لقي شخص حتفه وجرح العشرات في اشتباكات بين قوات الأمن العراقية والمحتجين الرافضين لنتائج الانتخابات الأولية، أمام بوابات المنطقة الخضراء شديدة التحصين في العاصمة بغداد.
وقال مصدر أمني لوكالة "فرانس برس"، إن "متظاهراً لقي حتفه"، بعدما "أصيب بالرصاص وفارق الحياة في المستشفى"، دون أن يحدد ما إذا كانت القوات الأمنية هي الجهة المطلقة للنار.
وأظهرت مشاهد فيديو نشرتها منصات عراقية، أصوات إطلاق نار قرب المنطقة الخضراء، لم تتمكن "الشرق" من التحقق من صحتها، فيما أكدت مصادر عراقية لـ"الشرق"، أن المحتجين حاصروا جميع بوابات المنطقة الخضراء حيث تتواجد البعثات الدبلوماسية، مهددين باقتحامها.
وقالت وزارة الصحة العراقية في بيان، إن مؤسساتها في بغداد استقبلت عدداً من جرحى القوات الأمنية والمتظاهرين بلغ مجموعهم 125.
وذكرت الوزارة أن 27 من المصابين مدنيين، والبقية من منسوبي القوات الأمنية، مشيرة إلى أن أغلب الإصابات بسيطة الى متوسطة.
وأوردت وكالة الأنباء العراقية "واع"، أن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وجه بإجراء تحقيق شامل في ملابسات أحداث الجمعة بمناطق مختلفة في محيط المنطقة الخضراء وتقديم نتائج التحقيق.
وأوضحت الوكالة أن الكاظمي شدد على أن "التعليمات الصارمة للقوات الأمنية في التعامل المهني مع التظاهرات سارية".
ودعا الكاظمي لـ"احترام حقوق الإنسان الأساسية وخصوصاً الحق في التظاهر والتعبير عن الرأي من الأساسيات التي التزمت بها الحكومة".
ودعا الأطراف السياسية المختلفة إلى التهدئة واللجوء إلى الحوار. كما ناشد المتظاهرين "بممارسة حقوقهم المشروعة باعتماد السلمية وتجنب العنف بأي صيغة ومستوى ووسائل".
تحذير من استصغار الدولة
وطالب زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، بعدم تحويل المظاهرات السلمية من أجل الطعون الانتخابية إلى "مظاهرات عنف واستصغار للدولة".
وأضاف الصدر في تغريدة على تويتر، أنه " لا ينبغي للدولة أن تلجأ للعنف ضد المتظاهرين السلميين، فالتظاهر السلمي حق مكفول عقلاً وشرعاً وقانوناً".
وكان مصدر أمني أفاد في تصريحات سابقة لـ"الشرق"، بأن العاصمة العراقية شهدت انتشاراً أمنياً مكثفاً، بعد دعوات أنصار الأحزاب الخاسرة في الانتخابات التشريعية، للتظاهر.
ردود فعل
وفي أول رد فعل، دعا زعيم ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، المتظاهرين إلى "عدم التصعيد"، محذراً من "تدخل أياد خبيثة وأطراف مشبوهة من أجل إشعال الفتنة وخلط الأوراق".
وقال المالكي في تغريدة على "تويتر": "أدعو المتظاهرين جميعاً المعترضين على نتائج الانتخابات والمطالبين بحقوقهم المشروعة، إلى عدم التصعيد، واتباع السياقات القانونية في التظاهر والمطالبة بشفافية الانتخابات والابتعاد عن الاحتكاك بالقوات الأمنية أو إثارتها، نحن معكم في تلبية مطالبكم المشروعة وإنصافكم".
وطالب المالكي القوات الأمنية بـ"تحمل مسؤولياتها في حماية المتظاهرين والممتلكات العامة وعدم الانجرار للمواجهة مع اخوتهم المتظاهرين"، معرباً عن إدانته "بشدة للاعتداء واستخدام العنف والقوة المفرطة من أي طرف كان، ونحذّر من تدخل أياد خبيثة وأطراف مشبوهة من أجل إشعال الفتنة وخلط الأوراق".
من جهته، دعا زعيم "قوى الدولة" عمار الحكيم، إلى "ضبط النفس وعدم الانجرار إلى ما لا يحمد عقباه".
وأضاف في بيان على حسابه في "تويتر": "نتابع بقلق بالغ الأحداث المؤسفة التي شهدتها مقتربات المنطقة الخضراء، وفيما نطالب المحتجين والقوات الأمنية بأقصى درجات ضبط النفس والحيلولة دون انجرار الأوضاع إلى ما لا يحمد عقباه، نجدد تأكيدنا على ضرورة عدم خروج الاحتجاجات الرافضة لنتائج الإنتخابات عن إطارها السلمي".
وحث حكيم جميع الأطراف على "تغليب المصلحة الوطنية العليا في هذا الظرف الحساس، كما نجدد دعوة المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمؤسسة القضائية للنظر بجدية في الطعون الواردة وإنصاف القوى المعترضة".
تظاهرات سابقة
وسبق أن احتشد المئات من أنصار ومؤيدي الكتل السياسية الخاسرة في الانتخابات البرلمانية، قرب إحدى بوابات المنطقة الخضراء في بغداد، مطالبين بإعادة العد والفرز اليدوي في جميع المراكز الانتخابية.
ورفضت قوى سياسية وفصائل في العراق من بينها تحالف "الفتح" الذي يمثل "الحشد الشعبي"، نتائج الانتخابات البرلمانية بعدما حصل فيها على 15 مقعداً، محذرة من تبعات "سلبية على المسار الديمقراطي" في البلاد، ورافضة لأي "تدخل خارجي" في كل ما يتعلق بالانتخابات.
كما اتهمت قوى "الإطار التنسيقي" الذي يضم تحالف "الفتح" بقيادة هادي العامري وائتلاف "دولة القانون" بقيادة نوري المالكي، و"قوى الدولة" بزعامة عمار الحكيم، و"ائتلاف النصر" بزعامة حيدر العبادي، المفوضية العليا المستقبل للانتخابات بـ"ممارسة دور مشبوه"، في التعاطي مع الطعون المقدمة والمعززة بالأدلة والحجة، وفق بيان صدر عن القوى الخميس.
النتائج النهائية
من جهته، قال مدير دائرة الإعلام والاتصال الجماهيري في مفوضية الانتخابات العراقية حسن سلمان لقناة "العراقية" الإخبارية، الخميس، إن "المفوضية مستمرة بالنظر في ملاحق الطعون التي أتت بموجب قرار مجلس المفوضين، وسمحت لمن لديهم أدلة بتقديمها لدعم طعونهم، وتم النظر بثلاث محافظات وجاءت مطابقة تماماً للنتائج الإلكترونية".
وأضاف أن "العدد الإجمالي لملاحق الطعون بلغ 88، وبواقع 915 محطة. وبعد إكمال الفرز سيرسل مجلس المفوضين توصية للهيئة القضائية بالمفوضية لاتخاذ القرار الذي تراه مناسباً بعد البت بالموضوع بالمصادقة أو النقض".
وأوضح سلمان أن "بعض المشتكين أكدوا أنهم يمتلكون أدلة تدعم طعونهم المقدمة سابقاً وبالتالي ارتأى مجلس المفوضين بالتوصية بعدها وفرزها بعد استقباله لملاحق الطعون"، مشدداً على أن "موضوع العد والفرز الشامل غير قانوني لأنه لم يرد بقانون الانتخابات الذي تعمل المفوضية بموجبه"، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية "واع".
وبشأن الخطوات المقبلة بعد إنهاء عملية العد والفرز، قال سلمان: "بعد انتهاء الفرز سيبدأ مجلس المفوضين بإحالة نتائج العد والطعون والتوصيات إلى الهيئة القضائية للانتخابات وأعتقد أن الموضوع سيتم بداية الأسبوع المقبل".
وقال عضو الفريق الإعلامي لمفوضية الانتخابات عماد جميل محسن، لوكالة الأنباء العراقية إن "الإعلان عن النتائج النهائية سيكون بعد إكمال عملية البت بالطعون وخلال مدة أقصاها 10 أيام".
النتائج الأولية
وكان التيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر، أعلن تصدره نتائج الانتخابات العراقية بـ73 مقعداً في البرلمان الجديد، من بين إجمالي 329 مقعداً في البرلمان، مقابل 54 في عام 2018، وفق تعداد لعدد المرشحين الفائزين والنتائج الأولية للمفوضية العليا للانتخابات.
وبحسب النتائج الأولية، حصدت كتلة "تقدم" السنية برئاسة محمد الحلبوسي، رئيس البرلمان الحالي، المركز الثاني بواقع نحو 38 مقعداً، تليها كتلة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي "ائتلاف دولة القانون" في المركز الثالث، والتي حصدت 37 مقعداً.