أثار انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان مخاوف دولية من إمكانية عودة الجماعات الإرهابية إلى نشاطها في المنطقة، ما دعا مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاجون" إلى التحذير من إمكانية تنفيذ تنظيمي "داعش خراسان" الأفغاني و"القاعدة" هجوماً "خلال 6 أشهر" على بلاده.
وشهدت أفغانستان منذ تولي حركة طالبان السلطة في أغسطس الماضي، أكثر من 30 هجمة تبناها تنظيم "داعش خراسان"، والذي من الممكن أن يقوض ثقة الأفغان والدول الإقليمية في طالبان، ويهدد سيطرتها على البلاد.
وبدأت حركة "داعش خراسان" نشاطها، بعد وقت قصير من إعلان تنظيم داعش "الخلافة" في العراق وسوريا عام 2014، إذ أعلن أعضاء سابقون في حركة طالبان باكستان ولاءهم لزعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، وانضم إليهم لاحقاً أفغان محبطون ومنشقون عن طالبان.
وفي أوائل عام 2015 اعترف تنظيم داعش بتأسيس "ولاية" في "خراسان"، وهو الاسم القديم الذي يطلق على منطقة تضم أجزاء من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى.
وأسس التنظيم عام 2015 بمنطقة اشين الجبلية في مقاطعة ننجارهار شرقي أفغانستان، وكذلك في منطقة كونار المجاورة.
وفي كل المناطق الأخرى اشتبك التنظيم مع طالبان، على الرغم من أنه تمكن من تشكيل خلايا نائمة في أماكن أخرى بأفغانستان، خصوصاً في العاصمة كابول، وباكستان المجاورة، وفقاً لتقرير للأمم المتحدة.
كم يبلغ عدد مقاتلي "داعش خراسان"؟
وتفيد أحدث التقديرات بأن أعداد مقاتلي التنظيم تتراوح بين 1500 وألفي مقاتل، والذي اعتقل جزء كبير منهم واحتجزوا في العاصمة كابول، قبل أن تطلق طالبان سراحهم، بحسب شبكة "سي إن إن" الأميركية.
وتوقع مسؤولون عسكريون أميركيون أن تنظيم "داعش خرسان" لديه ما لا يقل عن "ألفي مقاتل في جميع أنحاء أفغانستان"، مشيرين إلى أن "بعض أجهزة المخابرات الأجنبية تعتقد أن العدد قد يكون أعلى".
وسبق أن أعلن تنظيم "داعش خراسان" مسؤوليته عن بعض أكثر الهجمات الدموية خلال السنوات الأخيرة في أفغانستان وباكستان، والتي أودت بحياة مدنيين في مساجد ومستشفيات وأماكن عامة.
مسؤولون أميركيون، بمن فيهم منسق مكافحة الإرهاب السابق بوزارة الخارجية، أعربوا في وقت سابق عن مخاوفهم بشأن قدرة التنظيم على تنفيذ عمليات خارجية، في حين سعت القوات الأميركية، خلال السنوات الأربع الماضية، لتنفيذ غارات جوية بطائرات مسيرة بهدف قتل كبار قادة التنظيم.
وعلى الرغم من أن داعش وطالبان مجموعتان متطرفتان ومرتبطتان بشبكة "حقاني" المصنفة جماعة إرهابية، فإنهما تختلفان من حيث العقيدة والاستراتيجية وتتنافسان على تجسيد أيدولوجيا واحدة، وكدليل على العداء الشديد بينهما، وصفت بيانات رسمية لداعش طالبان بـ"الكفار".
وانتقد "داعش خراسان" بشدة الاتفاق الذي أبرم في فبراير 2020 بالعاصمة القطرية الدوحة بين واشنطن وطالبان، والذي ينص على انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان، متهماً الحركة بالتراجع عن "القضية الجهادية"، وفقاً لـ"فرانس برس".
وبعد دخول كابول والاستيلاء على السلطة في 15 أغسطس الجاري، تلقت طالبان تهنئة من العديد من الجماعات المصنفة على قوائم الإرهاب الأميركية، لكن ليس من بينها تنظيم "داعش خراسان".
من هو قائد "داعش خراسان"؟
وتولى شهاب المهاجر زعامة تنظيم "داعش خرسان" في يونيو 2020، وذلك بعد أكثر من عام على مقتل زعيمها السابق في غارة جوية أميركية.
ويعتبر المهاجر من المقاتلين المخضرمين في أفغانستان، واسمه الحقيقي ثناء الله، ويبلغ من العمر 31 عاماً، وفقاً لبطاقة انتخابات عثرت عليها قوات الأمن الأفغانية، بحسب شبكة "سي بي إس" الأميركية.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين أفغان سابقين وضابط استخبارات سابق، أن المهاجر تدرب في باكستان على أيدي جماعتين متطرفتين مختلفتين موجودتين هناك، من بينها شبكة "حقاني"، مشيرين إلى أنه "تمكن من عقد اجتماع مع تاجمير جواد نائب المديرية العامة للمخابرات بطالبان، دون أن يدرك الأخير أنه يتحدث مع زعيم داعش خراسان".
وقال ضابط استخبارات الأفغاني آخر، إنه "منذ نحو العام أي بعد كثير من العمل المضني، تمكنت قوات الأمن الأفغانية سابقاً من تحديد مكان المهاجر، لكنه فر من القبض عليه".
وأفاد مسؤول كبير بطالبان للشبكة الأميركية، بأن "النظام الأفغاني الجديد لديه الملفات الأمنية الخاصة بالحكومة السابقة المتعلقة بالمهاجر، لكنهم لم يتعقبوه بعد".