جدل في أوروبا بشأن الطاقة النووية.. وألمانيا تغلق نصف مفاعلاتها

time reading iconدقائق القراءة - 5
منظر عام لمحطة الطاقة النووية في جوندرمينجين المقرر إغلاق وحدتها الأخيرة. ألمانيا، 29 ديسمبر 2021. - REUTERS
منظر عام لمحطة الطاقة النووية في جوندرمينجين المقرر إغلاق وحدتها الأخيرة. ألمانيا، 29 ديسمبر 2021. - REUTERS
دبي / فرانكفورت-الشرقوكالات

بدأت ألمانيا، الجمعة، التخلي عن قدرتها النووية، بسحب 3 مفاعلات نووية من أصل 6 في الخدمة، وسط جدل في أوروبا بشأن اعتماد الطاقة النووية كطاقة خضراء، وهو ما تحاول فرنسا الدفع به داخل الاتحاد الأوروبي.

وتأتي خطوة برلين، في خضم أزمة طاقة أوروبية تغذيها التوترات الجيوسياسية الأخيرة بين المزود الرئيسي للغاز روسيا، وعملائها في أوروبا، كما تأتي بعد نحو شهر على إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن بلاده ستستأنف بناء مفاعلات نووية لضمان استقلالها في مجال الطاقة و"تحقيق أهدافها المناخية".

"طاقة خضراء"

وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، قال في أكتوبر الماضي، إنه ينبغي اعتبار الطاقة النووية من مصادر الطاقة الخضراء، ضمن تصنيف الاتحاد الأوروبي. ونقلت وكالة "بلومبرغ" الأميركية، عن لو مير قوله خلال فعالية يوم المناخ بالعاصمة باريس، إن فرنسا تدعو المفوضية الأوروبية إلى تبني هذا النهج.

وقالت وكالة "فرانس برس"، إن دعوة فرنسا إلى إدراج الطاقة النووية ضمن قائمة أوروبية لمصادر الطاقة "الخضراء"، تمكنها من الحصول على تمويل أوروبي، وهو ما يرفضه أنصار البيئة الألمان (حزب الخضر)، وخصوصاً مرشحتهم السابقة للمستشارية أنالينا بيربوك، والتي تتولى حقيبة الخارجية في الحكومة الجديدة.

ولزم المستشار الألماني، شولتس الحذر في هذا الموضوع مكتفياً بالإشارة إلى أن بلاده راهنت على "تطوير مصادر الطاقة المتجددة".

وينتظر أن تعقد المفوضية الأوروبية اجتماعاً في 18 يناير لتقديم مشروع قانون لتصنيف الطاقة النووية كطاقة خضراء للفصل فيه، وبحسب ما قال مسؤول أوروبي كبير لصحيفة "لوموند" الفرنسية، فإن ألمانيا ستصوت ضد هذا التصنيف، إضافة إلى لكسمبورج والنمسا، وهو عكس التوجه الفرنسي.

تقليص الطاقة النووية

وستتوقف المنشآت النووية في بروكدورف (شمال)، وجرونده (وسط)، وجوندريمينجن (جنوب)، عن العمل في عام 2022، ما يؤدي إلى خفض القدرة النووية المتبقية في ألمانيا إلى النصف، وتقليل إنتاج الطاقة بنحو 4 جيجاواط، أي ما يعادل الطاقة التي تنتجها 1000 توربينة رياح.

وفي نهاية عام 2022، ستوقف ألمانيا آخر 3 محطات نووية في البلاد عن العمل، وهي نيكارفيستهايم (جنوب)، وإيزار 2 (جنوب)، وإمسلاند (شمال).

ودفعت الاحتجاجات على كارثة فوكوشيما النووية التي وقعت عام 2011، المستشارة السابقة أنجيلا ميركل إلى تسريع التخلي عن الطاقة النووية في ألمانيا.

ورغم التخلي عن طاقة تبلغ نحو 11% من الكهرباء المولدة عام 2020، فإن "الإمدادات في ألمانيا ما زالت مضمونة"، وفق ما قاله وزير الاقتصاد وحماية المناخ روبرت هابيك، في بيان صحافي، الثلاثاء.

وبهدف تعويض هذه الطاقة النووية، تهدف ألمانيا إلى سد هذه الفجوة عن طريق الطاقة المتجددة، إذ تحصل على إمداداتها بشكل كبير من الوقود الأحفوري خصوصاً الغاز.

ارتفاع أسعار الغاز

لكنّ أمن الطاقة هذا له ثمن إذ ترتفع أسعار الغاز في أوروبا بشكل مطرد منذ أشهر عقب التوترات الجيوسياسية مع روسيا، المورد الرئيسي للغاز في أوروبا.

وتشتبه بعض الدول الغربية في أن موسكو تحد من شحناتها من الغاز إلى أوروبا لممارسة ضغط، وسط توترات جيوسياسية عميقة حول مناورات عسكرية روسية عند الحدود الأوكرانية.

كذلك، هددت الحكومة الألمانية الجديدة موسكو أخيراً "بوقف" خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" المثير للجدل والذي يربط روسيا بألمانيا عبر بحر البلطيق، إذا حدث تصعيد في أوكرانيا التي يتهم الأميركيون والأوروبيون موسكو بالتحضير لمهاجمتها.

وهناك سبب آخر لارتفاع الأسعار، يتمثل في بلوغ المخزونات في أوروبا أدنى مستوياتها متأثرة بفصل شتاء طويل عام 2020، ويبدو أن إعادة هذه المخزونات إلى مستوياتها السابقة عملية معقدة، وسط طلب قوي بسبب انتعاش أكبر من المتوقع في الاقتصادات.

ويضاف ذلك إلى الصعوبات التي تواجهها الطاقات المتجددة، مثل طاقات الرياح والطاقة الشمسية، لأسباب مناخية.

وانخفضت بالفعل حصة الطاقات المتجددة في الكهرباء المنتجة على مدار عام في الربع الثالث من عام 2021، إلى 43%، وفق المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء "ديستاتيس".

ويجب تركيب ما بين ألف و1500 توربينة رياح جديدة كل عام بحسب هابيك، في مقابل "أكثر من 450 بقليل" سنوياً في السنوات الأخيرة، علماً أن العدد القليل مرده إلى مواجهة معارضة على الأرض لهذه المنشآت.

ويطمح التحالف الحاكم المؤلف من الحزب الاشتراكي الديمقراطي والخضر والليبراليين في ألمانيا، إلى أن يكون 80% من الكهرباء في ألمانيا منتجة عبر مصادر طاقة متجددة بحلول عام 2030.

تصنيفات