واشنطن تنشر أولى "وثائق 11 سبتمبر السرية".. والسعودية ترحب

time reading iconدقائق القراءة - 8
آثار الدمار في موقع هجمات 11 سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك. - REUTERS
آثار الدمار في موقع هجمات 11 سبتمبر 2001 على مركز التجارة العالمي في نيويورك. - REUTERS
دبي-الشرقرويترزأ ف ب

رفعت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" تتعلق بالتحقيق في هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001، وترصد ما قالت إنها "اتصالات" بين الخاطفين وسعوديين داخل الولايات المتحدة، لكن المذكرة لم تَخْلُص إلى أي جزم بعلاقة الحكومة السعودية في حينه بمنفذي الهجمات. ورحبت الرياض بالكشف الوارد في المذكرة، معتبرة أنه "تأكيد آخر على عدم تورط المملكة بأي صورة". 

الرئيس جو بايدن كان وقّع مطلع الشهر الجاري أمراً تنفيذياً يوجه وزارة العدل ووكالات أخرى بالإشراف على "مراجعة رفع السرية" عن الوثائق المتعلقة بتحقيقات "إف بي آي" في هجمات 11 سبتمبر.

وأظهرت المذكرة التي يعود تاريخها إلى الرابع من أبريل 2016 وكانت سرّية حتى الآن وجود ارتباطات بين عمر البيومي، الذي كان حينها طالباً سعودياً في الولايات المتحدة، وعنصرين في تنظيم القاعدة شاركا في الهجمات التي استهدفت نيويورك وواشنطن قبل عشرين عاماً.

وجرى حجب أجزاء من الوثيقة تتضمن أسماء أشخاص وتفاصيل طلب مكتب التحقيقات الفيدرالي أو وكالات حكومية أخرى عدم الكشف عنها، أو تعارض إعلانها مع قوانين الخصوصية.

مصدر سري وسجلات الهواتف

وبناءً على مقابلات جرت في 2009 و2015 مع مصدر بقيت هويته سرّية، تتضمن الوثيقة تفاصيل اتصالات ولقاءات جرت بين البيومي والخاطفَيْن نواف الحازمي وخالد المحضار بعد وصولهما جنوب كاليفورنيا عام 2000 قبل الاعتداءات.

كما تتحدث الوثيقة عن صلات بين الخاطفَين وفهد الثميري، الذي كان إماماً في مسجد الملك فهد في لوس أنجلوس وموظفاً في القنصلية السعودية في المدينة ذاتها، قبل أن يتم إلغاء تأشيرته من قبل السلطات الأميركية.

نفي الثميري

يُشار إلى أن الثميري أكد في مقابلة مع صحيفة "الشرق الأوسط" نشرت في 12 مايو 2003، إنه لم يتعرض لأي اعتقال أو تحقيقات أمنية في الولايات المتحدة، مبدياً دهشته من قرار السلطات الأميركية إلغاء تأشيرته فور وصوله إلى مطار لوس أنجلوس، من دون إبداء أسباب أو دوافع، ومن دون إبلاغه مسبقاً.

واعتبر الثميري الذي تحدث لـ"الشرق الأوسط" من منزله في العاصمة السعودية الرياض، أن معاملة مسؤولي الجوازات في مطار لوس أنجلوس له كانت "حسنة، وكرروا اعتذاراتهم الشفهية على الخطأ الذي وقع في الإجراء لأنهم لم يخطروا مقر عمله في لوس أنجلوس أو السفارة السعودية في واشنطن بقرارهم إلغاء تأشيرة إقامتي في أميركا".

وأضاف: "حتى إنني عندما عبرت جوازات مطار فرانكفورت في ألمانيا إلى أميركا لم يشر الموظفون إلى أن تأشيرتي الأميركية ملغاة".

وعن تصوره للأسباب التي دفعت إلى إلغاء تأشيرة إقامته في الولايات المتحدة بالطريقة المتكتمة التي صادفها، قال: "لا أذكر تجاوزاً وقعت فيه على الإطلاق. وربما يكون وراء الإجراء المتخذ ضدي شكوى كيدية من بعض الأشخاص المسلمين شديدي الرغبة في الاستيلاء على إدارة مسجد الملك فهد في لوس أنجلوس، وإبعاد العناصر السعودية من إدارته لتحقيق أغراضهم المكشوفة لأوساط الجاليه المسلمة هناك".

وبالعودة إلى الوثيقة، ورد أن أرقام الهواتف المرتبطة بالمصدر تكشف عن اتصالات مع عدد من الأشخاص الذين ساعدوا الحازمي والمحضار عندما كانا في كاليفورنيا، بمن فيهم البيومي والثميري، إضافة إلى المصدر نفسه.

وتنقل الوثيقة زعم المصدر (الذي "أفشى" المعلومات لـ"إف بي آي") أن البيومي، بعيداً عن صفته كطالب، كانت له "مكانة عالية جداً" في القنصلية السعودية.

وأفادت المذكرة بأن المساعدة التي قدّمها البيومي للحازمي والمحضار "شملت الترجمة والسفر والإقامة والتمويل".

كما لفتت المذكرة إلى أن زوجة "المصدر" أفادت مكتب التحقيقات بأن البيومي تحدّث مراراً عن "الجهاد".

وورد في الوثيقة أن لقاءات واتصالات هاتفية وغيرها من أشكال التواصل جرت بين البيومي والثميري من جهة، وأنور العولقي من جهة أخرى، المولود في الولايات المتحدة واعتبر من أبرز قادة تنظيم القاعدة قبل أن يُقتل بغارة نفّذتها طائرة أميركية مسيّرة في اليمن عام 2011.

أقارب الضحايا

ومنذ سنوات يضغط أقارب ضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر لإتاحة مزيد من المعلومات بخصوص ما خلص له مكتب التحقيقات الاتحادي في تحقيقه، زاعمين أن الوثائق ستظهر دعم السلطات السعودية للهجمات التي كان أغلب منفذيها من السعوديين.

ولم تجد لجنة حكومية أميركية في 2004 " أي دليل على أن الحكومة السعودية كمؤسسة، أو كبار المسؤولين السعوديين قد موّلوا تنظيم القاعدة بشكل فردي".

ورفعت عائلات نحو 2500 من ضحايا الهجمات، وأكثر من 20 ألف مُصاب والعديد من شركات التأمين، عقب الهجمات، دعاوى على السعودية تطالب بمليارات الدولارات.

ترحيب سعودي

وقال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره النمساوي، الأحد، إن بلاده "دعت طوال أكثر من عقد إلى نشر أي وثائق متعلقة بهجمات 11 سبتمبر؛ لأنها على ثقة تامة أن الكشف عن أي معلومات تتضمنها هذه الوثائق سيظهر بالتأكيد أن المملكة لم تكن متورطة بأي صورة".

وأضاف: "من المهم أنه تم الكشف عن هذه الوثيقة ونحن سعداء بذلك وندعم الكشف عن أي وثائق أخرى، لكن تركيزنا يجب أن ينصب على المواجهة المستمرة مع الإرهاب؛ لأن التطرف والإرهاب ما زالا يمثلان تهديداً للأمن العالمي، وعلى المجتمع الدولي أن يعمل سوية لمواجهة هذا التهديد المتصاعد".

إنهاء المزاعم "إلى الأبد"

وكانت السفارة السعودية في واشنطن رحبت قبل أيام بقرار إدارة بايدن الكشف عن الوثائق السرية المرتبطة بهجمات 11 سبتمبر، لافتة إلى أنه "منذ ذلك اليوم المروع، طالبت حكومة المملكة بشكل متكرر بالكشف عن كل المواد المتعلقة بالتحقيق الأميركي في هذا الهجوم".

وأضافت أن المملكة "دعت دائماً للشفافية فيما يتعلق بمأساة 11 سبتمبر"، مشيرة إلى أن "التحقيقات السابقة، ومن ضمنها لجنة 11 سبتمبر وما يعرف بـ(الصفحات الـ28) أكدت عدم توفر أي دليل على الإطلاق يشير إلى معرفة مسبقة للحكومة السعودية أو أي من مسؤوليها بالهجوم الإرهابي، أو أي علاقة لهم بالتخطيط أو التنفيذ".

وأعربت عن أملها بأن تؤدي هذه الخطوة إلى "إنهاء المزاعم التي لا أساس لها ضد المملكة إلى الأبد".