اعتبرت وكالة "بلومبرغ" أن قرار الصين التوغل في مضيق تايوان بأكثر من 10 طائرات عسكرية، بينها قاذفات استراتيجية، السبت والأحد، هو تحذير مبكر إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، بشأن واحدة من أكثر القضايا الاستراتيجية حساسية بين بكين وواشنطن.
وردت تايوان، الثلاثاء، على التوغل الصيني واختراق منطقة دفاعها الجوي، بتحليق طائرات قواتها الجوية في السماء، في تدريب يحاكي الحرب، مستعرضةً قوتها واستعدادها.
وتايوان، التي تعتبرها الصين جزءاً من أراضيها، في حالة استنفار منذ توغل واسع النطاق لمقاتلات وقاذفات صينية قادرة على حمل رؤوس نووية في القطاع الجنوبي الغربي من منطقة تحديد الدفاع الجوي للجزيرة، السبت والأحد، بالتزامن مع دخول مجموعة حاملة طائرات أميركية بحر الصين الجنوبي.
وتعد رحلة 8 قاذفات من طراز "Xian H-6K"، و5 طائرات أخرى، السبت، ثالث أكبر توغل من نوعه تنفذه طائرات الجيش الصيني، وفقاً لبيانات وزارة الدفاع التايوانية، ويُعتقد أن القاذفات H-6K قادرة على حمل صواريخ كروز للهجوم البري، تمنح القوات الصينية القدرة على ضرب قواعد خارجية من مسافات آمنة.
التزام أميركي
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً تؤكد فيه التزام واشنطن "القوي" تجاه تايبيه، وتحث بكين على "وقف ضغوطها العسكرية والدبلوماسية والاقتصادية".
وقال المتحدث باسم الوزارة، نيد برايس، إنه يجب على الصين "الدخول في حوار هادف مع ممثلي تايوان المنتخبين ديمقراطياً".
ونقلت "بلومبرغ" عن أستاذ مساعد العلاقات الدولية الشرق آسيوية في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية، يونغ ووك ريو، قوله إن التوغل الصيني يبعث "إشارة واضحة إلى إدارة بايدن بأن الصين مستعدة للدفاع عن سيادتها على تايوان، وأن هذا خط أحمر يجب على الولايات المتحدة ألا تتخطاه".
وأضاف: "سنرى قدراً كبيراً من الصراع بين الصين والولايات المتحدة على تايوان في مرحلة مبكرة من إدارة بايدن، إذ يسعى العملاقان إلى معرفة أين يمكنهما التعاون واختبار تصميمهما".
تصاعد الخلاف
كان الخلاف الممتد على مدى 70 عاماً على تايوان، أطل برأسه مجدداً منذ أن انتخبت الجزيرة تساي إنغ وين، من حزب الاستقلال الديمقراطي التقدمي، رئيسة للبلاد في عام 2016، وعندها قطع الرئيس الصيني، شي جين بينغ، الذي سبق أن تعهد بالعمل من أجل توحيد الجانبين، الاتصالات مع تايبيه، ودشن حملة ضغط بسبب رفض تساي قبول فكرة انتماء كلا الجانبين إلى "صين واحدة".
وأفادت "بلومبرغ" بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب - مدفوعاً بمعاركه مع الصين - وسع العلاقات مع تايبيه بدرجة كبيرة، إذ وافق على بيع أول مقاتلة منذ 30 عاماً، وأكبر زيارة يقوم بها مسؤول حكومي أميركي منذ تحويل بكين العلاقات من تايبيه إلى الصين في عام 1979.
وجاء الرد الصيني بإجراء تدريبات عسكرية متكررة بالقرب من الجزيرة، كما أطلقت، في أغسطس، صواريخ باليستية من "حاملات الطائرات القاتلة" في بحر الصين الجنوبي.
سياسات ترمب
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، جين ساكي، الاثنين، إن الولايات المتحدة خططت لمراجعة سياسات ترمب، وتتشاور مع الحلفاء والمشرعين في واشنطن للتوافق حول استراتيجية تجاه الصين.
وأضافت: "بكين الآن تتحدى أمننا وازدهارنا وقيمنا بطرق مهمة تتطلب نهجاً أميركياً جديداً".
تأتي ملاحظات ساكي رداً على خطاب الرئيس الصيني في "المنتدى الاقتصادي العالمي" (دافوس)، حيث حث القوى العالمية على نبذ "عقلية الحرب الباردة التي عفا عليها الزمن"، ودافع عن حق بلاده في اتباع مسارها، حسبما أفادت "بلومبرغ".
وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، في إحاطة إعلامية دورية، إن الولايات المتحدة يجب أن "تمتنع عن إرسال إشارات خاطئة إلى قوى الاستقلال التايوانية لتجنب الإضرار بالعلاقات الصينية الأميركية، ولتحقيق السلام والاستقرار في مضيق تايوان".
النزاع في بحر الصين
من ناحية أخرى، دخلت مجموعة حاملات طائرات أميركية إلى بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه من أجل "إجراء عمليات روتينية"، حسبما أفادت "القيادة الأميركية في المحيط الهندي والهادئ"، السبت.
ولم يتضح ما إذا كانت رحلة حاملة الطائرات "يو إس إس ثيودور روزفلت" تهدف إلى إرسال إشارات محددة؛ لأن مثل هذه الرحلات عادةً ما يتم التخطيط لها مسبقاً قبل وقت طويل، لكن الجيش الأميركي قال إن دخول بحر الصين الجنوبي يهدف "لتعزيز حرية البحار".
كان اسم الصين برز بقوة في مكالمات بين كبار مساعدي بايدن وحلفائهم في الأيام الأخيرة، إذ وافق وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، في مكالمة هاتفية مع نظيره الياباني، نوبو كيشي، الأحد، على معارضة أي محاولات لتغيير الوضع القائم في بحر الصين الشرقي والجنوبي، وفقاً لبيان صادر عن وزارة الدفاع اليابانية.
بكين ترد
وأعلنت الصين، الثلاثاء، أنها ستجري تدريبات عسكرية في بحر الصين الجنوبي، هذا الأسبوع، بعد أيام من تعبيرها عن استيائها من دخول مجموعة حاملة طائرات أميركية إلى المياه المتنازع عليها.
وأصبحت هذه المياه المتنازع عليها، نقطة نزاع أخرى في العلاقات الثنائية المتوترة بين بكين وواشنطن.
وزاد الجيش الأميركي من أنشطته بالمنطقة في السنوات القليلة الماضية، مع سعي الصين للتأكيد على مطالبها بالسيادة في المنطقة، في إطار نزاع مع دول مجاورة تشمل فيتنام وماليزيا والفيلبين وبروناي وتايوان.
وشكت الصين، الاثنين، من أن الولايات المتحدة كثيراً ما ترسل سفناً وطائرات إلى بحر الصين الجنوبي، الذي تمر عبره تجارة بتريليونات الدولارات كل عام، "لاستعراض قوتها"، مشيرة إلى أن ذلك لا يخدم السلام والاستقرار في المنطقة.
وتوقع ألكسندر هوانغ، أستاذ العلاقات الدولية الاستراتيجية في "جامعة تامكانج"، أن الرئيس الصيني كان يحاول اختبار حدود بايدن، ويتطلع إلى أن يرى كيف سترد إدارة بايدن الجديدة على سلوك الصين"، وفقاً لـ"بلومبرغ".
وأضاف: "سواء كانوا يعتقدون أن إدارة بايدن ستأخذ موقفاً قوياً أو ناعماً وغير حاسم بشأن تايوان، فسيخرج الصينيون من ذلك بدروس مهمة عندما يبدأون حزمة من الحوارات حول طيف واسع من القضايا، بداية من التجارة، ووصولاً إلى التغير المناخي".