
شكّل المجلس الوزاري للأمن الوطني في العراق، الأحد، لجنة عليا للتحقيق في محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعد هجوم بطائرات مسيّرة مفخخة استهدفت مقر إقامته، فجر الأحد.
وذكر مصدر أمني رفيع لوكالة الأنباء العراقية (واع) أن "اللجنة العليا التي شكلها المجلس الوزاري سيترأسها مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي وعضوية وكيل شؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية الفريق أحمد ابو رغيف".
وأضاف أن "اللجنة تضم أيضاً في عضويتها رئيس أركان الجيش الفريق أول ركن عبد الأمير يارالله ونائب قائد العمليات المشتركة الفريق الركن عبد الأمير الشمري ورؤساء أجهزة المخابرات ومكافحة الإرهاب والأمن الوطني، للتحقيق بمحاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها الكاظمي".
وترأس الكاظمي، اجتماعاً مع كبار قادة الأمن في البلاد، لبحث محاولة اغتياله، وظهر في مقطع مصور نشره مكتبه الأحد، وهو يرأس الاجتماع، وذكر مكتبه أن "الاعتداء الإرهابي الجبان الذي استهدف منزل رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بهدف اغتياله، يعد استهدافاً خطيراً للدولة العراقية".
تفاصيل العملية
وكانت وزارة الداخلية العراقية، قالت إن محاولة الاغتيال التي طاولت رئيس الوزراء، نُفذت بثلاث طائرات مسيرة، في خطوة لاقت إدانات عربية ودولية واسعة.
وأوضح مدير إعلام وزارة الداخلية اللواء سعد معن في تصريح لوكالة الأنباء العراقية "واع"، أن استهداف رئيس الوزراء "عمل إرهابي مرفوض جملة وتفصيلاً"، مضيفاً أن محاولة الاغتيال "تمت من خلال 3 مسيّرات".
وبيّن معن أن "أصوات إطلاق النار التي سُمعت سابقاً كانت بهدف إسقاط الطائرات، وبالفعل تم إسقاط طائرتين"، لافتاً إلى أن "الطائرة الثالثة هاجمت منزل الكاظمي، لكنه لم يصب بأذى، إلا أن هناك بعض الإصابات للموجودين في منزله، وهم يتلقون العلاج".
وأشار معن إلى "فتح تحقيقات واسعة النطاق، وتكليف فرق عمل كاملة لتسخير جميع الموارد والجهود للوصول إلى الجناة، من خلال متابعة وتحديد مناطق انطلاق المسيّرات، فضلاً عن الآلية المستخدمة في الهجوم".
وقال مصدران أمنيان عراقيان لـ"فرانس برس"إن "قوات حماية رئيس الوزراء الأمنية أسقطت طائرتين مفخختين، فيما انفجرت الثالثة، وألحقت أضراراً بمنزله".
وأفاد مصدر أمني آخر بأن "الطائرات الثلاث انطلقت من جهة نهر دجلة قرب جسر الجمهورية، المقابل للمنطقة الخضراء المحصنة، حيث يقع منزل الكاظمي ومقرات حكومية وسفارات غربية، لا سيما السفارة الأميركية".
بطاريات معطلة ومقذوفات لم تنفجر
وأضاف أن بطاريات "سي رام" الدفاعية الأميركية "لم تفعّل"، موضحاً أن "السبب في ذلك يعود إلى بعد المسافة بين المنزل وبين السفارة الأميركية، فالمنظومة مخصصة للعمل على حماية السفارة الأميركية والمباني المحيطة بها من ضمنها قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي".
وأدّى الهجوم إلى إصابة اثنين من حرس الكاظمي الشخصي بجروح طفيفة، وفق مصدر أمني آخر.
وعثرت قوات الأمن في العراق، على مقذوفات لم تنفجر أعلى سطح منزل رئيس الوزراء، من بقايا محاولة اغتياله، حسب ما ذكرت وكالة الأنباء العراقية "واع".
يُشار إلى أن تلك الهجمات بالطائرات المُسيّرة تكررت في الأشهر الأخيرة، إذ تستهدف خصوصاً القوات والمصالح الأميركية في العراق ولا تتبناها أي جهة، لكن تنسبها واشنطن عادة إلى فصائل عراقية موالية لإيران تطالب بالانسحاب الكامل للقوات الأميركية من العراق.
كتائب حزب الله تنفي
ونفى مسؤول في كتائب حزب الله العراقية، المدعومة من إيران، اتهامات بالمسؤولية عن الهجوم على رئيس الوزراء الكاظمي، حسب ما أوردت "رويترز".
وكان الكاظمي طمأن الجميع بعد محاولة الاغتيال، قائلاً إنه "بخير وسط شعبه"، داعياً إلى "التهدئة وضبط النفس من الجميع، من أجل العراق"، فيما أشار إلى أن الصواريخ والطائرات المسيرة "لا تبني أوطاننا ولا مستقبلنا".
إدانات عربية ودولية وأممية
ولقيت محاولة الاغتيال الفاشلة إدانات عربية ودولية وأممية، إذ أعربت وزارة الخارجية السعودية عن إدانتها بشدة "العمل الإرهابي الجبان، الذي استهدف رئيس مجلس الوزراء العراقي".
وأكد البيان وقوف المملكة العربية السعودية "صفاً واحداً إلى جانب العراق الشقيق، حكومة وشعباً، في التصدي لجميع الإرهابيين الذين يحاولون عبثاً منع العراق من استعادة عافيته ودوره، وترسيخ أمنه واستقراره، وتعزيز رفاهه ونمائه".
كما دانت الإمارات في بيان، بشدة "الهجوم الإرهابي الذي استهدف مقر إقامة مصطفى الكاظمي". في حين قالت وزارة الخارجية الكويتية إنها "تدين وتستنكر بشدة محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي وتشدد على وقوفها وتضامنها مع العراق الشقيق".
من جانبها، دانت مصر بأشد العبارات محاولة الاغتيال التي تعرض لها مصطفى الكاظمي، إذ أكد بيان وزارة الخارجية المصرية وقوف مصر إلى جانب العراق ضد كل ما يُهدد أمنه واستقراره، أو ينال من تماسك جبهته الداخلية.
وشددت مصر على أن "تلك الأعمال الإرهابية البائسة، لن تثني العراق عن استكمال مسيرة الإنجازات الوطنية، والتي كان آخرها عقد الانتخابات البرلمانية الشهر الماضي"، في حين دعت جميع الأطراف العراقية إلى "ضبط النفس وتغليب المصلحة الوطنية بهدف الحفاظ على أمن واستقرار وسيادة العراق".
وفي بيان لها، دانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بأشد العبارات محاولة الاغتيال الإرهابية الفاشلة التي تعرض لها الكاظمي.
كما دان الرئيس اللبناني ميشال عون محاولة الاغتيال التي تعرض لها الكاظمي، قائلاً إنها "تستهدف ليس شخصه فقط، بل كذلك الاستقرار والأمن في العراق".
وأضاف في تصريحات نشرتها الرئاسة اللبنانية عبر حسابها في تويتر، أن المحاولة تستهدف أيضاً "الجهود المبذولة في سبيل تعزيز الوحدة الوطنية العراقية".
دعم أميركي وبريطاني
من جانبها، دانت الولايات المتحدة الأميركية محاولة الاغتيال التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي، في حين أبدت استعدادها لتقديم دعم في عملية التحقيق.
وجاء في بيان أوردته وزارة الخارجية الأميركية على لسان الناطق باسمها نيد برايس: "نتابع ما تردد عن هجوم بطائرة بدون طيار استهدف مقر إقامة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، ونشعر بالارتياح لأنه لم يصب بأذى".
وقالت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس، الأحد، إن بلادها تدين الهجوم على رئيس الوزراء العراقي وتساند دعوته إلى الهدوء وضبط
النفس.
وقالت تروس في بيان نُشر على "تويتر": "ندين الهجوم على الكاظمي... نقف إلى جانب الحكومة العراقية وقوات الأمن والشعب العراقي في رفضهم للعنف السياسي وندعم بقوة دعوة رئيس الوزراء الى الهدوء وضبط النفس".
ودان الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرج محاولة اغتيال الكاظمي، مشيراً على "تويتر" إلى دعمه لمؤسسات العراق الأمنية والعسكرية.
فيما دان الاتحاد الأوروبي، محاولة اغتيال مصطفى الكاظمي، ودعا لمحاسبة مرتكبيها. وشدد البيان الذي صدر عن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد على أن أي عنف غير مقبول ويجب ألا يُسمح له بتقويض العملية الديمقراطية.
وأشار إلى أن الهدوء وضبط النفس والحوار أشياء أساسية في فترة ما بعد الانتخابات، داعياً إلى "انخراط جميع الأطراف في الحوار السياسي والتعاون لمواجهة التحديات التي يواجهها العراق، لصالح البلد والشعب العراقي".
إيران تدعو إلى "اليقظة"
ودانت إيران الهجوم الذي استهدف الكاظمي في بغداد ودعت إلى "اليقظة لإحباط المؤامرات الأمنية" في البلد المجاور.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده في بيان نقلته وكالة الأنباء الرسمية "إرنا": "ندين استهداف رئيس الوزراء العراقي.. ونؤكد موقفنا الثابت بدعم الأمن والاستقرار في العراق".
وأضاف: "أدعو الجميع الى التحلي باليقظة لمواجهة المؤامرات الرامية لاستهداف أمن العراق وتنميته"، مشيراً إلى أن "عملية الاغتيال تصب في مصلحة المعتدين على استقرار العراق وأمنه واستقلاله لتحقيق مطامعهم الاقليمية".
وتابع البيان: "مثل هذه الأحداث تصب في صالح من انتهك سيادة العراق واستقلاله على مدى 18 عاماً، وأيضاً في صالح من سعى لتأسيس الجماعات الإرهابية وزرع الفتنة لتحقيق أهدافه الإقليمية المشؤومة".
كما دان أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي.
منظمات وبعثات
وفي سياق متصل، أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط، عن استنكاره بأشد العبارات للمحاولة الدنيئة لاستهداف الكاظمي، مضيفاً أن العدوان الذي تعرض له منزل رئيس وزراء العراق بطائرات مسيرة مفخخة انما يستهدف هيبة الدولة العراقية وأمنها واستقرارها.
وصرح مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أن الوضع المضطرب الذي يشهده العراق خلال الفترة الأخيرة، والذي تصاعدت حدته بهذه المحاولة المشينة لاغتيال رئيس الوزراء، إنما يؤكد مجدداً ضرورة تعامل الدولة العراقية بشكل حاسم مع السلاح المنفلت والمجموعات الخارجة عن القانون.
فيما عبّر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف، الأحد، عن إدانته لمحاولة الاغتيال "الآثمة" التي استهدفت رئيس الوزراء العراقي.
وأكد الحجرف في بيان نشره المجلس عن "الرفض القاطع لمثل هذه الاعتداءات الإجرامية والتي استهدفت أمن واستقرار العراق والذي هو من أمن دول المجلس"، في حين أعلن عن "التضامن مع العراق والشعب العراقي للحفاظ على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه".
وأعلنت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي متابعتها للتطورات في العراق، معبرة عن إدانتها "بأشد العبارات محاولة الاغتيال الدنيئة التي تعرض لها رئيس الوزراء العراقي".
وأكد الأمين العام للمنظمة، يوسف بن أحمد العثيمين أن الهجوم الذي استهدف الكاظمي "عمل إرهابي يستهدف وحدة العراق وأمنه واستقراره"، مشدداً على ضرورة الحفاظ على أمن العراق وسلامته ووحدة أراضيه، داعياً كافة الفاعلين السياسيين في العراق إلى "التهدئة واعتماد الحوار لتجاوز الصعاب التي تمر بها بلادهم".
من جانبها، دانت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق في بيان عبر تويتر، محاولة اغتيال الكاظمي بطائرة مسيرة، معربة البعثة عن ارتياحها "لعدم تعرض رئيس الوزراء لأذى".
وتابع بيان البعثة: "ينبغي عدم السماح للإرهاب والعنف والأعمال غير القانونية أن تقوض استقرار العراق وتخرجه عن مسار العملية الديمقراطية".
وأضاف البيان أن البعثة "تضم صوتها لصوت رئيس الوزراء العراقي في الدعوة إلى الهدوء وضبط النفس"، داعية جميع الأطراف للتصرف بـ "مسؤولية في موضوع خفض التصعيد والدخول في حوار لتخفيف التوترات السياسية وتعزيز المصلحة الوطنية للعراق".
بدوره، دعا الأزهر الشريف العراقيين، للوحدة والتكاتف وإعلاء مصلحة العراق، بعد محاولة استهداف مقر إقامة رئيس الوزراء في العاصمة بغداد. ودان الأزهر في بيان المحاولة، مؤكداً تضامنه الكامل مع العراق ووقوفه معه ضد كل ما يهدد أمنه واستقراره.
وحث الأزهر في البيان العراقيين على "تفويت الفرصة على أصحاب النيَّات الخبيثة ممن لا يريدون الخير لهذا البلد العربي الكبير".