أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، الخميس، في ختام قمة ثلاثية بالعاصمة القاهرة، أن "الحل العادل والشامل" للقضية الفلسطينية مفتاح استقرار المنطقة.
وشهدت القمة عقد جلسة مباحثات مغلقة، تلتها جلسة ضمّت وفود الدول الثلاث، وبحثت "تنسيق المواقف والرؤى إزاء عدد من الموضوعات المرتبطة بالقضية الفلسطينية"، بحسب بيان للرئاسة المصرية.
وأعرب السيسي خلال القمة عن "تقدير مصر البالغ للعلاقات التاريخية على المستويين الرسمي والشعبي، مع كل من الأردن وفلسطين"، و"أهمية العمل على تحقيق جميع حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وآماله وطموحاته".
واستعرض الرئيس المصري رؤية بلاده "لكيفية إحياء عملية السلام، وتثبيت التهدئة في قطاع غزة، وكذا إعادة إعمار القطاع"، مؤكداً أن "تحقيق آمال الشعب الفلسطيني في الدولة المستقلة، لن يتأتى إلا من خلال توحيد الصف، وإنهاء الانقسام الذي طال أمده بين الضفة الغربية وقطاع غزة".
"حل الدولتين"
ملك الأردن عبد الله الثاني، قال خلال قمة ثلاثية بين بلاده ومصر وفلسطين في القاهرة، الخميس، إنه "لا يمكن للمنطقة أن تنعم بالأمن والاستقرار، من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين"، بحسب ما أورد الديوان الملكي الأردني.
وأضاف الملك عبد الله أن الاجتماع في القاهرة، "يؤكد الحرص على توفير كل سبل الدعم للأشقاء في فلسطين، ومواصلة الجهود لتفعيل عملية السلام".
وأكد أن "الوضع الراهن لا يمكن له أن يستمر، ولا يمكن للمنطقة أن تنعم بالأمن والاستقرار من دون حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وتابع: "أكدَت التطورات المؤسفة في الأشهر الأخيرة هذه الحقيقة، وهنا أعرب عن تقديري للأشقاء في مصر، على جهودهم المتواصلة لتثبيت التهدئة وتعزيز الاستقرار، خاصة أخي فخامة الرئيس السيسي".
وشدد الملك عبد الله الثاني على "أهمية وقف الاعتداءات والإجراءات أحادية الجانب، خصوصاً في القدس والمسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وضرورة العمل مع جميع الأطراف لتفادي أي تصعيد لأن ذلك سيؤثر سلباً على جهود تحقيق السلام".
وجدد التأكيد على أن "الأردن سيستمر في بذل كل الجهود، للحفاظ على الوضع القانوني والتاريخي القائم بالقدس، وحماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية فيها بموجب الوصاية الهاشمية عليها".
وأشار إلى أنه "رغم التحديات المتعددة التي تشهدها المنطقة، إلا أن القضية الفلسطينية ما زالت هي القضية المركزية". وختم كلامه قائلاً: "سنواصل التنسيق الوثيق مع أشقائنا في مصر وفلسطين، في سبيل ما هو خير لشعوبنا وقضايا أمتنا".
"توحيد الشعب الفلسطيني"
الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قال إن القمة الثلاثية الفلسطينية الأردنية المصرية "تأتي تتويجاً للعديد من الاجتماعات والاتصالات والمشاورات الثنائية والثلاثية، وعلى المستويات كافة بما يشمل السياسية والأمنية".
ودعا في كلمته خلال أعمال القمة الثلاثية حكومات الدول الثلاث لـ"مواصلة العمل من أجل تعزيز العلاقات البينية في مختلف المجالات، والنهوض بدور الشباب"، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء الفلسيطينة "وفا".
وأكد أن القيادة الفلسطينية ستواصل العمل من أجل "توحيد أرضنا وشعبنا وتحقيق المصالح الوطنية، على أساس التزام الجميع بالشرعية الدولية، ويتبع ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية تساعد في عمليات إعادة إعمار قطاع غزة، والذهاب للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني، حال التمكن من إجرائها في مدينة القدس الشرقية".
"استعداد فلسطيني"
وأضاف الرئيس الفلسطيني: "ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلي من انتهاكات في مدينة القدس المحتلة، واعتداءات المستوطنين الإرهابية بحماية جيش الاحتلال، وعدم احترام الوضع التاريخي للحرم القدسي الشريف، ومحاولاتها الآثمة لطرد الفلسطينيين من منازلهم، خصوصاً في حيي الشيخ جراح وسلوان، وعمليات الهدم المتواصلة للمنازل ومصادرة الأراضي وعمليات التوسع الاستيطاني، والقتل، وحصار قطاع غزة، جميعها تؤدي إلى المزيد من التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، ما يضعنا أمام تصعيد جديد ومتكرر تتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤوليته".
