فتحت مراكز الاقتراع أبوابها أمام العراقيين صباح الأحد، للمشاركة في انتخابات نيابية مبكرة، وسط حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، واحتجاجات شعبية تشهدها البلاد بشكل متفرق منذ عامين.
وأدلى رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بصوته في الانتخابات بأحد مراكز الاقتراع بالعاصمة بغداد. كما صوّت رئيس إقليم كردستان نيجرفان برزاني في أربيل.
وعقب إدلائه بصوته حث الكاظمي العراقيين على المشاركة بكثافة في الانتخابات، قائلاً في تصريحات للصحافيين من أمام أحد مراكز الاقتراع ببغداد: "هذه فرصتكم لتغيير واقعكم عبر الانتخابات التشريعية".
وأضاف أن حكومته نجحت في إنجاز الانتخابات المبكرة، مشيراً إلى أن فرصة العراق في الإصلاح والانتقال لمصافّ الدول المتقدمة لا تزال قائمة.
وأشار رئيس وزراء العراق إلى أنه سيعلن الاثنين عن "إنجاز أمني كبير"، دون الكشف عن المزيد من التفاصيل.
وفي وقت لاحق الأحد، أدلى الرئيس العراقي برهم صالح بصوته في الانتخابات بأحد مراكز الاقتراع بالمنطقة الخضراء في العاصمة بغداد.
وقال صالح للصحافيين، عقب إدلائه بصوته، إن "اليوم هو يوم المواطن هو من سيقرر وغداً سنتعرف على النتائج ونستمع لقرار الوطن".
وأضاف في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن "انتخابات تشرين المبكرة، يوم تاريخي ومطلب شعبي للانطلاق نحو حياة كريمة"، معرباً عن أمله في أن "يسهم كل مواطن في الانتخابات لمستقبل بلده".
وتابع صالح: "وعدنا بالانتخابات المبكرة ووفينا بذلك، فالعراق يستحق الأفضل".
وتجري الانتخابات، التي اعتبرها الكاظمي "فرصة تاريخية للتغيير"، وفق قانون انتخابي جديد، على أساس التصويت الأحادي مع رفع عدد الدوائر إلى 83، لتشجيع المستقلين والمرشحين المحليين على الوصول إلى البرلمان البالغ عدد أعضائه 329.
ويمثل المرشحون في الانتخابات 21 تحالفاً سياسياً و109 أحزاب، ويبلغ عددهم 3 آلاف و249 مرشحاً، منهم 959 قدمتهم التحالفات، فيما رشَّحت الأحزاب التي دخلت منفردة 1501 مرشح، ووصل عدد المرشحين المستقلين إلى 789.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يكون التيار الصدري، وهو الجماعة السياسية التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر، أكبر جناح في البرلمان.
علماً بأن تحالف "سائرون" بقيادة الصدر شغل 54 مقعداً في انتخابات عام 2018، ما منح الصدر نفوذاً حاسماً في تشكيل الحكومة.
ووفقاً لوكالة "رويترز"، يخوض التيار الصدري الانتخابات ببرنامج وطني سعياً لفصل نفسه عن الجماعات الشيعية التي تساندها إيران.
ويعد "تحالف الفتح" بقيادة هادي العامري أكبر تجمع للأحزاب المتحالفة مع إيران والذي يقوده زعماء فصائل مسلحة، وجاءت كتلته بالمرتبة الثانية في انتخابات عام 2018 وشغلت 48 مقعداً.
كما تخوض بعض الأحزاب المتحالفة مع إيران الانتخابات خارج مظلَّة "تحالف الفتح"، ومن بينها حركة "حقوق"، التي تشكلت حديثاً عن أقوى فصيل موالٍ لإيران، وهو "كتائب حزب الله".
ويشارك في الانتخابات بتحالف موحد رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي وتيار "الحكمة الوطني" بقيادة رجل الدين الشيعي عمار الحكيم، اللذين وحدا صفوفهما، وأسَّسا "تحالف قوى الدولة الوطنية".
ويرأس نوري المالكي رئيس الوزراء السابق، القيادي البارز في واحد من أقدم أحزاب العراق وهو "حزب الدعوة الإسلامية"، ائتلاف "دولة القانون" الذي شغل 25 مقعداً بالبرلمان في انتخابات عام 2018.
ويقود رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي تحالف "تقدم" الذي يضم عدداً من الزعماء السنة من الشمال والغرب حيث الأغلبية السنية.
ويشارك في الانتخابات أيضاً الحزبان الكرديان الرئيسيان، وهما "الحزب الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني".
ومن المتوقع أن يحتفظ الحزبان بنصيب الأسد من أصوات الأكراد تليهما أحزاب أصغر. وشغلت الأحزاب الكردية مجتمعة 58 مقعداً في انتخابات عام 2018.
وفيما يدعو نشطاء إلى مقاطعة الانتخابات، شكل آخرون أحزاباً أو انضموا إلى ائتلافات معتدلة، مثل تحالف العبادي والحكيم.
وتعدُّ حركة "امتداد" أحد الأحزاب القليلة التي شكلها نشطاء وتقدَّمت بمرشحين، ويرأسها الصيدلاني علاء الركابي، وهو من أبناء مدينة الناصرية في الجنوب التي شهدت هجمات ضد المتظاهرين في عام 2019.
حجم المشاركة
وعلى الرغم من وجود 25 مليون ناخب عراقي، فإن مراقبين يتوقعون أن تكون نسبة المشاركة ضئيلة في العملية الانتخابية التي كان موعدها الطبيعي في 2022، واعتبر تحديد موعد لها أحد تنازلات حكومة مصطفى الكاظمي، لامتصاص الغضب الشعبي.
انتشار أمني
وتمَّ نشر أكثر من 250 ألف عنصر أمن يوم الاقتراع. ففي بلد تملك أحزابه عدة فصائل مسلحة، توجد مخاوف من احتمال حصول عنف انتخابي في حال لم تتوافق النتائج مع طموحات الأطراف المشاركة.
وبدأ الانتشار الأمني منذ الجمعة، يوم التصويت الخاص بالقوات الأمنية والنازحين والمساجين، إذ تم نشر عدد كبير من القوات الأمنية في محيط مراكز الاقتراع بالعاصمة بغداد.
اختيار رئيس الوزراء
وتبقى المفاوضات التي ستلي إعلان النتائج من أجل اختيار رئيس للوزراء، أبرز التحديات، في البرلمان.
وينبغي على القوى الأساسية وضع خلافاتها على ملفات عدة، من الوجود الأميركي إلى نفوذ الجارة إيران، جانباً، للتفاوض على اسم جديد لرئاسة الحكومة، في عملية قد تتطلب أشهراً. وقد تمَّ اختيار الكاظمي بعد 5 أشهر من المفاوضات.
فرز يدوي وإلكتروني
وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، السبت، عن تطابق نتائج العد والفرز اليدوي مع الإلكتروني بشأن الاقتراع الخاص، بحسب وكالة الأنباء العراقية.
وقالت الناطقة باسم المفوضية، جمانة الغلاي، للوكالة إنه "بعد انتهاء عملية الاقتراع للتصويت الخاص الجمعة، وظهور نتائج التقرير الإلكتروني التي وزعت على الوكلاء والتي نشرت بالمراكز، فتحت المحطة التي اختيرت بالقرعة اليدوية لغرض عدها وفرزها يدوياً".
وأضافت أن "نتائج العد والفرز الإلكتروني في المحطات التي تم اختيارها جاءت متطابقة مع التقارير التي خرجت من أجهزة تسريع النتائج بنسبة 100%".
وكان رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي شدد الجمعة على "ضرورة أن تكون الانتخابات العراقية شفافة ونزيهة، هدفنا تحقيق إرادة الناخبين وأشرف شخصياً على تأمين الانتخابات". وتابع: "لن نتسامح مع أي خرق للعملية الانتخابية".
اقرأ أيضاً: