
أدت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان برئاسة فتحي باشاغا، الخميس، اليمين الدستورية أمام البرلمان في طبرق، وسط تصاعد الأزمة السياسية في ظل رفض الحكومة الحالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس التخلي عن السلطة، فيما أعلنت حكومة باشاغا اختطاف وزيرين من
وبدأت جلسة البرلمان بإذاعة تسجيلات صوتية لـ9 أعضاء يمنحون فيها الثقة للحكومة، نظراً لتغيبهم عن جلسة منح الثقة التي عقدت، الثلاثاء، والتي شكك الدبيبة في حدوث تزوير بها.
وأعلن رئيس البرلمان عقيلة صالح، أن النواب الذين شككوا في إجراءت منح الثقة لحكومة باشاغا، هم موظفين في حكومة الدبيبة في مناصب مختلفة، واتهمهم بأنهم قدّموا مصالحهم الشخصية على مصلحة الوطن، مؤكداً عزم البرلمان إسقاط عضوياتهم خلال الأيام القليلة المقبلة، بحسب وكالة الأنباء الليبية (وال).
وتعهد صالح، بأن مجلس النواب سيعمل على إصدار القوانين والقرارات التي تساعد الحكومة على أداء أعمالها، معتبراً أن من أهم اختصاصات الحكومة الجديدة إصلاح الرقم الوطني، والتأكد من صحة الشهادات العلمية، ومعالجة انقطاع الكهرباء، ونقص المياه، والسيولة، وتوفير العمل والسكن للشباب.
وشدّد على أن الليبيين في حاجة إلى حكومة خدمات تهيء الأجواء الأمنية وأخرى مناسبة لإجراء الانتخابات وفق خريطة طريق.
"جر للحرب"
من جانبه تعهد باشاغا، بالعمل على إنهاء جميع المراحل الانتقالية، وقال: "سلمنا السلطة في ما سبق والآن يحاول البعض جرنا للاقتتال والحروب.. لن نعطيه الفرصة ولن نسفك نقطة دم واحدة، سنباشر بدراسة كل الخيارات باستلام السلطة في العاصمة طرابلس بقوة القانون وليس بقانون القوة"، لافتاً إلى أنه لا يشعر بـ"الزهو ولكن بثقل المسؤولية"، بحسب الوكالة.
وأشاد بـ"دور البعثة الأممية في ليبيا، وبدعم الدول الشقيقة والصديقة في دعم الليبيين خلال السنوات الماضية"، معرباً عن تطلعه للعمل مع كافة الدول بما يخدم مصلحة الشعب الليبي، وثمن ما قام به المجلس الرئاسي ودعمه للمصالحة الوطنية، متعهداً بالتنسيق معه للعمل على ما يوحد البلاد.
اختطاف مسلح
وتصاعدت الأزمة السياسية بشكل متسارع، وقال مصدر مقرّب من حكومة باشاغا، إن "وزير الخارجية حافظ قدور ووزيرة الثقافة صالحة بشير الدروقي تعرّضا للاختطاف بالقرب من مدينة مصراتة، أثناء توجههما إلى مدينة طبرق لأداء اليمين".
وقال المصدر في تصريحات لـ"الشرق"، إن ما يعرف بـ"القوة الأمنية المشتركة"، هي التي اختطفت الوزيرين.
وأكد مكتب باشاغا "خطف الوزيرين"، فيما لم يرد متحدث باسم حكومة الدبيبة على طلب للتعليق لوكالة "رويترز".
أوامر بعدم تحرك السيارات العسكرية
وأصدر الدبيبة، بياناً بصفته وزير الدفاع، إلى كافة الوحدات والتشكيلات العسكرية بعدم تحرك أي أرتال لسيارات مسلحة أو عسكرية أو شبه عسكرية من دون إذن تحرك مسبق من الوزارة، مؤكداً أنه ستصدر إلى الوحدات المكلفة بمهام الحماية والتأمين، الأوامر للتعامل مع أي تشكيل يتحرك من دون إذن.
وقال مراقبون إن البيان به تحذير ضمني لباشاغا من دخول طرابلس، بحسب إعلانه أنه سيتوجه إلى العاصمة بعد أداء اليمين الدستورية.
استقالة وزير بحكومة الدبيبة
وأعلن وزير الاقتصاد في حكومة الدبيبة، جمال سالم شعبان، اعتذاره عن تولي المنصب، بسبب "عدم وجود توافق بين الأجسام السياسية في ليبيا"، واصفاً جلسة مجلس النواب التي منحت الثقة لحكومة باشاغا بأنها "لم تتسم بالشفافية والنزاهة"، و"لم تتبع القواعد الإجرائية".
وقال شعبان: "لا يوجد تنسيق مع مجلس الدولة كشريك سياسي، وهو ما يهدد السلم في ليبيا، وقد تسيل معه الدماء، لهذا أعلن أنني لا أتشرف بوجودي في حكومة أحلّت الحرب والدمار وتدخل العاصمة في نفق مظلم".
"إغلاق المجال الجوي"
يأتي هذا التصعيد فيما قدم باشاغا، الأربعاء، بلاغاً إلى النائب العام اتهم فيه حكومة الدبيبة بـ"إغلاق المجال الجوي بالكامل في البلاد"، لمنع انتقال الوزراء من العاصمة طرابلس إلى مدينة طبرق لأداء اليمين الدستورية للحكومة، الخميس.
وقال باشاغا في البلاغ إن ما فعلته الحكومة السابقة المنتهية ولايتها، هو انتهاك صريح لحق التنقل، واعتداء على السلطات الدستورية والسياسية، ومنع للحكومة من ممارسة واجباتها وأداء مهامها.
وأوضح أن "هذه الجريمة يعاقب عليها القانون بالإعدام"، مطالباً بـ"اتخاذ ما يلزم من إجراءات قضائية تجاه الواقعة وإزالة كافة آثارها، ومحاسبة كل من يقترف جرماً جنائياً سواء كان فاعلاً أو شريكاً بالتحريض والمساعدة".
لن أستخدم القوة
وكان باشاغا توقع في تصريحات لوكالة "رويترز"، الأربعاء، تولي المنصب بسلام، على الرغم من تعهد الدبيبة بالتمسك بالسلطة.
وقال خلال المقابلة: "لن يكون هناك استخدام أي قوة لا من جانبنا ولا من جانب الحكومة الموجودة".
وأضاف: "غداً (الخميس) أؤدي اليمين أمام مجلس النواب، وبعد ذلك سأذهب إلى طرابلس"، مشيراً إلى أنه ستكون هناك ترتيبات لضمان انتقال "عادي وسلس".
وأعلن باشاغا الذي شغل سابقاً منصب وزير الداخلية أنه ملتزم بإجراء الانتخابات، العام المقبل، في الإطار الزمني الذي حدده البرلمان، مشيراً إلى أنه يريد التوصل إلى اتفاق بين المؤسسات السياسية المتنازعة بشأن هذه المسألة.
قلق أممي
وأعربت الأمم المتحدة، الخميس، عن قلقها بشأن تقارير تفيد أن التصويت في البرلمان الليبي على تنصيب حكومة جديدة "لم يرقَ إلى المعايير المتوقعة".
وذكر بيان أرسله المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، عبر البريد الإلكتروني، أن هناك تقارير تفيد بأن التصويت لا يفي بمعايير الشفافية والإجراءات المطلوبة، وأنه كان هناك أعمال ترهيب قبل الجلسة.
وقال المتحدث إن الأمم المتحدة تركز بدلاً من ذلك على تجديد مساعيها لإجراء الانتخابات، موضحاً أن مستشارة الأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني وليامز ستجري قريباً محادثات بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة.
من جانبها أعلنت وليامز عزمها إرسال خطابات إلى مجلسي النواب والدولة لبدء مشاورات على الفور لوضع أساس دستوري للانتخابات.
ويهدد الصراع على رئاسة الحكومة بعد انهيار عملية الانتخابات التي كان من المقرر إجراؤها في ديسمبر، بإعادة البلاد إلى الانقسام الذي ساد معظم فترة ما بعد سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011.
وعُيّن الدبيبة رئيس وزراء مؤقتاً قبل عام، في إطار خطة تدعمها الأمم المتحدة، ويقول إن حكومته لا تزال قائمة ولن يسلّم السلطة إلا بعد انتخابات سيجريها في يونيو.
واتهم الدبيبة في خطاب تلفزيوني، الأربعاء، البرلمان بالسعي إلى تخريب الانتخابات وقال إن "ما سمّوه حكومة لن تعمل يوماً في الواقع ولن يكون لها مكان".
وأعلن البرلمان أن ولاية الدبيبة انتهت عندما لم تُجرَ انتخابات ديسمبر حسب المقرر، واختار المجلس بدلاً من ذلك باشاغا لقيادة مرحلة انتقالية جديدة، وإجراء الانتخابات العام المقبل.
اقرأ أيضاً: