
كشف مسؤولون فلسطينيون لـ"الشرق"، أن الرئيس محمود عباس أثار موضوع إعادة فتح القنصيلة الأميركية في القدس مع سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد، خلال لقائهما الأربعاء، لكن السفيرة لم تقدم أية توضيحات.
ونقل مسؤولون عن جرينفيلد، قولها بشأن المسألة ذاتها، إن "هناك حاجة لبعض الوقت"، الأمر الذي أثار عدم رضى لدى الجانب الفلسطيني.
وكانت إدارة الرئيس جو بايدن أبلغت الجانب الفلسطيني، أنها قررت إعادة فتح قنصليتها في القدس، التي أغلقها الرئيس السابق دونالد ترمب، قبل أن يحولها إلى وحدة بالسفارة الأميركية لدى إسرائيل تحمل اسم "وحدة الشؤون الفلسطينية".
وفي المقابل، قاطعت السلطة الفلسطينية سفارة الولايات المتحدة التي جرى نقلها من تل أبيب إلى القدس بأمر من ترمب، وامتنعت عن استقبال جميع العاملين فيها.
لكن بعد قدوم إدارة الرئيس جو بايدن وعودة العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، أظهر الجانب الفلسطيني انفتاحاً على السفارة الأميركية، بعد تلقي وعود بإعادة فتح قنصلية واشنطن في القدس.
"أولوية بايدن لتل أبيب"
وقال مسؤول فلسطيني مطلع لـ"الشرق": "الجانب الأميركي أبلغنا أنه سيعيد فتح القنصيلة بعد استقرار الحكومة الإسرائيلية الجديدة، خاصة بعد التصويت على الموازنة، والتي جرى بالفعل تمريرها، لكن دون أن نتلقى أية إشارة على قرب حدوث ذلك أو حتى توضيحات بشأنه".
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، قال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزير المالية أفيجدور ليبرمان ووزير الخارجية يائير لبيد، أعقب التصويت على الموازنة: "موقفي هو أنه لا مكان لقنصلية أميركية تخدم الفلسطينيين في القدس، ونحن نعبر عن موقفنا بوضوح وبدون (دراما). القدس هي عاصمة دولة إسرائيل".
بدوره، قال لبيد "هناك سفارة في القدس، والسيادة في القدس ملك لدولة إسرائيل".
ويُبدي المسؤولون الفلسطينيون عدم ارتياحهم إزاء سياسة واشنطن تجاه الشأن الفلسطيني، إذ عبّر عدد منهم عن الخشية من تجميد قرار إعادة فتح القنصيلة إرضاءً للحكومة الاسرائيلية.
واعتبر أحد المسؤولين في حديث لـ"الشرق"، أن "الحكومة الاسرائيلية تحتل الأولوية لدى إدارة بايدن، كما هو واضح، ولا تريد حتى إزعاجها بموضوع إعادة فتح القنصيلة".
وأفاد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني: "لقد وعدتنا إدارة بايدن بإعادة فتح القنصلية بعد إقرار الموازنة في الكنيست الإسرائيلي، ونطالبها بتنفيذ هذا الوعد دون تأخير".
وأضاف مجدلاني لـ"الشرق": "واضح أننا لسنا من أولويات هذه الإدارة، لذلك لا نتوقع منها أية مبادرات سياسية".
ولفت إلى أن الجانب الفلسطيني طالب في اللقاءات الثنائية بإعادة دراسة القوانين التي سُنّت في عهد إدارة ترمب، والتي تحول دون تقديم دعم مالي أميركي مباشر للسلطة الفلسطينية، وإعادة فتح مكتب التمثيل الفلسطيني في واشنطن، لكن لم يحدث أي تقدم من الجانب الأميركي في هذا الصدد.
قطع العلاقات
مسؤول فلسطيني آخر أوضح لـ"الشرق"، أن الجانب الفلسطيني يدرس وقف كافة أشكال العلاقة مع السفارة الأميركية في القدس احتجاجاً على عدم فتح القنصيلة.
وجاء في بيان صادر عن الرئاسة الفلسطينية عقب لقاء عباس جرينفيلد، أن "الرئيس أطلع السفيرة على آخر مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، والممارسات الإسرائيلية العدوانية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني".
وتابع البيان: "أكد الرئيس محمود عباس أن استمرار هذه الممارسات الإسرائيلية من استيطان وقتل ومصادرة أراض، وهدم المنازل، ومحاولات طرد السكان الفلسطينيين من منازلهم في أحياء القدس، وتغيير الوضع القائم في الحرم الشريف، جميعها تؤدي إلى الإسراع وبشكل خطير في تقويض حل الدولتين الذي أعلنت الإدارة الأميركية دعمها الكامل له".
ولفت البيان إلى أن عباس "ثمّن المواقف التي جاءت على لسان الرئيس جو بايدن، خلال الاتصال الهاتفي الذي أكد فيه التزام إدارته بحل الدولتين، ورفض الاستيطان، والحفاظ على الوضع القائم في الحرم الشريف، ومنع طرد الفلسطينيين من أحياء القدس، ووقف الأعمال أحادية الجانب.
وأوضح أن "عباس ثمّن ما جاء خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى رام الله التي أكد فيها التزام إدارته بإعادة فتح القنصلية الأميركية في القدس".
ونقل البيان عن عباس تأكيده للسفيرة جرينفيلد "أن الجانب الفلسطيني بانتظار تطبيق هذه المواقف الأميركية على أرض الواقع، وذلك لإعطاء أمل للشعب بإنهاء الاحتلال والاعتراف بحقه في تقرير المصير ونيل حريته واستقلاله، مؤكداً حرص القيادة الفلسطينية على تمتين العلاقات مع الولايات المتحدة".