
قال الرئيس الصيني، شي جين بينج، الأحد، إن على بلاده ألا تعتمد على الأسواق الدولية لضمان أمنها الغذائي، حسبما أفادت وكالة "بلومبرغ".
ونبّه إلى ضرورة أن تركّز الصين على أسواقها الغذائية المحلية، مع التأكد من أن لديها مستوى مناسباً من القدرة على الاستيراد.
وأكد الرئيس الصيني خلال اجتماع حضره أعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، وجوب حماية الأراضي الزراعية والتنمية التكنولوجية لصناعة البذور، من أجل المساعدة في تسوية ملفات الأمن الغذائي.
وشدد صنّاع السياسة في البرلمان الذي يُعقد بالتزامن مع المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، على الأمن الغذائي بوصفه ملفاً أساسياً للصين هذا العام، لا سيّما بعد ارتفاع أسعار بعض المحاصيل إثر الغزو الروسي لأوكرانيا، بحسب "بلومبرغ".
وأفادت وكالة أنباء الصين (شينخوا) بأن شي جين بينج، وجّه بضرورة تحسين قدرة الإنتاج الزراعي الشامل، ومواصلة الجهود لتعزيز تنمية الأمن الاجتماعي. وأكد تأمين المنتجات الزراعية الأساسية، خصوصاً الحبوب، باعتباره أولوية قصوى في إنعاش الريف.
"سلّة خبز العالم"
في السياق ذاته، لفتت وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا يهدّد الإمدادات الغذائية وسبل عيش الناس في أوروبا وإفريقيا وآسيا، الذين يعتمدون على الأراضي الزراعية الشاسعة الخصبة في منطقة البحر الأسود، والمعروفة باسم "سلّة خبز العالم".
وأضافت الوكالة أن مزارعين أوكرانيين اضطروا إلى إهمال حقولهم، إذ يفرّ الملايين أو يقاتلون الجيش الروسي. وأُغلقت موانئ يُرسل عبرها القمح ومواد غذائية أساسية أخرى إلى العالم أجمع، وثمّة مخاوف أيضاً من تقلّص صادرات روسيا من الحبوب، نتيجة العقوبات الغربية المفروضة عليها، علماً أنها قوة زراعية أخرى.
ولم تحدث اضطرابات عالمية في إمدادات القمح حتى الآن، لكن الأسعار ارتفعت بنسبة 55٪ منذ الأسبوع الذي سبق الغزو، في ظلّ مخاوف بشأن تداعياته.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن مدير "مجلس الحبوب الدولي" أرنو بيتي، تحذيره من أن تواجه دول تعتمد على صادرات القمح بأسعار معقولة من أوكرانيا، نقصاً بدءاً من يوليو، إذا طال أمد الحرب.
وقد يؤدي ذلك إلى انعدام الأمن الغذائي وإفقار مزيد من الناس، في أماكن مثل مصر ولبنان، حيث يهيمن الخبز المدعوم من الحكومة على النظم الغذائية. وفي أوروبا، يستعد مسؤولون لنقص محتمل في المنتجات الأوكرانية، وزيادة في أسعار علف الماشية، ممّا قد يعني زيادة تكلفة اللحوم والألبان، إذا اضطر المزارعون إلى تحميل الزبائن التكاليف.
تداعيات غذائية للحرب
وتنتج روسيا وأوكرانيا نحو ثلث صادرات القمح والشعير في العالم. وتُعتبر أوكرانيا أيضاً مورّداً أساسياً للذرة، وأبرز مصدّر في العالم لزيت عباد الشمس، المُستخدم في معالجة الأغذية. وتهدد الحرب الإمدادات الغذائية، علماً أن الأسعار تسجّل أعلى مستوياتها منذ عام 2011.
وسيكون لنزاع مطوّل تأثير ضخم في مصر، أبرز مستورد للقمح في العالم، إذ يعتمد الملايين من مواطنيها على الخبز المدعوم المصنوع من الحبوب الأوكرانية.
ونقلت "أسوشيتد برس" عن آنا ناجورني، وهي أستاذة في سلاسل التوريد واللوجستيات والاقتصاد بجامعة ماساتشوستس أمهيرست، قولها: "القمح والذرة والزيوت والشعير والدقيق مهمة جداً بالنسبة إلى الأمن الغذائي، لا سيّما في الأجزاء الفقيرة من العالم". وسألت مَن سيحصد المزروعات وينقلها، مع استدعاء الرجال الأوكرانيين للقتال.
وأعلنت سوريا أنها ستخفّض الإنفاق وتفرض حصصاً غذائية، فيما يسعى لبنان لتعويض نقص متوقع في القمح، إذ تؤمّن أوكرانيا 60٪ من إمداداته. وتجري السلطات اللبنانية محادثات مع الولايات المتحدة والهند وكندا، للعثور على مصادر أخرى.
وأعلنت شركة "آي إتش إس ماركت"، الرائدة في تقديم خدمات معلومات الأسواق المالية، أن أوكرانيا وروسيا تؤمّنان 75٪ من صادرات زيت عباد الشمس في العالم، وهذا يمثل 10٪ من كل زيوت الطهي.
ويراقب المزارعون في الولايات المتحدة، وهي أبرز مصدّر للذرة في العالم وموّرد أساسي للقمح، لمعرفة هل ستزيد صادرات القمح الأميركية. وفي الاتحاد الأوروبي، يشعر مزارعون بقلق إزاء ارتفاع تكاليف علف الماشية.
وتزوّد أوكرانيا الاتحاد الأوروبي بما يقلّ قليلاً عن 60٪ من محصول الذرة. كما أن روسيا التي تزوّد الاتحاد الأوروبي بـ40٪ من احتياجاته من الغاز الطبيعي، هي أيضاً مورّد رئيسي للأسمدة والقمح والمواد الأساسية الأخرى، بحسب "أسوشيتد برس".
الصادرات الزراعية لأوكرانيا
وأعلنت هيئة السكك الحديدية الأوكرانية، أنها مستعدة لتنظيم الصادرات الزراعية بشكل عاجل، بعد إغلاق موانئ البلاد المطلّة على البحر الأسود نتيجة الغزو الروسي.
وذكرت في بيان: "هذا الوضع يسبّب مشكلات، ليس لأوكرانيا فحسب. فحصة الحبوب الأوكرانية في السوق العالمية تُقدّر بنحو 11%، وحصة زيت عباد الشمس تُقدّر بنحو 55%. من أجل منع أزمة غذاء عالمية والحفاظ على الصادرات الأوكرانية، فإن (هيئة) السكك الحديد الأوكرانية مستعدة لتنظيم توصيل المنتجات الزراعية عبر السكك الحديد بشكل عاجل"، بحسب وكالة "رويترز".
وذكرت الهيئة أنها قد تنقل الحبوب لحدودها مع رومانيا والمجر وسلوفاكيا وبولندا، حيث يمكن تسليمها إلى الموانئ والمراكز اللوجستية في الدول الأوروبية، علماً أن أوكرانيا صدّرت 43 مليون طنّ من الحبوب المتنوّعة في موسم 2022/2021، حتى 23 فبراير الماضي. وزادت أوكرانيا إنتاجها من الحبوب بنسبة 32% في عام 2021، إلى 85.7 مليون طنّ.
اقرأ أيضاً: