
بعدما كشفت وكالة "بلومبرغ"، الأربعاء، نقلاً عن مصادر مطلعة أن إيران طلبت من السعودية "إعادة فتح القنصليات وإقامة العلاقات الدبلوماسية كتمهيد لإنهاء الحرب في اليمن"، قال محمد السلمي، رئيس "المعهد الدولي للدراسات الإيرانية" بالمملكة العربية السعودية لـ"الشرق"، إن المحادثات بين السعودية وإيران ما زالت في "مرحلة مبكرة، حتى إن وصلت إلى المرحلة الرابعة من الحوار"، لافتاً إلى أن "بناء الثقة الدبلوماسية وتطبيع العلاقات يحتاج إلى الكثير من العمل".
وأوضح السلمي في حديث لـ"الشرق"، الأربعاء، أن المحادثات "لا تزال في الإطار الأمني، ولم تنتقل إلى البعد الدبلوماسي وإلى بناء الثقة للبدء في مفاوضات".
"العمل على الأرض"
واعتبر محمد السلمي أنه "ما زال مبكراً الحكم" على الاتصالات بين البلدين، وعلى إمكان حدوث اختراق في نقاط الجدل والخلاف بين الدولتين.
وأشار إلى أن "القضية ليست سهلة والخلافات كبيرة جداً والصدع واسع، وبالتالي بناء الثقة يحتاج إلى الكثير من العمل على الأرض، بعيداً عن التصريحات والحوار من أجل الحوار".
ولفت السلمي إلى ضرورة "فهم أن مثل هذه اللقاءات تأتي في مرحلة، مهمة سواء في ما يتعلق بالتطورات الإقليمية، أو الداخل الإيراني، أو الساحة الدولية".
وشدد على أن "هذا الحوار جاء لأهداف أخرى ليس من بينها العلاقات الثنائية أو التطورات الإقليمية أو الملفات العالقة بين البلدين"، لافتاً إلى "أهمية بناء الثقة في هذا الإطار".
ملف اليمن
ورداً على سؤال بشأن ملف اليمن الذي تضعه السعودية كأولوية، قبل استئناف العلاقات الدبلوماسية، قال السلمي إن "الملف اليمني هو أحد ركائز الخلاف مع إيران، لأن الجماعات الحوثية في اليمن تضرب السعودية والمواقع المدنية والمطارات ومناطق سكنية بصواريخ ومسيّرات إيرانية".
وأشار إلى أن "المملكة تقول لإيران، إذا كان هناك جدية في المباحثات، فعليها أن تتوقف عن دعم الجماعات التي تهدد الأمن السعودي والخليجي بشكل عام".
وأعرب عن اعتقاده بأن "اشتراط فتح القنصليات والسفارات قبل حل الخلاف أمر بعيد عن الواقع، لأن الصواريخ والمسيّرات ما زالت تستهدف السعودية؛ وبالتالي، فإن من غير الطبيعي أن تقوم المملكة بإعادة تطبيع العلاقات مع إيران".
ومضى قائلاً: "إذا أرادت إيران أن تقدم حلولاً في المنطقة، عليها أن تتوقف عن دعم الحوثيين، ويجب أن ينخرط الحوثيون في منظومة مجتمعية يمنية ومكوّنات سياسية يمنية، ولكن ليس على نمط دولة داخل دولة، كما يحدث في لبنان ونموذج حزب الله".
"محادثات إيجابية"
في المقابل أشاد محمد صالح صدقيان، مدير "المركز العربي للدراسات الإيرانية" بمصطلح "استكشافية"، الذي استخدمه وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لتوصيف المباحثات، مؤكداً "دقته إلى حد بعيد".
وأعرب عن اعتقاده بأن المحادثات "إيجابية" وتمضي إلى الأمام، لأنها استمرت أربع جولات، لافتاً إلى أنها لو وصلت إلى "طريق مسدود"، ما حدثت جولة ثانية وثالثة ورابعة.
ورأى صدقيان أن الجولة الرابعة من المحادثات أفضت إلى نتائج، لافتاً إلى أن "الأحاديث عن إمكانية فتح قنصلية في إيران وقنصلية في السعودية، جاءت نتيجة جولة رابعة إيجابية من المحادثات"، إلا أنه لم ينفِ "وجود تباين في وجهات النظر أو تعريف الأمن القومي الإقليمي بين الجانبين"، معتبراً أن "هذا شيء طبيعي جداً".
وأشار إلى أن الجانبين "عرضا على الطاولة وجهات النظر المتبادلة وطرحا مواقفهما بشكل واضح وشفاف، من دون التطرّق إلى ضمانات أو بحث ملفات معينة".
ورداً على سؤال بشأن دعم إيران لجماعة مسلحة في اليمن تطلق صواريخ باتجاه السعودية وتهدد أمنها، قال صدقيان إن "إيران تدعم الجماعة سياسياً فقط".
ولفت إلى أن "إيران عرضت مبادرة من 4 نقاط، تشمل القبول بوقف إطلاق النار من الجانبين، ورفع الحصار الاقتصادي عن كل المناطق اليمينة، ودفع اليمنيين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات، من أجل إيجاد مصالح يمنية يمنية، وبعد هذا الحوار تكون النقطة الرابعة، ويشمل ذلك تشكيل الحكومة وقانون الانتخابات والدستور".
ممثليات دبلوماسية
في وقت سابق، الأربعاء، نقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصادر مطلعة أن إيران طلبت من المملكة العربية السعودية "إعادة فتح القنصليات وإقامة العلاقات الدبلوماسية كتمهيد لإنهاء الحرب في اليمن، ولكن التوقيت يمثل نقطة الخلاف الرئيسية في المحادثات التي تُجرى بين الخصمين الإقليميين بوساطة عراقية".
وفي الوقت الذي تسعى فيه القوى الدولية لمتابعة مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، أجرى الطرفان بهدوء أربع جولات من المحادثات بهدف تخفيف التوتر القائم منذ سنوات. وكان التركيز على اليمن، حيث يدعم البلدان طرفين متنافسين.
وجرت الجولة الأخيرة من المحادثات السعودية الإيرانية في 21 سبتمبر الماضي، ومن المتوقع عقد جولة جديدة قريباً.
اقرأ أيضاً: