قبل أيام من استئناف المفاوضات مع مدريد، تظاهر أنصار انفصال إقليم كتالونيا السبت، في شوارع برشلونة، على خلفية انقسامات داخل الحركة بعد أربع سنوات على فشل محاولة الانفصال في 2017.
تحت شعار "دعونا نكافح من أجل الاستقلال"، تمت الدعوة إلى هذا الحدث بمناسبة "ديادا"، اليوم الوطني لكتالونيا الذي يشهد منذ عقد تظاهرات كبيرة للمطالبة بالاستقلال.
وكما هي الحال في كل عام، بدأ التحرك عند تمام الساعة 17:14 (15:14 بتوقيت جرينتش) لإحياء ذكرى سيطرة قوات الملك فيليبي الخامس على برشلونة في 11 سبتمبر 1714.
وحشدت فعاليات "ديادا" نحو 1.8 مليون انفصالي في برشلونة عام 2014، في ذروة صعود الحركة الانفصالية، لكن التعبئة تراجعت إلى 600 ألف شخص في 2019، بحسب الشرطة البلدية.
والسبت، قدرت الشرطة عدد المتظاهرين بـ108 آلاف، في حين تحدث المنظمون عن مشاركة 400 ألف. وفي 2020، لم يشارك سوى 60 ألف شخص، علماً أن الوباء حال دون تنظيم تظاهرة تقليدية.
حالة إحباط
وقبل التظاهرة، التي رددت خلالها شعارات "الاستقلال" و"لتخرج قوات الاحتلال"، في إشارة إلى قوات الأمن الوطني، جاء نارسيس فيلار المتقاعد البالغ من العمر 70 عاماً، لأول مرة للتظاهر بمفرده، مشدداً على "الإحباط" بين الناشطين.
وقال لوكالة فرانس برس إن أقاربه "لم يتوقفوا عن دعم الانفصال لكنهم سئموا من السياسيين الكاتالونيين"، مشدداً على "الخوف من الوباء" لتفسير مستوى التعبئة المتدني. وكانت كتالونيا بؤرة موجة جديدة من حالات كوفيد في إسبانيا هذا الصيف.
كما تسبب عفو الحكومة عن القادة التسعة المؤيدين للاستقلال المحكوم عليهم بالسجن لدورهم في محاولة الانفصال عام 2017، في فقدان الانفصاليين لعنصر تعبئة.
منذ فشل محاولة الانفصال عام 2017، اتسمت الحركة الانفصالية التي لا تزال في السلطة في كتالونيا، بتباينات عميقة حول الاستراتيجية الواجب تبنيها، إذ يؤيد الأكثر اعتدالاً حواراً مع مدريد، بينما لا يزال الأكثر تشددا يدعون إلى الانفصال الإحادي كما كان في عام 2017.
وتعد محاولة الانفصال هذه واحدة من أسوأ الأزمات التي مرت بها إسبانيا منذ انتهاء ديكتاتورية فرانكو في عام 1975.
وفي أكتوبر 2017، أجرت سلطات إقليم كتالونيا برئاسة كارليس بوتشيمون آنذاك استفتاء على الاستقلال رغم حظره من قبل المحكمة الدستورية. وردت مدريد بوضع المنطقة تحت الوصاية واعتقال القادة الانفصاليين الذين لم يفروا إلى الخارج مثل بوتشيمون.
مفاوضات وسط التوتر
تأتي "ديادا" قبل استئناف الحوار المقرر في نهاية الأسبوع المقبل بين حكومة بيدرو سانشيز اليسارية وحكومة الانفصالي بيري أراجونيس، الذي يعتبر حزبه (حزب اليسار الجمهوري في كتالونيا) حليفاً رئيسياً لحكومة سانشيز التي تشكل أقلية في البرلمان الإسباني.
تهدف هذه المحادثات التي أجريت مرة واحدة فقط قبل تفشي الوباء إلى إيجاد حل للأزمة في كتالونيا. وقال رئيس الوزراء بيدرو سانشيز الذي جعل استئناف الحوار في كتالونيا إحدى أولوياته، على تويتر السبت إنه يريد "المضي قدماً نحو ما يوحدنا، للعمل من أجل كتالونيا إيجابية".
لكن كل طرف وضع خارطة طريق تتعارض تماماً مع تلك التي وضعها الطرف الآخر، إذ رفضت مدريد بالفعل المطلبين الرئيسيين للانفصاليين، وهما الاتفاق على تنظيم استفتاء لتقرير المصير والعفو التام عن الانفصاليين الذين حوكموا بسبب محاولة الانفصال في عام 2017.
وتفاقم الوضع مع تجدد التوتر هذا الأسبوع عقب إعلان الحكومة المركزية تعليقها لمشروع توسيع مطار برشلونة المثير للجدل بسبب "فقدان الثقة" بالحكومة الإقليمية الانفصالية. ووصف أراجونيس هذا القرار بأنه "ابتزاز".
وقالت ميريا نييتو وهي طالبة تبلغ 21 عاماً جاءت للتظاهر، إنها "تعارض تماماً هذا الحوار"، ملخصة بذلك موقف أكثر الانفصاليين تشدداً.
وشددت على أنه "لا يمكننا التحاور مع الدولة الإسبانية.. إنها خطوة للتراجع إلى الوراء عن كل ما فعلناه في السنوات الأخيرة".