واستدرك: "لقد أظهرنا على الدوام، وفي جميع المراحل مرونة عالية، وتعاملنا بإيجابية مع جميع المبادرات والجهود الدولية التي تهدف الى تحقيق السلام وفق الشرعية الدولية، لهذا فإننا نجدد استعدادنا للعمل في هذه المرحلة على تهيئة الأجواء من خلال تطبيق خطوات بناء ثقة، تشمل تحقيق التهدئة الشاملة في الأراضي الفلسطينية كاملة، والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، وعدم القيام بأي إجراءات أحادية الجانب".
واختتم بالقول: "إننا ما زلنا نمد أيدينا للسلام العادل والشامل، وفق قرارات الشرعية الدولية وتحت رعاية اللجنة الرباعية الدولية، ونرحب بمشاركة مصر والأردن لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، وهو الطريق الوحيد لإنقاذ المنطقة من الدمار والفوضى".
الجهود الأميركية
وانطلقت الخميس بمقر الرئاسة المصرية في العاصمة القاهرة، الخميس، أعمال القمة الثلاثية، التي جمعت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، لبحث "تفعيل الدعم الدولي والإقليمي للقضية الفلسطينية".
وقبل انطلاق القمة، استقبل السيسي محمود عباس، وعقد معه جلسة مباحثات ثنائية بقصر الاتحادية، بحسب بيان للمتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية المصرية. كما استقبل أيضاً ملك الأردن عبد الله الثاني، وأكدا "أهمية العمل على تكثيف الجهود الدولية لحلحلة عملية السلام، واستئناف المفاوضات، سعياً نحو تسوية الأزمة الفلسطينية".
وكشف مسؤولون فلسطينيون لـ"الشرق"، الخميس، أن هذه القمة "جاءت بطلب فلسطيني"، لبحث تفعيل الدعم الدولي والإقليمي لحل الدولتين، الذي يتعرض لتهديد جدي جراء التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الذي لا يتوقف.
أحد المسؤولين قال لـ"الشرق" إن الجانب الفلسطيني طلب عقد هذه القمة بالعاصمة المصرية القاهرة، لـ"بحث عمل ثلاثي مشترك على ثلاثة مستويات، أميركية وإسرائيلية وعربية".
وأضاف: "واضح أن الجهود الأميركية لم تحقق تقدماً في المسار السياسي، وهناك حاجة لتوجه عربي جماعي إلى إدارة الرئيس جو بايدن، للمطالبة بدور أكبر في الضغط على إسرائيل، للقيام بخطوات سياسية ذات معنى، مثل وقف الاستيطان".
وأشار إلى عدم رضا الجانب الفلسطيني عن الدور الأميركي، بالنظر إلى أن هذا الدور لم يتجاوز بعد القضايا الاقتصادية والحياتية في الملف الفلسطيني-الإسرائيلي.
ولفت إلى أن الرئيس الأميركي بايدن التقى زعماء المنطقة، خصوصاً رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، من دون أن يوجه دعوة مماثلة للرئيس الفلسطيني محمود عباس.
نقل مطالب
وعلمت "الشرق" من مصادر أن الجانب الفلسطيني وجّه طلباً للإدارة الأميركية، لعقد لقاء بين الرئيس الأميركي جو بايدن، والرئيس الفلسطيني محمود عباس على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل نهاية الشهر الجاري.
ويتوقع مسؤولون فلسطينيون، بحسب المصادر، من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وملك الأردن عبد الله الثاني، لعب دور في نقل المطالب الفلسطينية إلى الإدارة الأميركية، وكذلك تعزيز مكانة القضية الفلسطينية بين دول المنطقة.
تأتي هذه القمة قبيل لقاء مرتقب بين الرئيس المصري، ورئيس الوزراء الاسرائيلي في شرم الشيخ، يتوقع مسؤولون فلسطينيون خلالها من الرئيس المصري، وضع الملف الفلسطيني على رأس جدول أعمال اللقاء.
وعقدت مصر والأردن والعراق قمة ثلاثية مؤخراً في بغداد، فيما طلبت فلسطين الانضمام إلى لقاءات مقبلة قد تعقدها الدول الثلاث.
"تراجع" القضية
ويرى العديد من المسؤولين الفلسطينيين أن مكانة القضية الفلسطينية شهدت أخيراً "تراجعاً في الأجندة العربية"، لصالح ملفات إقليمية عديدة.
وشهدت العلاقة بين الرئيسين المصري والفلسطيني بعض الفتور في الآونة الأخيرة، جراء الدور المصري في قطاع غزة، الذي يرى فيه العديد من المسؤولين الفلسطينيين تعزيزاً لمكانة حركة "حماس" في القطاع، على حساب السلطة الفلسطينية.
وفي الجانب المصري، ينتقد بعض المسؤولين عدم تجاوب الجانب الفلسطيني مع مبادرات مصرية، استهدفت إنهاء الانقسام بين "فتح" و"حماس"، وإنهاء الانقسامات والخلافات داخل حركة "فتح" أيضاً، خصوصاً أثناء التحضير للانتخابات التشريعية التي كان من المقرر إجراؤها في مايو الماضي.
اقرأ أيضاً: