
كشف تقرير إعلامي عن الاشتباه في قيام جهاز الموساد الإسرائيلي باستهداف شركات ألمانية وسويسرية بتفجيرات وتهديدات خلال الثمانينيات من القرن الماضي، لعملها بنشاط في مساعدة باكستان في برنامجها النووي.
وأفاد التقرير الذي أوردته صحيفة "نويه تسورشر تسايتونج" السويسرية البارزة، ونقلت عنه صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، الاثنين، أن "الشك في أن الموساد قد يكون وراء الهجمات والتهديدات قد أثير، لأنه بالنسبة لإسرائيل، كانت احتمالية أن تصبح باكستان لأول مرة، دولة بقنبلة ذرية، تشكل تهديداً وجودياً".
وأوضح التقرير، الذي استند إلى ملفات تحقيق قالت الصحيفة السويسرية إنها اطلعت عليها، من دون الكشف عن مصدرها، أنه مع الجهود سريعة الحركة التي كانت تبذلها باكستان لتحريك برنامج أسلحتها النووية، سعت الحكومة الأميركية دون جدوى، إلى حمل الحكومتين الألمانية والسويسرية على اتخاذ إجراءات صارمة ضد الشركات التي كانت تساعد باكستان.
ثلاث هجمات
وذكر التقرير أن عملاء الموساد المشتبه بهم اتخذوا إجراءات من جانبهم في سويسرا وألمانيا ضد الشركات والمهندسين المتورطين في مساعدة باكستان.
وفقاً للتقرير، فإنه "بعد أشهر قليلة من التدخل غير الناجح لوزارة الخارجية الأميركية في بون (عاصمة ألمانيا الغربية آنذاك) وبرن، نفذ مجهولون" هجمات تفجيرية على ثلاث من هذه الشركات".
وفي 20 فبراير 1981، استهدف هجوم منزل موظف بارز في شركة "كورا إنجنيرينج" في مدينة تشر السويسرية. وفي 18 مايو 1981، استهدف هجوم آخر مبنى مصنع شركة "فاليشميلر" في مدينة ماركدورف الألمانية، وأخيراً، في 6 نوفمبر 1981، استهدف هجوم المكتب الهندسي لشركة "هاينز ميبوس" في مدينة إرلانجن بولاية بافاريا الألمانية. وأسفرت الهجمات الثلاثة عن أضرار في الممتلكات فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن "الهجمات بالمتفجرات ترافقت مع عدة مكالمات هاتفية، قام خلالها مجهولون بتهديد شركات أخرى باللغة الإنجليزية أو الألمانية غير المتقنة".
وكشف التقرير أن زيجفريد شيرتلر، صاحب شركة إنتاج الماكينات الصناعية الألمانية في ذلك الوقت "فاكيوم أباراتي تيكنيك"، التي كانت ضمن الشركات التي تعاملت مع باكستان، أبلغ الشرطة الفيدرالية السويسرية بأن المخابرات الإسرائيلية اتصلت به.
وقال شيرتلر إن موظفاً في السفارة الإسرائيلية في ألمانيا يُدعى ديفيد، اتصل بمسؤول الشركة. وقال رئيس الشركة إن ديفيد حثه على وقف "هذه الأعمال التجارية" في ما يتعلق بالأسلحة النووية، والتحول إلى تجارة المنسوجات.
التعاون مع إيران
وذكر التقرير أن باكستان وإيران تعاونتا بشكل وثيق في الثمانينيات من القرن الماضي على بناء أجهزة أسلحة نووية.
وأوضح التقرير أن العمل المكثف لشركات من ألمانيا وسويسرا في مساعدة البرنامج النووي الإيراني "تم بحثه بشكل جيد نسبياً" في ذلك الوقت.
ولفت التقرير إلى "وثائق جديدة لم تكن معروفة من قبل من أرشيفات برن وواشنطن تزيد من قوة هذه الترجيحات".
كما استند التقرير في ذلك إلى المؤرخ السويسري أدريان هيني، الذي رجح إمكانية تورط الموساد في الهجمات بالقنابل على شركات سويسرية وألمانية، مضيفاً أنه بالرغم من ذلك، لم يكن هناك "دليل دامغ" لإثبات تنفيذ الموساد للهجمات.
عبد القدير خان
ونوه التقرير إلى دور العالم النووي الباكستاني الراحل، عبد القدير خان، الأب الروحي لبرنامج الأسلحة النووية الباكستاني، الذي جاب أوروبا خلال الثمانينيات لتأمين التكنولوجيا والمخططات من المؤسسات والشركات الغربية لأجهزة الأسلحة النووية.
وكتبت الصحيفة السويسرية أن خان التقى بفندق في زيورخ بوفد من منظمة الطاقة الذرية الإيرانية عام 1987. وكان الوفد الإيراني برئاسة المهندس مسعود نراقي، رئيس لجنة الطاقة النووية الإيرانية حينذاك.
والتقى مهندسان ألمانيان، هما جوتهارد ليرش وهاينز ميبوس، بمجموعة خان في سويسرا. وعقدت اجتماعات إضافية في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.
أرباح كبيرة
وجنت الشركات السويسرية والألمانية، بحسب التقرير، أرباحاً كبيرة من أعمالها مع شبكة خان للأسلحة النووية. وذكر أن "العديد من هؤلاء الموردين، معظمهم من ألمانيا وسويسرا، سرعان ما دخلوا في أعمال تجارية بملايين الدولارات مع باكستان".
وذكر التقرير أن أرشيف الأمن القومي في واشنطن نشر مؤخراً مراسلات دبلوماسية، من وزارة الخارجية الأميركية مع بون وبرن في عام 1980.
وأوضح التقرير أن "هذا يوضح كيف استاءت الولايات المتحدة من تعامل البلدين غير الرسمي مع تلك العمليات الخاصة بباكستان".
وفي الرسائل التي تم إصدارها مؤخراً، والتي تم تصنيفها سابقاً على أنها سرية، تضم قائمة الشركات التي تتهمها الولايات المتحدة بدعم برنامج الأسلحة النووية الباكستاني، حوالي ستة شركات من كل من ألمانيا وسويسرا.