الحزب الروسي الحاكم يحصد أغلبية "الدوما" في الانتخابات التشريعية

time reading iconدقائق القراءة - 8
أعضاء لجنة انتخابية محلية يحسبون الأصوات في مركز اقتراع بعد اليوم الأخير من الانتخابات البرلمانية في موسكو - AFP
أعضاء لجنة انتخابية محلية يحسبون الأصوات في مركز اقتراع بعد اليوم الأخير من الانتخابات البرلمانية في موسكو - AFP
موسكو -أ ف بالشرق

أعلن حزب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، "روسيا الموحّدة" الحاكم، الاثنين، فوزه بثلثي مقاعد مجلس الدوما في الانتخابات التشريعية التي أشارت المعارضة إلى تعرّضها لتزوير، بحسب "فرانس برس".

وأفادت وكالة تاس، بأن حزب الرئيس الروسي حصل على 49.63% من الأصوات بعد فرز 95.05% من نتائج التصويت، وفقًا لبيانات لجنة الانتخابات المركزية.

وقدّم فلاديمير بوتين، الشكر، للروسيين على "ثقتهم" التي حاز عليه حزبه في الانتخابات التشريعية.

وفقًا لنتائج التصويت الأولية، حصل "روسيا الموحدة" على 112 صوتاً في القائمة. كما أنه يهيمن على 199 دائرة انتخابية ذات عضو واحد. ونتيجة لذلك، ضمن الحزب حتى الآن الأغلبية الدستورية في مجلس النواب (أكثر من 300 تفويض)، بحسب تاس.

وبعد فرز الأصوات في 95% من مراكز الاقتراع، تقدم حزب فلاديمير بوتين بنسبة 49.63% على الحزب الشيوعي، الذي يأتي في المرتبة الثانية بنسبة 19.20%، يليه الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي (7.48%) .

واعتبر المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، أن "أهم شيء بالنسبة للرئيس فلاديمير بوتين، هو بالطبع أن الانتخابات كانت تنافسية في ظل من الشفافية والنزاهة"، واصفاً الفوز بأنه "إيجابي" مع حصول الحزب الحاكم على نحو 50 % من الأصوات.

وقال أمين المجلس العام للحزب الحاكم، أندريه تورتشاك، للصحافيين، إن الحزب سيحصل على ما مجموعه 315 مقعداً في المجلس المكون من 450 عضواً، مضيفاً لأنصاره: "أهنئكم جميعاً على هذا النصر النزيه".

ويحتفظ الحزب الحاكم بذلك، بالأغلبية اللازمة لتعديل الدستور دون الحاجة إلى دعم من التشكيلات الأخرى.

وقالت "فرانس برس"، إن الاستحقاق أجري إثر حملة قمع وإقصاء لأبرز معارضي الكرملين، وأشارت قبل إعلان النتيجة إلى تقدم مرشحي "روسيا الموحدة" في 194 دائرة انتخابية ذات مقعد واحد من أصل 225، بعد فرز أكثر من 61% من الأصوات.

تنديد أوروبي

وندد الاتحاد الأوروبي الإثنين بما وصفه بمناخ الترهيب في الفترة التي سبقت الانتخابات التشريعية في روسيا وانتقد غياب مراقبين مستقلين للانتخابات.

وقال المتحدث باسم مسؤول الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي بيتر ستانو: "ما رأيناه في الفترة السابقة لتلك الانتخابات كان جوا من الترهيب لجميع الأصوات المنتقدة المستقلة".

فيما أعلن متحدث باسم الحكومة الألمانية، الاثنين، أن الشبهات بحصول "مخالفات ضخمة" في الانتخابات التشريعية في روسيا يجب أن "تؤخذ على محمل الجد" وأن يتم "توضيحها". 

وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن سيبرت، في مؤتمر صحافي دوري: "ثمّة اتهامات من مراقبي الانتخابات وأعضاء في المعارضة الروسية، تتحدث عن مخالفات ضخمة ويجب أخذها على محمل الجد"، معرباً عن أسفه لعدم وجود "رقابة دولية على الانتخابات" التي فاز بها حزب روسيا الموحدة الحاكم.

وقال سيبرت: "لم تصدر النتائج النهائية الرسمية بعد"، مشيراً إلى أن ألمانيا قلقة من "تراجع التنوع" السياسي في مجلس الدوما بسبب "الضغوط المتعاظمة على المعارضة والمجتمع المدني" في روسيا.

ترحيب روسي

من جهته، رحب رئيس بلدية موسكو سيرجي سوبيانين بنتيجة هذه الانتخابات "الحاسمة لمصير البلاد"، كما أوردت وكالة "فرانس برس".

ويتقدم حزب الكرملين على الشيوعيين ويبدو أنه سيحتفظ بغالبية كبيرة في مجلس الدوما، حتى لو أظهرت هذه النتائج الأولية انخفاضاً مقارنة بنتائجه عام 2016.

في الانتخابات الأخيرة عام 2016، نال حزب "روسيا الموحّدة" 54.2 % من الأصوات، فيما حصد الحزب الشيوعي 13.3 %، ويبدو الشيوعيون في طريقهم لتحقيق نتائج أفضل مقارنة بالاستحقاق الماضي.

