
كشف رئيس الوزراء الياباني الجديد فوميو كيشيدا، الاثنين، تشكيلته الحكومية التي مزجت بين شخصيات جديدة وأخرى من الحرس القديم، بعدما صوّت النواب لصالح توليه مقاليد حكم ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم.
وفاز كيشيدا سليل عائلة هيروشيما المعروفة في عالم السياسة على تارو كونو الذي كان مسؤولاً عن حملة التطعيم في البلاد، كزعيم للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاكم، الأسبوع الماضي.
وفاز بسهولة في التصويت، الاثنين، في مجلس النواب الذي يهيمن عليه الحزب الليبرالي الديمقراطي.
وانحنى كيشيدا أمام النواب بعد التصويت، ولكنه لم يُدلِ بتصريحات فوراً، إلا أنه سبق أن أكد للصحافيين أنه مستعد لتولّي المنصب. وقال: "أعتقد أنها ستكون بداية جديدة بالمعنى الحقيقي للكلمة. أريد أن أتعامل مع التحديات بعزيمة قوية وعزم ثابت لمواجهة المستقبل".
ويرى كثر في كيشيدا خياراً آمناً، إذ يحظى بدعم من فصيله ضمن الحزب الحاكم، ولا يتوقع أن يبتعد كثيراً عن سياسات الحكومة الحالية.
وجاء انتخابه بعدما أعلن رئيس الوزراء الأسبق يوشيهيدي سوجا، الذي قدّم استقالته صباح الاثنين، أنه لن يترشّح لزعامة الحزب الليبرالي الديمقراطي، بعد تمضيته عاماً في السلطة.
وبعد وقت قصير من جلسة التصويت، كشف كيشيدا تشكيلته الوزارية التي شملت أكثر من عشرة وجوه جديدة، رغم إبقاء الحقائب الأهم في أيدي وزراء الحكومة السابقة ذاتهم.
وسيحافظ وزيرا الخارجية توشيميتسو موتيغي والدفاع نوبيو كيشي على منصبيهما.
يذكر أن موتيغي سياسي مخضرم درس في هارفارد، وقاد مفاوضات أدت إلى إبرام اتفاقات تجارية رئيسية، أما كيشي فشقيق رئيس الوزراء السابق شينزو آبي.
وجوه جديدة
وزارة المال سيتولاها شونيتشي سوزوكي الذي سيحل مكان صهره تارو آسو.
ويعد سوزوكي (68 عاماً) سياسياً مخضرماً أيضاً، ونجل رئيس وزراء سابق. وسبق أن تقلّد مناصب حكومية، إذ كان وزير الأولمبياد ووزير البيئة.
وتضم الحكومة ثلاث نساء من بينهن سايكو نودا، منافسة كيشيدا سابقاً على قيادة الحزب، والتي أصبحت الوزيرة المعنية بالتعامل مع مسألة تراجع معدل الولادات في اليابان.
كما تولّت امرأتان منصبي وزير التطعيم ووزير القطاع الرقمي.
وكافأ كيشيدا أولئك الذين ساندوه في المعركة للوصول إلى المنصب، بمن فيهم منافِسته السابقة ساناي تاكايتشي التي دعمته في الجولة الثانية من الانتخابات في وجه كونو. وتم تعيينها مسؤولة عن سياسات الحزب الحاكم.
أما كونو فبات رئيس الاتصالات في الحزب، ما يعد خطوة إلى الوراء بالنسبة إليه، بعدما كان مسؤولاً عن إطلاق اللقاحات، وتولى في الماضي منصبي الخارجية والدفاع.
تحديات وشيكة
ويواجه رئيس الوزراء الجديد سلسلة تحديات تبدأ من إدارة التعافي الاقتصادي بعد كوفيد إلى مواجهة التهديدات العسكرية من الصين وكوريا الشمالية.
كما سيقود حزبه في الانتخابات العامة التي ذكرت وسائل إعلام محلية، الاثنين، أنه يتوقع أن تنظم في 31 أكتوبر، أي قبل موعدها المرتقب ببضعة أسابيع.
ويتوقع كثيرون أن يحافظ الحزب الحاكم وائتلافه على السلطة،ولكنه قد يخسر بعض المقاعد نتيجة عدم الرضا الشعبي عن استجابة الحكومة لفيروس كورونا.
وتراجعت نسب التأييد لحكومة سوجا فيما كانت تحاول التعامل مع موجات إصابات بالفيروس، بما في ذلك ارتفاع قياسي في عدد الإصابات خلال الصيف عندما نظّمت دورة الألعاب الأولمبية.
وشددت حملة كيشيدا الانتخابية على خططه لتصحيح أخطاء الحكومة في ما يتعلق بالوباء، بما في ذلك تعهّده إطلاق خطة لتحفيز الاقتصاد.
ومعظم مناطق اليابان شهدت إجراءات طارئة لمواجهة الفيروس معظم العام، لتُرفع القيود أخيراً الأسبوع الماضي مع تراجع عدد الإصابات الجديدة.
وبات 60 % من السكان حالياً ملقّحين، لكن تسري مخاوف من احتمال ضغط موجة إصابات جديدة على المنظومة الصحية للبلاد.
وسيواجه أيضاً تحديات وشيكة وحاسمة، بما في ذلك معالجة الوضع الاقتصادي، وضمان تحالف قوي مع الولايات المتحدة، في ظل أخطار أمنية إقليمية متزايدة، ولا سيما من الصين وكوريا الشمالية.
وسيقود كيشيدا ثالث أضخم اقتصاد في العالم، وتعهد في وقت سابق بإنفاق عشرات التريليونات، وبالنأي عن السياسات الاقتصادية "الليبرالية الجديدة"، في محاولة لدعم الطبقة الوسطى، وفق "بلومبرغ".
وذكرت وكالة "أسوشيتد برس" أن كيشيدا يدعو إلى النمو وتوزيع الثروة في ظل "رأسمالية جديدة" لتضييق الهوّة في الدخل بين الأغنياء والفقراء، والتي تفاقمت نتيجة كورونا، كما يتعهد بتعزيز تكنولوجيا الطاقة النظيفة.
ويعتبر كيشيدا أن السياسات الاقتصادية التي انتهجها رئيس الوزراء السابق، شينزو آبي، لم تُفِد سوى الشركات الكبرى.
كذلك على رئيس الوزراء الجديد التعامل مع ملف العلاقات المتوترة مع الصين، أبرز شريك تجاري لليابان، من دون إبعاد طوكيو عن واشنطن، حليفها العسكري الوحيد.
محيط خطر
ولفتت "أسوشيتد برس" إلى أن كيشيدا سيتعامل مع "محيط خطر وعلاقات حاسمة مع حليف يركّز على الداخل، واشنطن، ومواجهة أمنية متوترة مع الصين الأكثر جرأة وحليفتها كوريا الشمالية".
وأشارت إلى أن كيشيدا اقترح، خلال حملته الانتخابية، زيادة الإنفاق الدفاعي لليابان، ربما أعلى من السقف المحدد منذ فترة طويلة بـ 1% من الناتج المحلي الإجمالي. وقال: "البيئة الأمنية المحيطة ببلدنا باتت قاسية بشكل متزايد".
واعتبر أن على خفر السواحل الياباني أن يعملوا بشكل وثيق مع بحرية الجيش المعروف باسم "قوات الدفاع الذاتي"، خاصة في الدفاع عن جزر تديرها طوكيو في بحر الصين الشرقي، وتزعم بكين سيادتها عليها.
وتعهد كيشيدا بمواجهة الصين "بحزم" في ملفات مهمة، مثل الأمن في مضيق تايوان وقمع بكين للمعارضة في هونج كونج. واستدرك بوجوب أن تواصل طوكيو "الحوار مع الصين"، علماً أن اليابان عضو في مجموعة "الرباعية" (كواد)، التي تضمّ أيضاً الولايات المتحدة والهند وأستراليا، وتُعد تجمّعاً منافساً للصين.
ونقلت "رويترز" عن كيشيدا قوله هذا الشهر: "من أجل حماية القيم العالمية، مثل الحرية والديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان، علينا أن نقول بحزم ما يجب قوله في مواجهة توسّع الأنظمة الاستبدادية مثل الصين، بينما نتعاون مع الدول التي تشترك في هذه القيم".
وأضافت أنه يؤيّد تمرير قرار برلماني يدين معاملة الصين لمسلمي أقلية الإيغور، ويريد تعيين مساعد لرئيس الوزراء لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان الخاصة بهم. وتابعت أن كيشيدا يرى في امتلاك القدرة على ضرب قواعد العدو خياراً قابلاً للتطبيق، في وقت تحدّث كوريا الشمالية برنامجيها النووي والصاروخي.