جمدت فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية، إثر تحقيق بشأن تبييض أموال استهدف خمسة أشخاص بينهم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
وأعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" الاثنين، أن التحقيق استهدف خمسة مشتبه بهم بتُهم تبييض أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".
وأوضحت مصادر مقربة من الملف لوكالة "فرانس برس" أن هؤلاء الأشخاص الخمسة هم سلامة وأربعة من أفراد عائلته أو المقربين منه.
ذكر مدعون في ألمانيا أن حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة مشتبه به في قضية قالت وكالة الاثنين إنها أدت إلى تجميد أصول لبنانية قيمتها 120 مليون يورو (132 مليون دولار).
ولفتت وكالة التعاون القضائي الجنائي التابعة للاتحاد الأوروبي (يوروجاست) في بيان إلى أن الممتلكات والحسابات المصرفية المرتبطة بالأشخاص الخمسة صودرت في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورج وموناكو وبلجيكا.
وجاء في رسالة بالبريد الإلكتروني من الادعاء العام في ميونيخ أن بيان يوروجاست يشير إلى تحقيقات تخص الحاكم سلامة، الذي تخضع ثروته لتحقيق في ما لا يقل عن 5 دول أوروبية والذي اتهمته قاضية لبنانية الأسبوع الماضي "بالإثراء غير المشروع".
وأحجم متحدث باسم يوروجاست عن المزيد من التعليق، ورفض ذكر أسماء المشتبه بهم تماشياً مع قواعد عمل الوكالة.
اختلاسات بمئات الملايين
وسألت رويترز سلامة في رسالة نصية عن تجميد الأصول وعما إذا كانت له صلة بذلك، فقال إنه لا علم له بالأمر وسيتحقق منه. وسبق أن نفى الاتهامات الموجهة له، وسط تدقيق متزايد في فترة عمله حاكماً للمصرف المركزي والممتدة لثلاثة عقود تقريباً.
وشاركت "يوروجاست" في تنسيق اجتماعات بين الدول التي تحقق مع سلامة الذي يشتبه الادعاء السويسري بأنه اختلس نحو 330 مليون دولار مع شقيقه رجا، وفقاً لرسالة أرسلها المدعي العام السويسري إلى المسؤولين اللبنانيين العام الماضي.
وأكد دبلوماسي من إحدى الدول التي صودرت فيها الأصول أن هذه الخطوة مرتبطة بالتحقيقات مع سلامة وشقيقه.
وذكر البيان أن الأصول المصادرة تضمنت ممتلكات في هامبورج وميونيخ الألمانيتين بنحو 35 مليون يورو (38.4 مليون دولار)، ومجمعين عقاريين في باريس قيمتهما 16 مليون يورو (17.5 مليون دولار) وحسابات بنكية في موناكو قيمتها 46 مليون يورو (50.5 مليون دولار).
وأضاف "يُفترض بأن المشتبه بهم في التحقيق الرئيسي أبرياء حتى تثبت إدانتهم وفقاً للقانون".
وتتعلق القضية المتهم فيها رياض سلامة في لبنان بشراء وتأجير شقق في باريس، بعضها للمصرف المركزي.
وأنكر سلامة التهمة الموجهة إليه في لبنان الأسبوع الماضي، وقال إنه أمر بإجراء مراجعة أظهرت أن المال العام ليس مصدر ثروته.
"إثراء غير مشروع"
وأُلقي القبض على شقيقه رجا منذ أكثر من أسبوع في التهمة نفسها. ووصف محام لرجا سلامة الاتهام الموجه لموكله بأنه بلا أساس.
وسبق أن اتهم رياض سلامة القاضية غادة عون، التي وجهت الاتهامات له ولشقيقه، بتسييس القضايا.
وتلقى القاضية دعماً معلناً من الرئيس ميشال عون والتيار الوطني الحر الذي أسسه. ودعا التيار إلى الإطاحة بسلامة.
ولا يزال سلامة يحظى بدعم بعض من أقوى الأشخاص، ومن بينهم رئيس الوزراء نجيب ميقاتي الذي وجه الدعوة لسلامة لحضور جلسة مجلس الوزراء الأربعاء، فيما اعتُبرت على نطاق واسع علامة على الدعم.
وتأتي الجلسة قبل يوم من جلسة مقررة لقاضي التحقيق مع سلامة في تهمة الإثراء غير المشروع التي وجهتها له غادة عون.
بداية الإجراءات القضائية
والإجراء القضائي بحق سلامة انطلق بدعاوى قدمتها في باريس في أبريل، المؤسسة السويسرية "المحاسبة الآن" من جهة، ومن جهة أخرى منظمة "شيربا" غير الحكومية لمكافحة الجريمة المالية ومؤسسة "تجمع ضحايا الممارسات الاحتيالية والإجرامية في لبنان" التي أسسها عدد من المودعين في البنوك اللبنانية المتضررين من تبعات الأزمة المالية التي يشهدها لبنان منذ 2019.
ورياض سلامة هو أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم، ولطالما قلّل من أهمية الاتهامات التي تساق ضده، معتبراً أن لا أساس لها وتفتقر للأدلة.
ويشهد لبنان منذ عام 2019 انهياراً اقتصادياً غير مسبوق، صنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ منتصف القرن الماضي. ويترافق ذلك مع شلل سياسي يحول دون اتخاذ خطوات إصلاحية تحدّ من التدهور وتحسّن من نوعية حياة السكان الذين يعيش أكثر من ثمانين في المئة منهم تحت خط الفقر.
ويواجه سلامة، الذي كان يعدّ على مدى سنوات عراب استقرار الليرة، انتقادات إزاء السياسات النقدية التي اعتمدها طيلة عقود باعتبار أنّها راكمت الديون، إلا أنه دافع مراراً عن نفسه قائلاً إن المصرف المركزي "موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".
وعلّق بيار اوليفييه سور محامي سلامة في فرنسا الاثنين "سنستخدم كل الطعون المناسبة".