وصل وفد أمني مصري رفيع المستوى إلى قطاع غزة، ظهر الأحد، لبحث "إعادة الإعمار" وتحديداً المرحلتين الثانية والثالثة، والتي جرى الاتفاق عليها عقب وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بغزة في مايو الماضي.
واجتمع الوفد المصري، مساء الأحد، في لقاءين منفصلين، بقيادات حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لبحث تعزيز التهدئة ونزع فتيل أي تصعيد محتمل مع إسرائيل.
وترأس وفد "حماس" يحيى السنوار رئيس الحركة في قطاع غزة، وضم عضو المكتب السياسي روحي مشتهى، في حين قال مسؤول فلسطيني شارك في اللقاءين، إنه "جرى بحث ملفات إعادة الاعمار والمصالحة الفلسطينية".
المسؤول أضاف أنه "جرى إطلاع الوفد على الاعتداءات الإسرائيلية ضد الأسيرات، واستمرار عمليات التهويد والتهجير، خاصة في حي الشيخ جراح بالقدس، والاستيطان في القدس والضفة الغربية، إضافة إلى تعطيل إعادة إعمار القطاع".
وتفقد الوفد المصري، في وقت سابق من الأحد، موقع مدينة "دار مصر" السكنية في مدينة الزهراء الساحلية وسط قطاع غزة، واطلع على بدء الجرافات لأعمال تهيئة وتسوية الأرض لإقامة المدينة السكنية، كما تفقد أيضاً أيضا العمل في شارع الكورنيش بمنطقة السودانية في شمال القطاع.
وذكرت مصادر مصرية في الوفد لـ"الشرق"، أنه سيجتمع، الاثنين، بمسؤولي "حماس" والفصائل الفلسطينية الأخرى، لبحث ملفات التهدئة مع إسرائيل، وصفقة تبادل الأسرى، مشيرة إلى أن الزيارة من المقرر أن تستمر عدّة أيام.
وبحسب المنحة المصرية لإعادة إعمار غزة، والتي تصل قيمتها إلى 500 مليون دولار، فإن مصر شتنشئ ثلاث مدن سكنية في وسط وشمال القطاع، بالإضافة إلى جسرين وشارع ورصيف الكورنيش في شل القطاع.
وتأتي زيارة الوفد الأمني المصري إلى غزة، تزامناً مع وصول وفد هندسي مصري للقطاع منذ يومين، فيما أعلنت اللجنة المصرية لإعمار غزة، انتهاء المرحلة الأولى من عملية إعادة الإعمار والبدء في المرحلة الثانية.
إعادة الإعمار.. تقدم محدود
وقال عضو المكتب السياسي لحركة "حماس" في قطاع غزة، صلاح البردويل، إن زيارة الوفد المصري هدفها استكمال عملية الإعمار عقب استيفاء جميع المشاريع للشروط المقررة، ورسم جميع الخرائط للمنازل المهدّمة والمشاريع المراد تأسيسها ضمن خطة تطوير اقتصادية واجتماعية.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ"الشرق"، أنه على الرغم من وجود مندوب مصري دائم يتابع تفاصيل ملف الإعمار في القطاع إلّا أن الوفد الحالي جاء من أجل تدشين بعض المشاريع والمدن السكنية في القطاع.
وأشار إلى أن المسؤولين المصريين حريصون على استقرار الوضع الأمني في غزة، معتبراً أن المناورات التي تحدث من قِبل فصائل فلسطينية أو إسرائيل "روتينية"، مضيفاً: "لا أحد معني بأي تصعيد، ولكل طرف حساباته الداخلية".
وذكر القيادي في "حماس"، أن الفصائل الفلسطينية لم تعلن مناوراتها من أجل الضغط على الوسطاء لتحريك ملف إعادة الإعمار وكسر الحصار، ولكن من أجل الضغط على إسرائيل لعدم عرقلة الملف.
وقال إن الاحتلال الإسرائيلي يرفض دخول الأموال لقطاع غزة، رغم اتفاق "قطري إسرائيلي"، بأن تصل الأموال إلى "المقاولين" مباشرة مع مقترح أن يأخذ المقاول نسبة من الأموال، أو تُعقد مناقصة بين الشركات، سواء المصرية أو الفلسطينية للدخول مباشرة إلى أي عملية بناء، مشيراً إلى أن ملف الإعمار "لم يقطع شوطاً كبيراً حتى الآن".
ملف الأسرى.. "لا جديد"
وبشأن ملف تبادل الأسرى مع إسرائيل، أوضح صلاح البردويل أن كل جانب له حساباته الداخلية، مضيفاً: "إسرائيل رفضت مقترحاً من حركة حماس، جرى الاتفاق عليه قبل شهرين مع الجانب المصري".
وتابع:" الاقتراح كان يشترط الإفراج عن مسنّين وسيدات من الأسرى الفلسطينيين كمرحلة أولى، مقابل منح إسرائيل معلومات عن جنود (أسرى لدى حماس) من خلال تسجيل فيديو، ولكن إسرائيل تريد معلومات مجاناً، وهذا أمر غير وارد"، موضحاً أن ملف الأسرى متوقف تماماً منذ شهرين.
وأشار إلى أن هناك مساعي من أجل وجود السلطة الفلسطينية لمتابعة عملية الإعمار في القطاع، لقطع الطريق على الجانب الإسرائيلي بشأن هذا الأمر، لافتاً إلى أن "السلطة تخشى ملاحقة إسرائيلية بسبب إيداع أموال مساعدات الإعمار في (بنوك سلطة النقد) بزعم دعم الفصائل".
وفي السياق نفسه، قال عضو التيار الإصلاحي في حركة "فتح"، أيمن الرقب، لـ"الشرق" إن الوفد الأمني المصري يزور قطاع غزة من أجل متابعة ملف الإعمار، وتسريع هذا الملف لصالح الشعب الفلسطيني، إضافة إلى الحديث عن ملف الأسرى.
وأشار إلى أن حركة حماس قدمت مقترحاً ثانياً أمام إسرائيل، بأن تُطلق سراح الأسيرين لديها (أبراهام منغستو وهشام السيد)، مقابل إطلاق سراح من (500 إلى 700) أسير فلسطين، ولكن وقع خلاف على الرقم وتم رفض المقترح.
وأوضح الرقب أن المقترح الأخير كان يحمل في طياته مرحلة ثانية، وهي الإعلان عن مصير الجنديين الإسرائيليين (هدار جولدن، وآرون شاؤول)، سواء كانا حيين أو ميتين، وهو ما سيشعل الرأي العام في إسرائيل.
ولفت إلى أن زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى شرم الشيخ في سبتمبر، كانت محاولة منه لفهم المقترح، إلّا أن حكومته المترددة أرجأت الصفقة تماماً، خشية تعرّض حكومته لهزّة سياسية.
مساعٍ مصرية
وبحث وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد، مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقاهرة، قبل نحو أسبوعين، ملف القضية الفلسطينية، وذلك أثناء زيارته الرسمية الأولى لمصر، منذ توليه مقاليد الوزارة.
ووفقاً لما قاله مصدر مصري لـ"الشرق"، أبلغ لبيد القاهرة رد حكومته على مطالب حركة "حماس"، مطالباً بـ"تعهد صريح من الحركة بعدم حدوث أي تصعيد عسكري قبل تخفيف الإجراءات المفروضة على القطاع".
وفي ما يتعلق بتبادل الأسرى بين إسرائيل والحركة، قال المصدر المصري إن "الوزير الإسرائيلي اقترح إحالة تفاصيل صفقة تبادل الأسرى إلى لجنة أمنية تناقش الأسماء المطروحة"، مشيراً إلى أن "وفداً من حركة حماس سيزور القاهرة قريباً، ضمن المفاوضات غير المباشرة حول تبادل الأسرى".
ولعبت مصر دوراً محورياً في التوصل إلى وقف إطلاق نار بين إسرائيل وحركة "حماس"، وضع حداً لتصعيد استمر 11 يوماً، وأودى بحياة أكثر من 255 فلسطينياً.
وتسعى مصر إلى التوسط بين الجانبين من أجل التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف النار في قطاع غزة، والسماح بعمليات الإغاثة الإنسانية وإعادة الإعمار، فضلاً عن التوصل لصفقة بشأن تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة "حماس".
اقرأ أيضاً: