرية جديدة ضد إيران على الرئيس الأميركي دونالد ترمب، خلال اللقاء المرتقب بينهما في ولاية فلوريدا، بدعوى تسارع إنتاج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وسعي طهران إلى إعادة تأهيل قدرات عسكرية تضررت جراء حرب يونيو الماضي.
وقال مصدر مطلع مباشرة على الخطط و4 مسؤولين أميركيين سابقين جرى إطلاعهم عليها لشبكة NBC NEWS، إن مسؤولين إسرائيليين أصبحوا أكثر قلقاً من أن إيران توسع إنتاج برنامجها للصواريخ الباليستية، الذي تضرر نتيجة ضربات عسكرية إسرائيلية في وقت سابق من العام الجاري، ويستعدون لإطلاع ترمب على خيارات لمهاجمته مرة أخرى.
وذكرت المصادر، أن المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بالقلق أيضاً من أن إيران تعيد إنشاء مواقع نووية كانت الولايات المتحدة قد قصفتها في يونيو، إلا أنهم يرون أن جهود طهران لإعادة بناء منشآت إنتاج الصواريخ الباليستية وإصلاح أنظمة الدفاع الجوي المتضررة تمثل مصدر القلق الأكثر إلحاحاً.