"تصويت ذكي"

ويهدف الاقتراع إلى انتخاب 450 نائباً في مجلس الدوما، أحد مجلسي البرلمان الروسي، الذي يسيطر عليه حالياً حزب "روسيا الموحّدة". وتُجرى أيضاً انتخابات محلية وإقليمية.

واستُبعد أبرز معارضي الكرملين من الاستحقاق الحالي. ودعا مناصرو المعارض المسجون أليكسي نافالني إلى التصويت لصالح المرشحين الأكثر قدرة على إلحاق هزيمة بـ"روسيا الموحّدة"، وهؤلاء هم غالباً شيوعيون.

ونظراً إلى عدم السماح لأي شخص مناهض للكرملين تقريباً بالترشح للانتخابات، أسّس أنصار زعيم المعارضة أليكسي نافالني استراتيجية أطلقوا عليها تسمية "التصويت الذكي" لدعم مرشحين هم في الغالب من الشيوعيين، ويُعتبرون الأوفر حظاً لمقارعة مرشحي الحزب الحاكم "روسيا الموحدة".

وسبق أن حققت هذه المقاربة نتائج جيدة نسبياً، خصوصاً في موسكو عام 2019.

وعبر قناة "يوتيوب نافالني لايف"، قالت ليوبوف سوبول المقرّبة من المعارض الروسي، إن نتائج الحزب الشيوعي، في حال تأكدت، تعد نجاحاً. وأشارت إلى أن "الهدف من التصويت الذكي كان كسر احتكار حزب روسيا الموحّدة، وهذا ما حصل".

واعتباراً من الجمعة، وعلى مدى ثلاثة أيام، نُظّم الاقتراع الذي شمل الانتخابات التشريعية وعدداً من الاستحقاقات الإقليمية والمحلية.

ضغوط غير مسبوقة

وللتصدي لخطة المعارضين، مارست السلطات الروسية ضغوطاً غير مسبوقة في الأسابيع الماضية على الشركات الرقمية التي تنشر توصيات المعارضة ونجحت في إخضاع "جوجل" و"آبل" لإرادتها.

فوافقت هاتان الشركتان على أن تحذفا من متجريهما للتطبيقات على الهواتف المحمولة تطبيق "التصويت الذكي" التابع لنافالني. واتهم أنصار نافالني الشركتين الأميركيتين بأنهما "استسلمتا لابتزاز الكرملين".

وعرقلت شركة جوجل أيضاً في روسيا الوصول إلى محتويات أخرى تتضمن هذه التوصيات الانتخابية، من بينها مقطعا فيديو نُشرا على منصة يوتيوب التي تملكها جوجل، ولائحتان منشورتان على خدمة "جوجل دوكس" للتحكم بالنصوص.

وردّ فريق نافالني بأن نشر على موقع تويتر تعليمات لتحميل شبكة افتراضية خاصة "في بي إن" للالتفاف على الرقابة المفروضة.

وكانت مصادر مقرّبة من آبل وجوجل أفادت وكالة "فرانس برس" بأن الشركتين اتخذتا قرارهما بعد تهديدات تلقتاها من السلطات الروسية، وخصوصاً توقيف موظفيهما في روسيا.

كذلك حذف تطبيق تلجرام الذي يلقى رواجاً في روسيا توجيهات المعارضة الروسية.

وأغلق آخر مركز اقتراع عند الساعة (18:00 بتوقيت جرينتش) في كاليننجراد، وقدّرت نسبة المشاركة بـ45.15% عند الساعة (15:00 بتوقيت جرينتش).

وأشار مراقبون مستقلّون ومعارضون إلى مخالفات كبيرة شابت الاستحقاق الذي شمل الاقتراع الإلكتروني.

نظام انتخابي "شفاف"

وبحسب منظمة "جولوس" غير الحكومية المتخصصة في مراقبة الانتخابات، أُحصيت أكثر من 3850 مخالفة محتملة منذ بدء الاقتراع حتى صباح الأحد، من بينها ضغوط للاقتراع.

ونفت رئيسة اللجنة الانتخابية إيلا بامفيلوفا صحة هذه المعلومات، مشددة على أن المخالفات كانت "أقل بكثير" مما كان يسجّل في السابق لأن النظام الانتخابي الروسي أصبح "شفافاً للغاية".

وفي ظل غياب منافسة فعلية، وعلى الرغم من تصدّره الانتخابات، لا تزال شعبية حزب "روسيا الموحّدة" أدنى من 30%، بحسب استطلاع للرأي أجراه مركز حكومي.

وغالباً ما تكشف حركة نافالني تورّط الحزب الحاكم في عمليات فساد. وانعكس تراجع مستوى المعيشة في السنوات الأخيرة تراجعاً في شعبية الحزب الحاكم فاقمته جائحة فيروس كورونا وتداعياتها.

إن اتهامات الفساد لا تشكّل تهديداً لشعبية بوتين (68 عاماً)، إذ لا تزال شخصيته تحظى بشعبية لدى كثير من الروس الذين ينسبون إليه فضل التصدي للغرب واستعادة الكبرياء الوطني.

اقرأ أيضاً: