لماذا اعتبرت واشنطن عنف ميانمار ضد الروهينجا "إبادة جماعية"؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته لمعرض "طريق بورما إلى الإبادة الجماعية" بمتحف الهولوكوست في واشنطن. 21 مارس 2022 - AFP
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال زيارته لمعرض "طريق بورما إلى الإبادة الجماعية" بمتحف الهولوكوست في واشنطن. 21 مارس 2022 - AFP
دبي-الشرق

وصفت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن رسمياً، العنف الذي ارتكبه جيش ميانمار ضد أقلية الروهينجا بأنه يرقى إلى مستوى "الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية"، في تحول عن موقف الإدارة السابقة للرئيس دونالد ترمب.

وعبر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، عن هذا الموقف الأميركي الجديد أثناء زيارته متحف الهولوكوست في واشنطن، الاثنين.

وركز إعلان بلينكن بشكل مباشر على الجيش، ولم يشر إلى المسؤولين الحكوميين المدنيين والبيروقراطيين الذين دعموا القوات المسلحة في السابق.

وقال بلينكن، إن "الأشخاص الذين يرغبون في ارتكاب فظائع ضد مجموعة من الناس يمكن أن ينقلبوا بسرعة على مجموعة أخرى".

وأضاف أن هذا الإدراك دفع المزيد من الناس إلى فهم أن استعادة مسار البلاد إلى الديمقراطية "يبدأ بضمان حقوق جميع الناس في البلاد، بما في ذلك الروهينجا".

تقديم العسكريين للعدالة 

وأشاد بلينكن بالجهود الدولية لتقديم العسكريين إلى العدالة، بما في ذلك قضية الإبادة الجماعية، في محكمة العدل الدولية.

وجاءت تصريحات بلينكن بعد 14 شهراً تقريباً من تولي بايدن منصبه، وتعهده بإجراء مراجعة جديدة لأحداث العنف.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس إن وزير الخارجية بلينكن أعلن أن عناصر في جيش ميانمار ارتكبوا إبادة.

ونقلت وكالة "رويترز" في وقت سابق عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن إدارة بايدن خلصت رسمياً إلى أن العنف، الذي ارتكبه جيش ميانمار ضد أقلية الروهينجا، يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، في خطوة يقول مؤيدوها إنها يجب أن تعزز الجهود لمحاسبة المجلس العسكري الذي يحكم ميانمار الآن.

ونقلت "رويترز" عن مسؤولين أميركيين، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، القول إن بلينكن أمر بإجراء "تحليل قانوني وتحليل للوقائع" خاص به، وهو ما خلص إلى أن جيش ميانمار ارتكب إبادة جماعية. 

وجمع مسؤولون أميركيون وشركة محاماة خارجية أدلة، في محاولة لتسريع الإقرار بخطورة تلك الفظائع، لكن وزير الخارجية السابق مايك بومبيو رفض اتخاذ قرار.

وهذه هي المرة السابعة التي تعلن فيها الولايات المتحدة ارتكاب إبادة منذ الهولوكوست.

تبدل المواقف

وذكرت مجلَّة "ذا أتلانتيك" الأميركية أنه قبل 4 سنوات، بدأت وزارة الخارجية الأميركية تحقيقاً في أعمال العنف ضد الروهينجا التي وقعت في البلاد، وأسفرت عن سقوط عشرات القتلى ودفعت مئات الآلاف إلى الفرار نحو بنجلاديش.

وبعد انتهاء التحقيق، اختارت إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب عدم استخدام توصيف الإبادة الجماعية، الذي يحمل تداعيات محتملة مثل فرض قيود على المساعدات، وعقوبات إضافية ضد الجيش، فضلاً عن احتمال توقف الشركات الدولية عن أعمالها في البلاد.

واعتبرت المجلة أن قرار إدارة ترمب كان يستند إلى بُعد جيوسياسي، يتمثل في عدم رغبة وشنطن في استعداء ما تعتبره ديمقراطية ناشئة كانت تعتمد بالفعل بشكل كبير على الصين.

وقالت المجلة إنه في السنوات التالية، تغيرت أمور كثيرة في ما يتعلق بميانمار، إذ ظلت بكين تمثل منافساً أساسياً لواشنطن، كما أن تجربة ميانمار الوليدة مع الديمقراطية تبددت من خلال "انقلاب عسكري"، بجانب أن موسكو، أحد أبرز الداعمين الدوليين لميانمار والمورد الرئيسي للأسلحة لجيشها، أصبحت مكروهة من الغرب بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

واعتبرت المجلة أن "الانقلاب" كان السبب الرئيس ضمن تلك العوامل، إذ سلط الضوء على هشاشة الحريات المكتسبة بشق الأنفس هناك، وإمكانية أن يصل العنف الذي يستهدف مجموعة بعينها من السكان وبسهولة إلى مجموعات أخرى.

حسابات واشنطن

وبحسب المجلة، لعبت نقطتان أساسيتان دوراً كبيراً في تحديد سياسة الولايات المتحدة بشكل عام تجاه ميانمار، أولهما أن القرار كان بيد الزعيمة الفعلية السابقة للبلاد، أون سان سو تشي، والتي كانت تراها واشنطن أيقونة محتملة للديمقراطية داخل البلاد، والنقطة الأخرى هي درء الوجود الذي يلوح في الأفق للصين في البلاد.

ونقلت المجلة عن كيلي كوري، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية الأميركية، أن هذين الجانبين لعبا دوراً في قرار إدارة ترمب بالتراجع عن إصدار أي بيان قانوني بشأن ما حدث في عام 2017 للروهينجا.

وقالت إن المسؤولين في وزارة الخارجية كانت لديهم "رغبة في حماية علاقتهم مع أون سان سو تشي، وطبقوا وجهة نظر بين كبار صانعي السياسة، وهي أننا بحاجة إلى الحفاظ على علاقة مع النخبة السياسية في ميانمار لمواجهة الصين".

وتضيف المجلة أن هذا كله قد تغير منذ "الانقلاب"، حين استولى الجيش على السلطة في 1 فبراير 2021، وأطاح بالحكومة المدنية، واعتقل الزعيمة المدنية أون سان سو تشي.

العنف ضد الروهينجا 

كانت القوات المسلحة في ميانمار شنت عملية عسكرية في عام 2017، أجبرت ما لا يقل عن 730 ألفاً من الروهينجا، على مغادرة منازلهم إلى بنجلاديش المجاورة، حيث تحدثوا عن وقائع قتل واغتصاب جماعي وإضرام النيران عمداً. 

ونفى جيش ميانمار ارتكاب إبادة جماعية ضد الروهينجا، الذين حُرموا كذلك من حمل جنسية ميانمار، وقال إنه نفذ عملية ضد "الإرهابيين" في عام 2017.

كانت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة خلصت في عام 2018 إلى أن حملة الجيش تضمنت "أعمال إبادة جماعية"، لكن واشنطن أشارت في ذلك الوقت إلى الفظائع على أنها "تطهير عرقي"، وهو مصطلح ليس له تعريف قانوني بموجب القانون الجنائي الدولي.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات