
أثارت التعديلات التي أقرتها اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني، والمتعلقة بمشروع قانون تعديل الدستور الأردني، جدلاً قانونياً واسعاً خلال الأيام الماضية، امتد إلى مقر البرلمان، الذي شهد شجاراً لفظياً وتشابكاً بالأيدي بين النواب، الثلاثاء، في جلسة كان يفترض بها مناقشة التعديلات، إلا أنها تأجلت للخميس.
وكانت الحكومة الأردنية أحالت الشهر الماضي، قوانين تحديث المنظومة السياسية إلى المجلس بصفة مستعجلة، والتي تخص مشروع تعديل الدستور الأردني، إضافة إلى قانوني الأحزاب والانتخاب.
وأفضت التعديلات التي أقرتها اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية، إلى تعديل 30 بنداً من أصل 131، بعضها إجرائي.
هذه التعديلات اعتبرها بعض أعضاء مجلس النواب الأردني خلال جلسة البرلمان، "انقلاباً على الدستور"، وبمثابة "إنهاء فعلي لولاية الحكومة، وسلطتها على مؤسسات الدولة والنظام".
سحب الثقة ودستورية القوانين
وتضمنت التعديلات تغييراً في عملية التصويت بمنح أو سحب الثقة من الحكومة، بحيث باتت تنص على حق 25% من أعضاء المجلس طلب التصويت على الثقة، بدلاً من عشرة أعضاء فقط. ويبلغ إجمالي عدد أعضاء المجلس المنتخبين 130 عضواً.
وأعطت الصلاحية لمجلسي الأعيان أو النواب، بموافقة ما لا يقل عن ربع أعضاء المجلس الطعن المباشر في دستورية القوانين والأنظمة النافذة لدى المحكمة الدستورية، بعد أن كانت تتطلب موافقة أغلبية أعضاء المجلس.
وأبقت على الحق بطلب تفسير الدستور بقرار أغلبية أعضاء مجلس النواب أو الأعيان، وحق محكمة الموضوع في إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية مباشرة، إذا وجدت أن هناك جدية في الدفع المثار أمامها، بدلاً من إحالته إلى محكمة التمييز لتقدير ذلك.
كما اشتمل التعديل على شروط العضوية في المحكمة الدستورية، إذ منحت الصلاحية لمتخذ القرار بأن يختار عدداً من المختصين، ممن تنطبق عليهم شروط العضوية في مجلس الأعيان.
وأضاف التعديل عبارة "الأردنيات" بعد كلمة الأردنيين في عنوان الفصل الثاني "حقوق الأردنيين وواجباتهم"، بهدف تمكين المرأة والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة.
وشملت التعديلات كذلك إضافة اختصاصات جديدة لعمل الهيئة المستقلة للانتخاب، والمتمثلة بالنظر في طلبات تأسيس الأحزاب السياسية ومتابعة شؤونها، بدلاً من وزارة التنمية السياسية والشؤون البرلمانية لضمان الحيادية واستقلالها.
مجلس الأمن القومي
وكانت اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردني، قد أجرت جملة من التعديلات على مشروع تعديل الدستور لعام 2021، خصوصاً في ما يخص "مجلس الأمن القومي"، والمعنى بتقنين صلاحيات العاهل الأردني في تعيين عدد من المناصب السيادية والحساسة في البلاد.
وقال رئيس اللجنة القانونية النائب عبد المنعم العودات لـ"الشرق"، إنّه أجرى تعديلاً على المادة 3 من مشروع تعديل الدستور 2021، إذ ارتأت اللجنة أنه لا حاجة للملك بأنّ يكون رئيساً لمجلس الأمن القومي، مبرراً ذلك بأن الملك عبدالله هو رأس الدولة ورئيس السلطة التنفيذية، وذلك بهدف إبعاده عن التجاذبات السياسية.
وأوضح أن هذا المجلس بصفته وكيانه القانونيّ، يوجد في معظم دول العالم، خصوصاً الديمقراطية منها، من أجل ضمان معالجة القضايا التي تمس أمن الدولة.
وأقرت اللجنة القانونية تعديل مسمى المجلس إلى "مجلس الأمن القومي"، بدلاً من "مجلس الأمن الوطني والسياسية والخارجية".
صلاحيات الملك
ولفتت اللجنة إلى أنه جرى تعديل على المادة 28 من المشروع المعدل من الدستور، والتي تتناول تقنين صلاحيات الملك في تعيين قاضي القضاة، ورئيس المجلس القضائي الشرعي والمفتي العام ورئيس الديوان الملكي الهاشمي ووزير البلاط ومستشاري الملك.
كما أقرت اللجنة التعديل الخاص بحق أعضاء مجلس النواب الأردني، بانتخاب رئيس المجلس لسنة واحدة بدلاً من سنتين، وتضمين الدستور نص يسمح لأعضاء المجلس بإعفاء رئيس المجلس، في حال عجزه عن القيام بواجباته.
وجاء في التعديلات، إعطاء الملك الأردني حق التعيين منفرداً لولي العهد ونائب الملك وقادة الجيش والمخابرات، بالإضافة إلى رئيسي مجلس الأعيان والمحكمة الدستورية، إضافة إلى قائد الأمن العام ورئيس المجلس القضائي.
"طابع دستوري"
عضو مجلس النواب الأردني عمر العياصرة قال لـ"الشرق"، إن "إنشاء مجلس معنى بالأمن الوطني والسياسة الخارجية، جاء ليكون في الكفة التي تقابل التحول للحياة الحزبية"، موضحاً ضرورة المجلس "للتصدي للأحزاب التي لا وجهة حقيقية لها".
وأشار إلى أن "ما ورد في مشروع الدستور المعدل لم يخرج عن المألوف، ومجلس الأمن الوطني هو دائرة حكومية ذات طابع دستوري، وهو من طبيعة المؤسسات التي تعارفت دساتير العالم على النص على استحداثها".
بدوره، أوضح الخبير في الدستور الأردني ليث نصراوين لـ"الشرق"، أنّ "الصيغة التي أقرتها الحكومة في تشكيل مجلس الأمن الوطني للسياسات الخارجية، كانت بنصوص دستورية غير موفقة"، وأنّ "الصلاحيات التي منحت للمجلس فيها نوع من المخالفة الدستورية".
وأضاف نصراوين، أنّ "مثل هذه المجالس موجودة في معظم الدول ذات الرصيد الديمقراطي، لكن المواد التي أضافتها الحكومة الأردنية لهذا المجلس تعد مخالفة دستورية"، مشيراً إلى أنّ "مجلس النواب الأردني بلجنته القانونية، غيّر من شكل المجلس ليصبح دائرة تابعة للحكومة يرأسها رئيس الوزراء، وأبعدت ملك الأردن من رئاسته أو القرارات التي تصدر منه".